"بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وتزايد الإرهاب الدولي وتمدده في كل مكان، علينا أن نتعلم المزيد عن الأسباب الحقيقية للإرهاب"، هذه خلاصة ما خرج به الكاتب الصحفي الأميركي، ديلان تشارلز، في التقرير الذي حمل عنوان "6 حقائق مؤلمة للحرب على الإرهاب". تتصدر هذه الحقائق، أن الضحية الأولى للحرب هي "الحقيقة"، حيث إن مواجهة الإرهاب، التي بدأت مع الألفية الثالثة، لم تكن أبدا لضمان أمن الأميركيين في الداخل والخارج، وإنما كانت نتيجة أخطاء سياسة واشنطن بالشرق الأوسط الكبير. ومنذ البداية فقد تمت هندسة الصراع لزعزعة استقرار معظم الدول المنتجة للنفط في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلا عن إنشاء أقاليم خارجة على القانون الدولي، عن طريق تطوير جيوش المرتزقة التي يسيطر عليها الغرب، مثل داعش، لحماية إسرائيل في المنطقة، أضف إلى ذلك زعزعة الاستقرار في أوروبا، وتعزيز الوصول إلى أسواق الخشخاش بأفغانستان، ومعاقبة الدول التي تجرأت على تحدي النظام المصرفي للدولار كعملة عالمية، مثل الصين. السيطرة على المجتمعات تعد الحرب على الإرهاب بمثابة "تغيير جذري" في الإطار القانوني للحكومات الغربية والسماح بمزيد من المراقبة والسيطرة على المجتمعات وعسكرتها دفعة واحدة. والهدف هو توسيع سلطات الدول وقدراتها على التدخل، باستخدام فزاعة الإرهاب والتخويف من امتداد أذرعته، وبالتالي فإن أي معارضة أو تحديا للدولة أو للشركات العالمية "بحجة الحفاظ على حقوق الإنسان والحريات والمحافظة علي البيئة" تطبق عليه قوانين الطوارئ، دون اتباع الإجراءات القانونية العادية أو الحماية التي يوفرها الدستور في الولايات المتحدة الأميركية. إنشاء أسواق جديدة شكلت القضية فرصة لإنشاء أسواق جديدة لصناعة الأمن والترويج لها، وفتح مصادر جديدة لأثرياء الحرب وصانعي الأسلحة، بحيث تضمن الأقلية الثرية الاستفادة من استمرار حالة الحرب والخوف والتدمير، ولعل من المفارقات الصاخبة أن الدول الغربية التي استثمرت بكثافة في الحرب على الإرهاب، هي أكثر الدول مشاركة في صناعة الأسلحة في العالم، ومنها فرنسا المصدر الأول للأسلحة في دول الشرق الأوسط وأفريقيا. التطرف صناعة غربية أسوأ أعداء الغرب الإرهابيين هم صناعة حكومات في أوروبا وأميركا، ومعظم المتطرفين تم تمويلهم وتدريبهم في الأصل من قبل وكالة الاستخبارات المركزية لمحاربة الاتحاد السوفييتي السابق في أفغانستان، نهاية سبعينيات القرن العشرين، حتى مسمى "القاعدة" هو من اختراع الغرب. إطالة أمد الحرب تلعب وسائل الإعلام الغربية دورا حاسما في إطالة أمد الحرب على الإرهاب، لاسيما المملوكة للشركات العابرة للقوميات، التي تنتقي أعمالا مختارة من الرعب والترهيب لرموز يمكن استخدامها مرارا وتكرارا، لتعزيز الحرب على الإرهاب. كما تلعب دورا ثانويا في الحفاظ على مستوى معين من التوتر والإجهاد، دون توقف، والإفراط في شد انتباه الجميع لما سيأتي من الأسوأ وتوقعه على الدوام، حتى يحدث الأثر النفسي المطلوب مع كل حدث جديد. زيادة الوعي تسببت ظاهرة الإرهاب في تحويل الناس إلى مشاركين متواطئين وراغبين في حالة من الفوضى والقتل. لا يولد أحد إرهابيا وإنما يصنع كإرهابي، الحرب على الإرهاب سوف تنتهي حين يرتفع الوعي العالمي بطبيعة الظاهرة: جذورها، وأسبابها، وأهدافها غير المعلنة، والأمل الوحيد في ذلك، هو أن نتحدث علنا عن المسكوت عنه في الحرب على الإرهاب. تغيير السياسات الهدف من استمرار الحرب على الإرهاب هو انتزاع الموافقة الشعبية على المزيد من الإجراءات المقيدة للحريات، والتغييرات السياسية والقانونية والعسكرية، فقد استطاع التسويق الإعلامي الممنهج في جعل علم فرنسا بألوانه الثلاثة بعد هجمات باريس بساعات شعارا للعالم كله على وسائل التواصل الاجتماعي، ليتم تعزيز الحرب على الإرهاب في بقاع كثيرة فيما بعد، ولتكن البداية من أفريقيا.