حوار- منال عباس: حذرت الدكتورة منى الخليفي مدير إدارة الاستشارات بمركز الاستشارات العائلية، من اللجوء إلى الاستشارات العشوائية بين الأصدقاء والأقارب والجيران لحل المشاكل الأسرية. وقالت في حوار مع الراية: النصائح غير القائمة على خبرة ودراسة وحيادية تتسبب في تدمير الحياة الأسرية. وأكدت ضرورة تعامل المرأة بذكاء وحكمة عند اكتشاف خيانة زوجها لها عبر برامج ومواقع التواصل الاجتماعي مثل الـ WhatsApp وFacebook . وقالت: نطالب الزوجة بالصبر على تلك المشكلة.. فلو كل زوجة طلبت الطلاق لأن زوجها يخونها عبر الواتس آب أو الفيس بوك ستهدم المئات من الأسر، لذلك نقوم بإرشاد الزوجة على احتواء المشكلة واستعادة زوجها .. وفي كثير من الأحيان تتفهم الزوجات ذلك وتتقبل الحلول ، وأحيانا يرفضن بحجة الكرامة. وأشارت إلى أن المركز يكفل سرية المعلومات فيما يختص بالأشخاص والمعلومات التي ترد إليه، لافتة إلى أن الاستشارات التي يتلقاها المركز تتصدرها شكاوى انشغال الزوج وسوء معاملته للزوجة، وكذلك الشك في الزوج وكيفية التعامل مع اكتشاف الزوجة لخيانة الزوج أو معرفته بسيدة أخرى، وعدم تحمل الزوج للمسؤولية وإهماله في متابعة الزوجة والأبناء ، وأخيرا الاستشارات الخاصة بالعلاقة الحميمية التي تعتبر مفتاح الحياة الزوجية. وأكدت أن الإرشاد الأسري ليس مهنة من لا مهنة له، لافته إلى أن هناك ضوابط ومعايير وخبرات خاصة يجب توافرها في المرشد الأسري. وأشارت إلى أن نقص الكوادر المؤهلة للإرشاد الأسري بمركز الاستشارات العائلية وراء عدم الرد على بعض الاستشارات الهاتفية لافته إلى أن العدد المتوفر يركز على حل المشاكل الأسرية عبر المقابلات الشخصية ، فيما تحال الاستشارات الإلكترونية للرد عليها من منازلهم. وكشفت عن تلقى المركز بعض الاتصالات الوهمية لسيدات يحترفن الشكوى لأسباب تافهة دون تكبد عناء التفكير في حل مشاكلهن البسيطة، لافتة إلى سعى المركز لتأهيل أصحاب الاستفسارات لحل مشاكلهم المستقبلية دون اللجوء للمختصين. وأشارت إلى أن الانفتاح الثقافي والفكري ساهم في ظهور العديد من المشاكل الاجتماعية والنفسية التي تهدد استقرار الأسرة .. وفيما يلي تفاصيل الحوار: > ما الخطة التي تعمل الإدارة الآن على تنفيذها؟ - نعمل وفق جملة من الخطط التي يتم تنفيذها بشكل متوازٍ، ومن بينها خطط علاجية ، ووقائية، من إدارة البرامج والأنشطة ، وتقديم الاستشارة والعلاج > كيف يمكن أن تعين معايير الدليل الإرشادي التي تم تدشينها مؤخراً كتطبيق عملي في إدارتكم؟ - هذه المعايير تعتبر الخطوط البيضاء التي توضح حدود مسارات العمل، بحيث لا يكون هناك انحراف عن المسار الصحيح ، وأي عمل لا بد أن يتم وفق معايير وإجراءات وآليات ، ودليل الإرشاد الأسري سيقوم بهذا الدور من خلال مركز الاستشارات العائلية. > وما خطوط سير الاستشارة ؟ - طالب الاستشارة يقوم بمراجعة الادارة وهي بدورها تقدم الاستشارة ، وفق معايير محكمة في مجال الإرشاد، وبما أنني كنت في يوم من الأيام مرشدة أرى أن أهم معيار لابد من أن يضعه المرشد أمام عينه هو السرية، بالإضافة إلى معايير الجودة ، وكيفية التعامل مع الأسرة ، حتى يمكن الوصول بها إلى بر الأمان ونؤكد أن مهنة الإرشاد ليست مهنة من لا مهنة له، ولايمكن باستطاعة أي شخص العمل في مجال الإرشاد الأسري ، ويمكن أن يقوم أي شخص بدور الناصح ، وليس المرشد ، ودوما أوصف عمل الإرشاد بأنه كالسفينة التي تسير في البحر وفي