×
محافظة المنطقة الشرقية

مصرع وإصابة «9» أشخاص في حوادث الباحة

صورة الخبر

لم يفاجئني كشف أحد أعضاء لجان «المناصحة» بأن بعض من تمت مناصحتهم لا يؤدون الصلاة ومع ذلك يكفرون العلماء. كان لدي يقين وما يزال بأن الدين -بصورته وتعليماته الحقيقية- بعيد كل البعد عن أفكارهم التي نشأت وكبرت تحت طائلة المزايدات وحرف دلالات النصوص عن مساراتها لأغراض فئوية تخص هذا التنظيم الإرهابي أو ذاك. بمعنى آخر فإن من ذهب لما يسميه الجهاد وتحزم بالقنابل ليقتل نفسه وغيره من الأبرياء هو أصلا خارج (العقل)، والدين، أو التدين، لا يصح دون عقل. ما فاجأني أكثر من غيره، في كلام عضو لجنة المناصحة، قوله أن أغلبية السعوديين الموجودين في مواطن الفتن، أو أراضي فوضى الجهاد كما أسميها «لا يملكون معرفة بالحكم الشرعي لتأصيل مسائل الجهاد، ولا يفرقون بين مواطن الجهاد الأصلي ومواطن الفتنة، والتي من ضمنها الاقتتال بين المسلمين». إذا ماذا كنا نفعل كل هذه العقود في مدارسنا ومواطن الذكر الشرعي الذي كان يهدر كالسيل طوال سنوات الصحوة وإلى الآن.؟! هل يعقل أن شابا سعوديا تعرض لكل هذه الخطب والأشرطة والكتب وبرامج التلفزيون الموجهة ولا يعرف حتى يومنا هذا الفرق بين مواطن الجهاد ومواطن الفتن.؟! هذا السؤال، وغيره من الأسئلة المباشرة وغير المباشرة، تفرض علينا مراجعة طارئة وحثيثة لكل ما يصدر عن مدارس الوعظ الديني لتكون على مستوى التوقعات منها فيما يتعلق بالشباب وأفهامهم وتفريقهم بين حق وباطل وحسن وسيئ. ومثل هذه المراجعة لا تقتصر فقط على خطب الجمعة وساعات (الذكر) في المساجد والمراكز والمخيمات، بل إنها تجب فورا في مدارس التعليم العام التي أنتجت، حسب كلام العضو، شبابا لا يفرقون -على أساس شرعي أولا- بين الجهاد والفتنة. وما دام أن لجان المناصحة هي التي اكتشفت ذلك من خلال التصاقها ومحاوراتها لهؤلاء الشباب فلربما يجوز أن يوثق كل ما استمعت إليه منهم وما انتهت إليه من حواراتهم؛ ليمكن -على طريق وضع الحلول للتخلص من ممارسات التطرف والعنف- الانطلاق من قاعدة علمية لها أوصاف ومحددات واضحة للحالة الفكرية الملتبسة التي وصل إليها هؤلاء الشباب، ومفارقات هذه الحالة التي ينام فيها (المجاهد) عن الصلاة وهي عمود الدين ثم يصبح مكفرا للأنظمة والعلماء والمجتمع. في اعتقادي أن أفضل من يقوم بمهمة التوثيق هذه ولم شتات ما روي ونقل عن لجان المناصحة هو مركز الحوار الوطني الذي يمتلك القدرة على تشكيل فريق عمل لهذه المهمة وإخراجها بصورة علمية صحيحة يمكن أن يبنى عليها العديد من القراءات والإجراءات. والمهم هو، إذا حدث هذا التوثيق، ألا يكون حبرا على ورق أو يتبخر بمجرد وضعه على الرف.