أعاد مؤتمر السرياليون المصريون من منظور عالمي الاعتبار لجماعة الفن والحرية ولمرحلة في تاريخ الفن العربي تمتد ربع قرن، من خلال الأوراق البحثية التي قدمها باحثون على مدى ثلاثة أيام في القاهرة. وجاء المؤتمر جزءاً من مشروع توثيق حركة السريالية المصرية وتأصيلها، وستتم إقامة معرض متجول لرموزها، عام 2017 في الشارقة، ينتقل بعدها إلى مدن عدة حول العالم. توثيق وجسور تعاون في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، قالت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون إنه سيعقب المؤتمر إقامة معرض متجول بعنوان حين يصبح الفن حرية.. السرياليون المصريون يفتتح في الشارقة عام 2017، وينتقل إلى القاهرة، ثم يتجول المعرض في مدن عدة في أوروبا وأميركا الشمالية وآسيا. وأكدت الشيخة حور القاسمي على عمق علاقات التعاون بين الإمارات ومصر، مشيرة إلى التاريخ الحافل الذي يجمع بين الشارقة والقاهرة، وقالت إنه تاريخ من التعاون المشترك والعلاقات المثمرة التي كان العمل الثقافي والإنساني منطلقها وغايتها، الذي أسفر سابقاً عن الكثير من النتائج الحاسمة التي أكدت أهمية المشروع الريادي الذي تقوم به إمارة الشارقة في دعمِ وتطوير واقع الفن في المنطقة والعالم، وأهمية الدور الذي تقوم به جمهورية مصر كمحرك للوجدان العربي. وأوضحت أن المؤتمر يهدف إلى توثيق حركةَ الفن السريالي في مصر، معتبرة هذه الحركة تمثل واحداً من أهم فصول الحداثة منذ أواخر الثلاثينات وحتى مطلع الستينات في القرن الماضي. وأضافت أن هذا المؤتمر يأتي ضمن المشروع المتكامل لمؤسسة الشارقة للفنون، الذي تسعى من خلاله إلى دفع عجلة الفن إلى الأمام، والارتقاء بواقعنا الفني والثقافي، عبر إقامة الشراكات ومد جسور التعاون مع مختلف المؤسسات الفنية والثقافية عربياً وعالمياً، بحيث يمثل هذا المشروع الذي أقامته المؤسسة بالتعاون مع معهد دراسات الحداثة المقارنة بجامعة كورنيل، وبرنامج الثقافات البصرية بالجامعة الأميركية بالقاهرة إحدى ثمار هذا التعاون. الجانب التشكيلي ركز المؤتمرعلى الجانب التشكيلي في حركة السرياليين المصرية التي لم تحظ من قبل بتوثيق متكامل، وعرض المشاركون قراءات جديدة حولها. وتأتي أوراق المؤتمر بوصفها خطوة مهمة في توثيق مرحلة السرياليين المصريين، التي لم يوثق لها سوى كتاب السريالية في مصر الصادر عام 1986 للناقد سمير غريب الذي حضرت ورقته في المؤتمر، وغاب بسبب ظروف مرضه. شجرة سريالية عقدت جلسات مؤتمر السرياليون المصريون.. منظور عالمي في الجامعة الأميركية في القاهرة، وكان من اللافت وجود شجرة يمكن وصفها بأنها سريالية لتتوافق سريالية الفن وعنوان المؤتمر مع سريالية الطبيعة، وفق ما قاله أحد الحضور. معرض متجول 2017 ركّز مؤتمر السرياليين المصريين من منظور عالمي على تاريخ وتطور جماعة السريالية المصرية وعلاقتها مع نظيراتها في الغرب. ويأتي المؤتمر بوصفه جزءاً من مشروع كبير يعمل على توثيق واحد من أهم فصول الحداثة منذ أواخر الثلاثينات حتى أوائل الستينات من القرن العشرين، مبرزاً وجوهها المتعددة وامتداداتها واشتباكاتها على المستوى العالمي خلال القرن الماضي. وقالت الشيخة حور القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، إنه سيتم تنظيم معرض متجول بعنوان حين يصبح الفن حرية.. السرياليون المصريون في الشارقة، عام 2017، على أن ينتقل بعد ذلك إلى القاهرة ومدن أوروبية وأميركية وآسيوية. وستصدر المؤسسة كتاباً بجزأين، الأول يضم الأوراق البحثية والشهادات التي شهدها المؤتمر، ويمثل الجزء الثاني كتاب المعرض