الظلمة، والإرشاد يشكل المنارات التي تسترشد بها السفن، والأسرة هي السفينة ربانها الأب، والمساعد هي الأم ، والركاب هم الأبناء، ولابد من التعاون بين الربان ومساعده في قيادة هذه السفينة وإدارتها بشكل جيد حتى لا تغرق، سيما أننا في مجتمع منفتح تدخل يومياً علينا الآلاف من الثقافات والأفكار الغريبة، بمساعدة التكنولوجيا، فالأسرة في خطر ولابد أن يعمل جميع أفراد المجتمع على حمايتها بما في ذلك أفراد الأسرة نفسها، و ذلك راجع لأسباب الانفتاح وغزو الثقافات. > هل تعملون على تصنيف الاستشارات ؟ - أي استشارة ترد فهي محل اهتمام، باعتبار أن أي شخص يرى أن مشكلته مهمة وتستحق النظر إليها بعين الاعتبار، وكل مشكلة تعتبر كبيرة عند صاحبها، وعلى المستشار التبصير وتخفيف حجم المشكلة حتى يستطيع التعامل معها. > هل تستطيعون الرد على كل الاستشارات التي ترد إليكم ؟ نسعى لاستيعاب جميع الاستشارات إلا أنفريق العمل مازال قليلا، وبالتالي يمكن عدم الرد على 15- 20 حالة، وذلك لأسباب بسيطة أولها، أن مركز الاستشارات هو الجهة الوحيدة المختصة بهذا المجال ، وقلة الكادر العامل والمتدرب على هذه المهنة، سيما أن المرشد عليه استقبال الاستشارة الهاتفية ، وأيضاً استقبال الشخص الذي يطلب الخدمة بنفسه ، وفي كل الأحوال تستغرق كل حالة من ربع إلى نصف ساعة ، وفي كثير من الأحوال نقوم بتأجيل الاستشارات الالكترونية والتفرغ للاستشارات الهاتفية والشخصية ، بحيث يمكن الرد عليها بعد الرجوع إلى المنزل. وبالتالي يتعذر الرد لعدم تفرغ المرشدين وانشغالهم باتصال آخر. > هل كثرة الاتصالات يرجع للتوعية بوجود الخدمات الاستشارية أو لكثرة المشاكل الأسرية؟ - يمكن للجانبين، وبالفعل هناك وعي بضرورة الاستفادة من الخدمات الاستشارية والتي تسهم في استقرار الحياة الأسرية، وعدم اللجوء للاستشارات العشوائية سواء من أخت أو صديقة أو جارة ، ونشير إلى أنه عند اللجوء للأخت أو الصديقة في طلب الاستشارة بلاشك لن تكون محايدة وستميل للجانب الأقرب، وبالتي ستعطي صديقتها الاستشارة التي ترضيها ، إلا أنه عند اللجوء للمختص لا توجد علاقة بين الطرفين ، وبالتالي يستطيع الحكم بطريقة محايدة ، بعد دراسة سيكلوجية الجسد وتحليل الشخصية ، والاستماع أيضا للطرف الآخر ، لهذا نؤكد أن الاستشارات العشوائية بين الجيران والأصدقاء يمكن أن تدمر حياة أسرية ، كما أن المرشد نفسه يجب عدم التدخل في مشكلة أخيه أو أخته وعليه تحويل الحالة لزميل آخر ، ليكون الحكم فيها بطريقة صحيحة دون أي تعاطف من الطرف الأقرب ، أو الانحياز له ، وبالتالي فإن الطرف المحايد الذي لا يعرف شيئا عن طرفي المشكلة سيكون هو الأجدر بالتوصل للحل. > هل ترد إليكم اتصالات وهمية؟ - نعم كثير، وفي سنة من السنوات كنت استقبل يوميا مكالمة من سيدة واحدة تتخذ لنفسها كل يوم اسم جديد بمشكلة جديدة ، لدرجة أنني أصبحت أعرفها من نبرة صوتها، إلا أنني كنت أسايرها ، في نهاية الأمر كشفت أمرها وقلت لها: هل أنت أم ناصر؟ أم أمّ علي؟، أم أمّ محمد؟، وهنا اندهشت واعترفت ، وبسؤالها تبين أنها من الشخصيات الاتكالية التي لا تتعب نفسها بالتفكير، فإذا كان الزوج عصبيا تشتكي ، وإذا لم تعمل الخادمة الطبيخ تشتكي، وإذا أم زوجها صمتت عنها تستكي دون أن تتعب نفسها لمعرفة سبب هذا الصمت، والاستشارات الهاتفية لا تطلب بيانات شخصية ، غير الاسم ، وذلك لتوثيق الاستشارة ، وبالتالي نحن نقوم في المركز على تدريب الأسر على مهارة حل المشكلة دون اللجوء للمركز ، خاصة مثل هذه الحالات التي ذكرت كأمثلة . > ما حجم مشاكل الخيانات الزوجية عبر برامج الاتصالات وشبكات التواصل الاجتماعي؟ - نعم هي كثيرة، ونسعى دوماً لعدم الإفصاح عنها حتى لا تصبح عادة طبيعية، وتعلمت من خلال خبراتي عدم الاعتراف بحجم المشكلة والترويج لها حتى إذا كانت موجودة، لكي لا يستسهلها أفراد المجتمع وتكون ظاهرة طبيعية ، لذلك نعمل بمبدأ عدم إبراز المشاكل الاجتماعية التي لا تصل إلى حد الظاهرة وفي نفس الوقت نعمل على معالجتها والوقاية منها، والخيانات موجودة بكل أنواعها، وترد إلينا استشارات من هذا النوع. > كيف يتم التعامل مع هذا النوع من المشاكل؟ - نطالب الزوجة بالصبر على المشكلة باعتبار أن كل واحدة إذا طلبت الطلاق لأن زوجها يخونها في الواتس آب أو الفيس بوك ستهدم المئات من الأسر، لذلك نقوم بتعليم وتدريب الزوجة على مهارات إرجاع الزوج مرة أخرى للبيت ولزوجته، واحتواء المشكلة حفاظا على استقرار الأسرة خاصة أن مثل هذه السلوكيات يصعب اكتشافها وإثباتها في ظل إنكار الزوج ، وفي كثير من الزوجات تتفهم ذلك وتتقبل الحلول، وفي الجانب الآخر هناك من يرفضن ذلك بحجة الكرامة ويصررن على طلب الطلاق وما يتبعه من مشاكل أسرية تقع على كاهل الزوج والزوجة والأبناء. ورصدنا حالات لزوجات تعاملن بحكمة عند اكتشاف خيانة أزواجهن مع أخريات عبر حوارات تمت عبر الواتس آب أو الفيس بوك وغيرها من برامج الدردشة والتواصل الاجتماعي ، فكسبن عودة رجالهن وهم أكثر حباً وتعلقاً بأسرهم ، وهناك من يعودون بعد إصابتهم بأمراض أوهزيمة أو أي شيء من هذا النوع، ويرجعون باطمئنان معتقدين أنه لا أحد يعلم بما فعله من خيانات ومشاكل ومانتج عنها ، في حين أن هذه الزوجة تعلم بكل شيء وتعاملت مع المشكلة بصمت بمساعدة المركز، وهذا ما يسمى بالهدوء الآمن ، على عكس أؤلئك الذين يعودون لأسرهم بفضائح وتشهير. الزوجة مفتاح الأمان الأسري قالت د. منى الخليفي: هناك سيدات هن السبب خاصة فيما يتعلق بالعلاقة الحميمة، ونشير إلى أن الزوج يتعرض لمغريات شديدة في الخارج، وبالتالي نؤكد أن الزوجة هي مفتاح الأمان الأسري. وأضافت: أثبتت الدراسات أن العلاقة الحميمة هي مفتاح السعادة الزوجية، فإذا كانت هذه العلاقة جيدة فإنها ستحتوي أي مشكلة أخرى، وسيتعامل معها الطرفان بهدوء، أما إذا كانت غير مرضية للطرفين، فإن المشاكل ستشتعل داخل الأسرة لأبسط الأسباب، وفي النهاية ينتج عنها هروب الزوج. سلبية الأزواج تتصدر شكاوى الزوجات حول أهم المشاكل التي ترد لمركز الاستشارات العائلية تقول مدير إدارة الاستشارات: الاستشارات التي تردنا كثيرة ومتنوعة منها الزواجية فيما يختص بالانشغال المستمر للزوج ، وعدم تحمل المسؤولية ، ووصول الأم لمرحلة التعب بحيث إنها أصبحت لا تتحمل عبء التربية وحدها ، خاصة أن الطفل كلما كبر يحتاج لوالده، والمشكلة هناك نساء هن من يسحبن البساط من تحت قدمي الرجل، خاصة تلك التي تحمل الصفات القيادية من بيت أهلها، وبالتالي تقوم بكل أدوار الرجل ، وعندما تتعب تأتي لتوقع عليه اللوم، وفي المقابل هناك زوجات يحملن الأزواج أبسط الأشياء حتى لايعتادون على ذلك، ونؤكد أن الرجل إذا قامت المرأة بكل أدواره يشعر بالسلبية فيقوم بالبحث عن هذا الدور بالخارج، ونستطيع القول أن الحياة الأسرية شراكة يجب أن يقوم كل طرف بدوره بكل تفاهم، كما يجب إشراك الطفل أيضا حتى يعتاد على تحمل المسؤوليات منذ الصغر.