كثيرة هي الأسئلة المعقدة في الواقع العربي بالغ الصعوبة وشديد التعقيد التي تبحث عن إجاباتٍ تقنع العقل العربي المعاصر. ومن آخرها سؤال جديد ومحير عن سر التدخل الروسي في الملف السوري، وهل هو كما يظهر منه لحماية حليف عربي ونظام آيل للسقوط؟ إن عبور الدب الروسي في سمـاء الشرق الأوسط بكل صفاقة وجرأة واستكبار لهو منعطف خطير في السياسة الدولية المعاصرة، فالأطماع الروسية لم تعد خافية على أحد مما يزيد المشهد العربي تعقيدا وانفجارا ويضيف عبئا سياسيا كبيرا على القادة العرب. مسرحية مكافحة الإرهاب الداعشي التي كتب مشاهدهـا الأميركان وفاجأهم الروس في منتصف المسرحية بمشهد ساخن خارج النص بقبلة روسية في خد بشار أثار امتعاض الولايات المتحدة. دخول روسيا على الخط الأميركي والتشويش على السماء العربية التي لم تعد صافية منذ أمدٍ بعيد يعدُّ تطورا خطيرا ينذر بشرور قادمة ورياح عاتية. يحاول الروس استعادة أمجاد غابرة واستعراض القوة بصواريخ كروز كرسائل واضحة، وتأكيداً لعدم استفراد الغرب بالقصعة واقتسام الكعكة ـ الجاهزة لحفلة رأس السنة ـ مع الأميركان في زمن التقسيم ومشروع الشرق الأوسط الجديد وتحويل المنطقة العربية لحقل تجارب للتقنية الروسية. لقد أصبح تنظيم داعش شماعة تعلق عليها الدول الكبرى تدخلاتها وتغولهـا في الشرق الأوسط وتثبيت أقدامها بكل قوة كما تفعل روسيا اليوم في أرض عربية، وهو مشهد مخيف يخلط كل الأوراق ويعقد المشهد العربي ويثير سحباً ركامية كبيرة في سماء العرب التي لم تعد صافية ولن تعود في المستقبل المنظور، وستبقى الصورة رمادية لمستقبل كئيب، فخيوط اللعبة رغم كونهـا مفضوحة ومكشوفة أصبحت متشابكة تشابكا كبيرا وخطيرا. إنه زمن الأسئلة الصعبة والمعقدة في عالمنا وستبقى أجيال الشباب العربي زمناً طويلاً تسأل وتحاور وتحاول فك الألغاز والبحث عن إجابات شافية أو على الأقل مقنعة للجيل الجديد، لما حدث ويحدث في وطنٍ عربي مثخنٍ بجراح الخلاف والفرقة والتقسيم والعنف والإرهابي الدولي.