خطر ببالي مقال اليوم بعد مقال الأمس الذي تحدثت فيه عن اختيار (صورة الوجه الضاحك) ككلمة العام في قاموس أكسفورد.. والحقيقة هي ان قاموس أكسفورد (البريطاني) ليس الوحيد الذي يتتبع الكلمات الجديدة والمؤثرة في اللغة الانجليزية.. فهناك أيضا قاموس ماكوراي الاسترالي، وقاموس ويبستر الأميركي اللذان يختاران بدورهما أهم الكلمات المؤثرة في نهاية كل عام.. ومنذ عام 2006 أصبح ويبستر الأميركي يعتمد على استطلاعات الانترنت لاختيار أكثر الكلمات تأثيرا واستعمالا.. وهذه الكلمات أو المصطلحات قد تكون جديدة أو محوّرة أو منحوتة أو امتلكت معنى مختلفا - أو ببساطة استعملت بكثرة غير مسبوقة في ذلك العام.. ففي عام 2003 مثلا ازدهرت كلمة ماتريكس matrix بفضل فيلم ناجح حمل نفس الاسم.. وفي عام 2004 تم ترشيح كلمة بلوغ blog بفضل العدد المتزايد من الناس الذين ينشئون مدوناتهم الخاصة على الانترنت. وفي عام 2006 اختار ويبستر كلمة غوغل google التي لم تكن معروفة سوى لعلماء الرياضيات ثم أصبحت فعلا يعني البحث في النت.. .. أما قاموس أكسفورد الانجليزي (الذي اختار في هذا العام أحد رسومات الإيموجي ككلمة العام) فاختار في العام الماضي كلمة فيب Vape بمعنى مزيف ولكن مكشوف أمره (وهي كلمة مشتقة من تدخين السجائر الإلكترونية المزيفة).. وفي عام 2013 اعترف رسمياً بكلمة Selfe التي تعني التقاط الانسان صورة لنفسه. وفي عام 2012 اختار كلمة Omnishambles التي أصبحت تعني (كل الخزي) أو الخزي الكبير.. ومن الكلمات التى واكبت عصر الانترنت اختار قاموس أكسفورد: Twitterati التي تعني مدمن وسائل التواصل الاجتماعي.. Unfriend التي تعني إزالة أو حذف من قائمة الأصدقاء.. Upcycle التي تعني إعادة التصنيع أو البرمجة بحيث يصبح أفضل وأسرع.. السؤال الذي يهمنا هو: ماذا أضفنا نحن للغتنا العربية؟ أين القواميس والمراجع الرسمية التي تهتم بضم الكلمات المستحدثة بين الناس؟ هل بدأت اللغة العربية في التقلص بسبب التراجع الفكري والانحسار الثقافي للشعوب المتحدثة بها؟ قارن بينها وبين التوسع المستمر للغة الانجليزية فقط.. في هذا العام أضاف قاموس أكسفورد 500 كلمة جديدة و900 كلمة محورة و2400 معنى جديد لكلمات قديمة.. ويقدر قاموس ويبستر أن هناك كلمة جديدة تخلق في اللغة الانجليزية كل 98 دقيقة ما رفع مفردات اللغة الانجليزية الى مليون كلمة عام (في مايو 2009) وإلى 1,022,000 (بنهاية عام 2013) ويقدر وصولها بنهاية هذا العالم إلى 1,040,000 كلمة.. والرقم قبل الأخير صدر من قسم الدراسات اللغوية في جامعة هارفارد ولا يبتعد كثيرا عن الرقم الذي قدمه محرك غوغل العملاق (1,019,729 كلمة) التي استخلصها من 15 مليون كتاب تم تخزينها في برنامج Google Corpus. وكلا الرقمين يفوق بنسبة الضعف اللغة الأسبانية التي تتحدث بها شعوب أميركا الوسطى والجنوبية، ويؤكدان أن اللغة الإنجليزية لم تصبح فقط اللغة الأكثر انتشاراً وعالمية بل والأكثر احتواء للفكر والإبداع البشري! .. على أي حال؛ لن أتورط أكثر في إجراء المقارنات (خصوصا أنني سبق وأن فعلت ذلك في مقال تجده على النت بعنوان: لماذا توقف لسان العرب؟) ولكن لاحظ أن القضية لا تتعلق بالقواميس أو عدد الكلمات، بل بمستوى الشعوب التي تقف خلف لغاتها الأصلية، ومقدار مساهمتها في النشاط العلمي والفكري لمجمل الجنس البشري.