تحتل المسلسلات الكوميدية الخليجية والسعودية خاصة مساحة واسعة من شاشات الفضائيات في شهر رمضان، ويتناول معظمها أهم قضايا المجتمع في قالب كوميدي، يميل غالبًا إلى أسلوب النقد البحت. لأعوام عديدة اسْتَقتْ مسلسلاتنا الكوميدية مادتها من همومنا وقضايانا، إلاّ أنها افتقرت في طرحها إلى التنوّع، الذي يشغل المشاهد ويستقطبه، وهذا بحد ذاته أضعفها وأفقدها أحقية المنافسة والوقوف على خط واحد مع آخرين سبقونا بمراحل في هذا النوع من الدراما الكوميدية. من فوق منصة العبث الذي شاع في بعض مياديننا، اعتمر كتاب الكوميديا السعودية أسلوب النقد وكشف المستور الذي غلب على واقعه الفعلي الكثير من التسطيح، وتفكك الحبكة الدرامية، وترامي عناصرها وأطرافها. حين تتابع تاريخ الكوميديا السعودية تجد أنها خرجت من دائرة واسعة -كان من المفترض أن تهدف إلى التسلية- إلى دائرة ضيقة من الإغراق في الشطح مرة باسم العادات والتقاليد، وأخرى باسم الحقوق والواجبات. نأتي إلى مسلسل "أبوالملايين"، هذا المسلسل بالرغم من أنه حصل على إشادة الكثير من المتابعين له، إلاَّ أنه وبعد أن استمتعنا به عدة حلقات تَكَبْكَبَتْ فوق رؤوسنا الأحداث من كل حدب وصوب. وخير اللهم اجعله خيرًا، صحونا ووجدنا أنه فجأة -وبلا أي مقدمات- قذفت بنا صفقة الأسلحة المشبوهة من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال، ليكتشف المشاهد أنه كان غلطان تمامًا، وما يراه لم يكن سوى مسلسل آخر لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بمسلسل أبو الملايين ذاك!! حشر الأحداث وتسارعها، والقفز من حدث إلى آخر دون ترابط أو تهيئة له، هل كان القصد منه الضحك من أجل الضحك، غصب يعني؟! أم السخرية والتهكم؟! وهل السذاجة والتخلف والغرائزية التي يبيع الرجل من أجلها مبادئه وقيمه بامرأة، هي فعلا واقع حالنا؟! مرصد.. بالرغم من أن المسلسل جمع قطبين من أقطاب الكوميديا الخليجية.. أتساءل: هل انتهى الحال بالكوميديا عندنا إلى أن قفزت من الدائرة بالمقلوب؟!