المتجول. وأكدت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، في ختام المؤتمر الذي نظمته المؤسسة، قدرة الفن على التغيير، معتبرة المؤتمر علامة ونقطة انطلاق جديدة في المشروع الثقافي للمؤسسة. وشددت في كلمتها الختامية على أهمية التخلي عن المفاهيم الضيقة في صياغة المستقبل، وأهمية قراءة مسارات الفنون لدى الرواد، من أجل بناء مستقبل متجدد، مؤكدة أهمية معرفة الماضي كي نستطيع صياغة تصور لمستقبل أكثر غنى في منجزه الإبداعي وفي طاقته التعبيرية، مستقبل نتشارك جميعاً في رسم ملامحه، وفي إغناء وتعميق محتواه الإنساني، خارج المفاهيم والانتماءات الضيقة. وقالت الشيخة حور القاسمي إن مبدعي السريالية المصرية استعانوا بالمخيلة لابتكار واقع أكثر جمالاً، واستعانوا بالكلمة والصورة الغرائبية لمقاربة واقع أكثر غرابة مما تستطيعه الرؤية، مضيفة أن هؤلاء الفنانين آمنوا بقدرة الفن على إحداث التغيير المطلوب، كما نؤمن نحن، وسعوا بكل إمكاناتهم لاستكشاف دواخلهم والتعبير عن إمكاناتهم الخلاقة، كما نسعى الآن لاستعادة نبضهم بكل ما أوتينا من قدرة، وإعادة الاعتبار إلى تلك المرحلة الغنية التي شهدها واقعنا الفني، والتي نؤمن أيضاً بأن تأثيرها لايزال مستمراً في إبداعات الأجيال اللاحقة. وأشارت إلى أن سيرورة الفن لا تعرف الانقطاع، إذ إنها متصلة، غير منفصلة، رغم ما تبدو عليه من انقطاعات وافتراقات. وتضمن المؤتمر الذي نظمته مؤسسة الشارقة للفنون في الفترة من 26 إلى 28 نوفمبر الماضي، بالتعاون مع معهد دراسات الحداثة المقارنة في جامعة كورنيل في نيويورك، وبرنامج الثقافات البصرية في الجامعة الأميركية في القاهرة، تناول حركة السريالية المصرية من منظور عالمي، وتتبّع مرجعياتها وتأثيراتها البصرية والفكرية والسياسية في الفن التشكيلي في مصر. وشارك في المؤتمر الذي أقيم في المبنى التاريخي للجامعة الأميركية في القاهرة 28 باحثاً في مجالات الفنون والتاريخ والآداب والنقد التشكيلي، تناولوا في أوراقهم شهادات وقراءات في مرحلة السرياليين المصريين (1938- 1965) ورموزها، والبيئة السياسية والفكرية والاجتماعية خلال بروز جماعة الفن والحرية. وكانت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيسة مؤسسة الشارقة للفنون، افتتحت المؤتمر الذي حضره مدير معهد دراسات الحداثة المقاربة في جامعة كورنيل، الدكتور صلاح حسن، والأستاذة المساعدة في قسم الثقافة البصرية، في الجامعة الأميركية في القاهرة، مؤسسة المركز الثقافي للفن المعاصر ممر 35، الدكتورة نجلاء سمير، وأستاذة الفنون التطبيقية في الجامعة، الفنانة والمؤرخة بهية شهاب، ومدير غاليري أفق الفنان إيهاب اللبان، وعدد كبير من النقاد والباحثين والفنانين، وجمهور كبير واظب على حضور الجلسات الصباحية والمسائية. وقال المؤرخ عماد أبوغازي في ورقته إن حركة الفن والحرية السريالية في الأربعينات، كانت جزءاً من حراك الأحرار من مثقفي العالم ومبدعيه. وأضاف أن الحركة ارتبطت بالحركات السياسية التقدمية في هذه الحقبة، وكانت أحد أشكال التفاعل بين مفكرينا ومبدعينا والتيارات الفكرية في العالم.