في حديقة هذا المساء الموارب أبذر خطوي وحيدا، ولا أتلفت خلفي، ولا أترقب ما ستجيء به الريح نحوي، ولا أتساءل كيف ستبدو النهاية (لا شأن لي بالنهاية ما دمت حيا) وسط هذا الضجيج الذي يتراكم حولي كالرمل أصغي إلى وقع نبضي، وأذرع دربي مبتهجا بالهواء الذي يتسلل رغم الغبار الكثيف إلى رئتي، وأرصد نافورة من مشاهد ما فتئت تتوالد في مقلتيا تراودني الآن شهوة أن (أتشاقى) وأطلق ساقي للريح: أركض، أركض..حتى أعود كما كنت، قبل ثلاثين عاما من السنوات التي تركت وسمها فوق ظهري، صبيا وحين يمد الظلام سرادقه، وتغور النجوم سأسحب ظلي الذي لا يراه سواي ورائي وآوي إلى رحم الليل إذ أتلاشى رويدا رويدا بعتمته الأبدية حتى كأني ما كنت من قبل شيئا