بعد كارثة سيول جدة، أصبحت الأرصاد «لإبراء الذمة» ترسل رسائلها التحذيرية على مدار الساعة، ولا تستطيع أن تفتح شبكة إلكترونية كانت أو وسيلة تواصل اجتماعية «واتساب»، «تويتر»، إلا وترى تلك الرسالة التحذيرية، التي لا تستثني مدينة من مدن المملكة بأن هناك غيوماً رعدية ماطرة ومدمرة ستأتي، ما جعل بعض تلك الغيوم تهرب، ولعل بعضها فضّل أن يرعد في البحر ليخيب الأرصاد في رسائلها التي لم تتوقف، ولعلنا نتساءل اليوم: لماذا أطفال المناطق التي لم يحصلوا على حقهم من الإجازة «التعليقية» أصبحوا يطالبون مثل بقية المدن «الغارقة» في إجازة «الكوارث»، بينما لا نرى طفلاً «آسيوياً»، يتغيب عن مدرسته بسبب تلك الأمطار الموسمية، أو الفصلية كي لا يزعل الشتاء؟. الأمطار والإجازات والرعد كلها عوامل مهددة لحياة الشركات الكبرى، التي قامت بـ «التعاقد من الباطن»، مع شركات صغرى كي تقوم بتصريف مشاريعها «الوهمية»، والمحاكم اليوم تعيد فتح الأبواب القديمة وتستدعي مسؤولي الأمانات من «مساكنهم الأبدية»، كي تفتح ملفات مضى عليها ربما عشر سنوات، وكان كاتب العدل حينها «مسكوناً»، فقام بحفظ القضية لصالح «الجن»، كي يزيح الشبهات من كل الممتلكات ويقع اللوم على الطبيعة، التي لم تستأذن في فتح تساقط أمطارها حينما وصلت على حين غرة وأغرقت مدناً بسيولها، وجرفت مساكن من مواقعها، وبدون تفكير قامت تلك السيول بتقديم حلول للوزير الشاب في أزمة «الفكر الإسكاني». اليوم ونحن على مشارف الألفية الثالثة، وبينما يطمح بعض رجال الأعمال لقضاء إجازاتهم فوق سطح القمر، وآخرون يختارون «المريخ» وربما «المشترى» بعيداً عن «الزهرة» كي يحاولوا صناعة منتجعات فضائية «يولون لها أدبارهم»، وآخرون يفككون شفرة «النعجة»، ووراثة الجينات البشرية، وتطلعات استمرار الشباب وانتهاء مرحلة الشيخوخة من البشرية. ونحن هنا ما زلنا نقوم بإنشاء مؤسسات تطويرية للمنتج الفضائي بدون الدخول في التفاصيل، ومؤسسات أخرى تستهلك المليارات كي تنتج لنا موقعاً إلكترونياً يستطيع حصر البطالة أو عدد المواطنين الباحثين عن «مسكن»، وتجاوزت أعمارهم الخمسين عاماً، وهم يقطنون الشقة تلو الشقة وينقلون عفشهم من مسكن لآخر دون الأحقية في تملك «أرض وقرض». الجامعات زاد عددها من أربع جامعات رئيسة في المملكة إلى 25 جامعة، ومازالت المخرجات لا تتطابق مع سوق العمل. المعاهد المهنية والصحية تقوم بتخريج عشرات الآلاف من الطلاب التي تستنزف جيوب آبائهم، وبعد ذلك يقعون ضحية اختبارات أخرى إلزامية لا تؤهلهم لدخول سوق العمل. عدة إشكاليات تواجه المواطن تدخله بعد ذلك في مأزق الحياة الاستهلاكية اللاهثة وراء لقمة العيش، مخرجات في التعليم ونتائج التوظيف، تواجهها مشكلات في الإسكان وتصريف الأمطار والشوارع، التي تستنزف جيوب المواطنين من كثرة المشاريع غير المنتهية. إن المشاريع الخدماتية للمواطن بحاجة إلى حزم في الإنجاز وسرعة في التنفيذ كي لا تتكرر الرسائل التحذيرية للأرصاد كل عام بسبب الأمطار ومشكلتنا في التصريف.