صديقي العزيز جدا، يترقب نهاية العام. يعقد اجتماعا مع نفسه. يعيد حساب ما جنى طيلة العام. يضع مؤشرات الدخل المتوقعة في السنة التالية. يضيف حسبة المصروفات. يفتح هامشا لحساب الأجيال بعد أن يقوم بعمل تقدير تقريبي لمصروفات الغذاء والكساء وإيجار السكن والنقل والعلاج ...إلخ. تعود صديقي العزيز أن يحسب كل شيء بالقلم والمسطرة. وهو يفرح بالعلاوة السنوية التي تنزل في راتبه، ويخطط أن يضيفها لاحتياطي الأجيال. هو دوما يجلس أمام أبنائه واعدا إياهم بأن السنة المقبلة أو السنة التي بعدها ستشهد تنفيذ فكرة امتلاك المسكن. لكن الأعوام تركض. وهو مستمر في إمساك القلم والورقة. يخطط ويدبر من أجل تحقيق هذا الحلم، وأحلام مؤجلة أخرى. أخيرا استطاع صديقي أن يتحدى المعوقات ويعاندها، وخطا خطوة من أجل امتلاك المنزل، بالتضامن مع زوجته. لكنه وجد نفسه محاصرا بملاحقات البنك الشهرية واستقطاعاته التي تقصم الظهر. كنت أسأل صديقي، أيهما أفضل، وضعك السابق كمستأجر أم وضعك الحالي كمالك لمنزل مرهون للبنك. ينظر صديقي في الأفق ويقول: لا هذه ولا تلك. أسأله: ماذا عن حساب الميزانية السنوية؟ قال: كل الحسابات خاطئة، الأسعار ترتفع ولا تنخفض، والأعباء تزيد. ثم قال مبتسما: حجم الدين العام يثقل ظهورنا، والغريب أن أي عوائد إضافية تتبخر فجأة في محاولة ترقيع ثقب الميزانية.