وبحث جيرارد أشنغ في الأسباب التي جعلت السريالية والشيوعية تتناقض من منظور السرياليين في باريس. وقال لكنها محفزة لفنانين ومثقفين معنيين من المستعمرات الفرنسية الكاريبية. وقال مونيك بيلان السريالية التي تطورت بين الحربين العالميتين، تنادي بالحاجة إلى الحرية. وتحدث جون كولومبين عن كيفية استخدام رمسيس يونان السريالية باعتبارها مدخلاً إلى عالم أوسع من الإمكانات الخلاقة. أما كلير ديفيس فوضعت جماعة الفن والحرية في سياق النقاش حول ما يسمى بمناقشة الشرق/ الغرب السائدة في كل الأوساط الفكرية الفرنسية والمصرية، للفترة ما بين الحربين العالميتين. وأشارت أمينة دياب إلى أن إرث الحركة السريالية المصرية لايزال يثير جدلاً حول طبيعة وأصالة الحركة. وتناول مانثيا دياوارا مفهوم الواقعية البديعة الذي ابتكره الكاتب والمفكر الكوبي أليخو كاربنتير. وقال الفنان عادل السيوي لا يمكن قراءة المنتج الفني للسريالية بشكل عام إلا داخل إطار الحداثة الفنية، أما المنتج الفني للسريالية المصرية فلا يمكن الاقتراب منه خارج سياق حركتين هما السريالية العالمية بقلبها الفرنسي، والحركة التشكيلية المصرية بقلبها القاهري. وتحدثت تيري غايس عن نص الفن السحري الذي كتبه أندريه بريتون في العام. الشاعر ومحرر عام مجلة الكتابة الأخرى هشام قشطة، تناول في ورقته قراءة في مجلة التطور التي أصدرتها جماعة الفن والحرية. وقال إن الأبعاد الثلاثة للمجلة الفكرية والفنية الأدبية والسياسية كانت تصب كلها في بوتقة حلم أعضاء هذه الجماعة، نحو تغيير جذري لمحيطهم الثقافي والمجتمعي؛ ذلك الحلم الذي كان يتسق ورؤاهم حول تغيير العالم. كما أكد قشطة على الدور الريادي الذي اضطلع به أنور كامل. أما ورقة سمير غريب فذكرت أن جورج حنين أورد صراحة كلمة سريالية في مصر لأول مرة، في عام 1935 في مجلة أون أيفورت.وتناولت ماريا غوليا ملاحظات على التصوير الفوتوغرافي والسريالية في مصر. وتحدثت هالة حليم عن أثر السريالية المصرية في نصوص إدوار الخراط. في حين تناول الدكتور صلاح حسن قراءة في سيرة وإبداع الفنان كمال يوسف بوصفه شاهداً. وقال إن يوسف بقي وفياً بثبات لروح (جماعة الفن والحرية) الأممية، التي عرض معها في أيام شبابه بناء على دعوة من جورج حنين، وجماعة الفن المعاصر، وهي جماعة الرواد الأخرى التي ساعد في تأسيسها. وأضاف ينظر هذا البحث في كمال يوسف باعتباره (كبسولة الزمن)، وباعتبار أعماله (الشاهد) على أحداث شبه ملحميّة. وناقش باتريك كين في ورقته السريالية المصرية والفن في سياق التاريخ السياسي والاجتماعي المصري منذ الثلاثينات حتى الستينات. وقال إن الفحص الدقيق للأزمات داخل المجتمع المصري منذ الثلاثينات وحتى الأربعينات أجبر المثقفين المصريين على إعادة صياغة أنفسهم وفنهم، وتحديداً خلال الصراع بين الدولة وعلاقاتها مع كبار ملاّك الأراضي والفلاحين، وكان السرياليون المصريون من أوائل من أدركوا دورهم كمثقفين جدد، والذين أجبرهم عملهم كمعلمي فن في المناطق الريفية والمؤسسات الجديدة، على التشكيك في سلطة الدولة ومطالبها على الفن والمجتمع. وتحدثت منى خازندار عن جورج حنين بوصفه رائد السريالية في مصر، وقالت إنه لم يكن مجرد الريادي في السريالية في مصر فحسب، لكنه أيضاً عزز مبادئها في حياته، سواء في كتاباته، أو في خياراته السياسية والفنية. وتناول مالك خوري قراءة في فيلم إسكندرية كمان وكمان، للمخرج يوسف شاهين. وتحدث ديدييه مونسيو عن التيار السريالي ضمن المشهد الثقافي في مصر، وجماعة الفن والحرية. وتناول الهوية السياسية لهذه الجماعة، كما ناقش طبيعة علاقاتها مع سياسة اليسار الراديكالي. أما مايكل ريتشاردسون فتناول ارتباطات السريالية مع مصر القديمة. وتحدثت أليكسندرا سيغيرمان عن جماعة الفن والحرية في مسار أكبر من حركة الفن المصري الحديث، واعتبرت السريالية في مصر كانت رد فعل ضد الفن القومي والسياسة على حد سواء في الداخل والخارج.وسلطت مي التلمساني الضوء على كامل التلمساني، أحد أبرز الفنانين السرياليين باعتباره الرسام والناقد والمخرج السينمائي. كما تحدث محسن ويفي عنه سينما كامل التلمساني من خلال فيلم السوق السوداء.