×
محافظة الحدود الشمالية

عام / مكتب العمل بعرعر يضبط 15مخالفاً لنظام العمل والإقامة

صورة الخبر

القارئ للتاريخ يعلم بأن جزيرة البحرين هي جزء من الأقليم الكبير، ولم يسجل التاريخ ديانات الذين كانوا على هذه الأرض سواء رسالة ملك أقليم البحرين المنذر بن ساوا التميمي التي أرسلها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال بأن البحرين فيها مجوس ويهود، فالتاريخ سجل لهذه الجزيرة (البحرين) مجموعة من الحضارات (دلمون وتايلوس وأوال) ولعل مقابر عالي أكبر شاهد على هذه الحضارات. لقد جاء مؤتمر (تاريخ التسامح الديني والمذهبي في البحرين) ليتحدث عن تاريخ التسامح والتعايش على أرض البحرين، بعيدا عن الدخول في المعتقدات التي تحتاج إلى العلماء والفقهاء للحديث عنها، من هنا اجتمع أتباع الديانات، المسلمين باختلاف مذاهبهم وشاركهم الأقليات من الديانات الأخرى، النصارى واليهود والبهائيون والبهرة والهندوس والبوذا وغيرهم، وقد جاء ذكرهم في محكم التنزيل: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابؤون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) المائدة: 69، فقد كان مؤتمرا للتأكيد على أن التسامح هي قيمة تاريخية تحلى بها أبناء هذا الوطن وهم يقبولون الاخر المختلف معهم، فقد فتحوا قلوبهم قبل بيوتهم معهم، وما منطقة العاصمة (المنامة) إلا دليل على هذا التنوع الديني والمذهبي. لقد جاء مؤتمر التسامح الذي نظمه مركز عيسى الثقافي ليؤكد على مساحة الحرية الدينية والمذهبية التي يتمتع بها من يعيش على هذه الأرض، مواطنين ومقيمين ووافدين، وعلى مفهوم التسامح كوعي إنساني جميل، ولا يمكن بحال من الأحوال تحقيق النتائج المرجوة إلا بالعمل سويا لتحويل الشعارات إلى ممارسات، ومن التنظير إلى التطبيق، فالمنطقة اليوم تشهد حالة من التأجيج الطائفي والاصطفاف الديني والمذهبي، فقد طغت فيها الماديات على معاني الإخاء والحب والإيثار، وظهرت صور العنف والتخريب والتدمير، رغم أن جميع الديانات والمذاهب والثقافات تدعو للتسامح والتعايش، فالعالم اليوم مطالب بالعمل سويا لمواجهة هذا الداء، ويتحمل رجال الدين المعتدلون ومحبو السلام من قادة المجتمع مسؤولياتهم. لم يكن المجتمع البحريني بحاجة لإقامة مثل هذه المؤتمرات (التسامح) لولا ما تشهده المنطقة من اصطفاف طائفي، فالبحرين عبر تاريخها الطويل تتمتع بخصوصية حضارية فريدة، فقد عاش على أرضها أتباع الديانات والمذاهب والثقافات، الإسلام واليهودية والمسيحية والهندوس والبوذا والبهائيون والبهرة وغيرهم، عاشوا جميعا في حب وتسامح وتعايش ومصير مشترك، وعملوا في التجارة والصناعة وغيرها، أئتمن بعضهم على أموال بعض دون النظر إلى ديانة الآخر أو مذهبه، فكان ذلك المزيج الديني والمذهبي والثقافي سببا للانفتاح على العالم، ولمن شاء فليتأمل في دور العبادة المنتشرة بالبحرين، مساجد ومآتم وكنائس ومعابد، وهذا دليل كبير على الحرية الدينية التي يتمتع بها أتباع الديانات. العالم اليوم يشهد حالة من العنف والإرهاب والإجرام مما أفرز مجتمعات متصارعة متقاتلة، الأمر الذي يحتاج إلى مؤتمرات وحوارات مباشرة للخروج من هذه الحالة وتعكس الصورة الحقيقة للمجتمعات الإنسانية، رغم أن الإسلام قد أكد على وحدة العنصر البشري حين قال: (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) النساء: 1، وجاءت الدعوة للتعايش والتسامح لجميع الناس دون النظر إلى معتقداتهم ومذاهبهم وثقافاتهم كما في قوله تعالى: (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) الحجرات: 13، فالاختلاف بين الناس ليس سبباً للعنف والقتل والتخريب، بل يجب أن يكون سبباً للتعارف والتآلف والعمل المشترك، لذا قال تعالى: (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين* إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم) هود: 118ـ119، وقد التزم أبناء هذا الوطن بهذه القيمة الإنسانية التي دعا لها الإسلام وأكدتها الديانات والثقافات الأخرى.