أحيل أقوى رئيس للمحكمة الدستورية الباكستانية القاضي افتخار محمد شوردري إلى التقاعد بعد اكتمال مدته الوظيفية دستورياً في 11 ديسمبر 2013م تاركاً وراءه جدلاً واسعاً في الأوساط الباكستانية حول دخول المؤسسات الباكستانية في معترك سياسي في غياب دور المؤسسة القضائية التي برزت في دوره كأقوى مؤسسة وطنية في باكستان. هذا ويعتبر القاضي شودري أقوى قاضٍ تولى مهام رئاسة المحكمة الدستورية العليا في تاريخ باكستان، وأخرجها من تبعية الحكومة والمؤسسة العسكرية وحولها إلى مؤسسة مستقلة حققت سيادة الدستور على بقية المؤسسات الحكومية خلال فترة ولايته التي امتدت لأكثر من 8 سنوات. فقد سطع نجم شودري في الساحة الباكستانية عندما دخل في معركة دستورية مع الرئيس السابق الجنرال المتقاعد برويز مشرف في مارس من عام 2007م ورفض الرضوخ أمامه واستمر الجدل بينهما إلى أن عزله مشرف من منصبه وفرض الأحكام العرفية في نوفمبر 2007م، وأدى ذلك إلى خروج حركة مناهضة لمشرف قادتها نقابات المحاميين، وبعد تخلي مشرف عن منصبه العسكري ومن ثم الاستقالة من منصبه الرئاسي في مطلع عام 2008م وتولي الرئيس السابق آصف علي زرداري رئاسة باكستان استمرت حركة المحاميين إلى أن أجبرت حكومة زرداري على إعادة تعيين شودري وبقية كبار القضاة المعزولين إلى مناصبهم بعد أن انضم رئيس الوزراء الحالي نواز شريف إلى حركة المحاميين وقاد مسيرة مليونية من مدنية لاهور نحو إسلام آباد، اكتسبت إثره المؤسسة القضائية أهمية غير عادية في تاريخ باكستان، ثم باشر القاضي شودري في ملاحقة الفساد ولتحقيق سيادة الدستور، واتخاذ قرارات صعبة كانت أبرزها إقالة رئيس الوزراء السابق يوسف رضا جيلاني بتهمة الازدراء بالقضاء فضلاً عن استدعاءه لكبار المسئولين العسكريين والأمنيين والوزراء لاستجوابهم في العديد من القضايا الوطنية الهامة. ويعتبر خبراء القانون في باكستان بأن شودري سجل حدثاً تاريخياً غير مسبوق في التاريخ الباكستاني بإعادة السلطة القضائية إلى هيئتها الدستورية الوطنية.