×
محافظة المنطقة الشرقية

جارتنر: الإعتماد على ويندوز 10 أسرع من ويندوز 7

صورة الخبر

الفكر سلاح ذو حدين بلا شك. ولكني سأتجاوز الفكر الهدام أياً كان صعيده فردياً أو مجتمعياً أو أممياً، ولن أقول إنسانياً. سأتجاوزه إلى الفكرة ذاتها، ولست هنا أحصر ذلك بفكر المفكرين الكبار ولا المخترعين العظام بل تدخل فيه الأفكار التي تعيش معنا ليل نهار. فعندما تولد فكرة معينة في ذهن الشخص يشعر أنها ملكه ويتحمس لها. وقد يذهب كل مذهب للدلالة على روعة فكرته بل قد تستولي على كل حواسه لتصبح سمعه ونظره وقبوله ورفضه. هنا تتحول الفكرة من ملكٍ للشخص إلى مالك إلى مالك له. ويتحول الشخص من مفكر إلى عبد لفكرته. إن آلية التحول هذه هي التي تفسر كيف يتحول المنادون بالفضائل إلى أفّاكين أو لصوص أو قتلة. مثلاً لقد رأى بعض السلف أهمية الصلاة في المسجد وربما بح صوته في المناداة بذلك ولإيمانه الشديد بأهمية تلك الفكرة لم يجد غضاضة من كذب البعض على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويروي عنه مالم يقله "لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد". ولا شك أن فكرة صلاح المجتمع ومحاربة الفساد استحوذت على البعض كما سمعنا مؤخراً فاستخدموا الفتيات للإيقاع بالشباب من قبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومثل ذلك يقال عمن يسرق جملة أو بحثاً أو كتاباً وينشره باسمه. فليس بالضرورة أن السرقة لمجرد السرقة ولكن قد يكون منشؤها مشاركة السارق لصاحب الجملة أو البحث أو الكتاب بذات الأفكار بررت له سرقته. ولم تثنه عن ادعاء الحكمة أو ممارسة الوعظ حتى بعد انكشاف سرقته. ولو رجعنا لبعض الحروب التي اجتاحت العالم لوجدنا أن أساسها فكرة استحوذت على صانع القرار حتى استعبدته فأمرته وأطاع وخاض حروباً ماكان له أن يخوضها لو تجرد من تلك الفكرة أو على الأقل ملكها بدلاً من أن تملكه. اسألوا عنها هتلر والخميني وماوتسي تونغ والقادة الإسرائيليين الإرهابيين. واسألوا عنها جمال والقادة الفلسطينيين وغيرهم كثير. بل انظروا لمن حولكم وتفكروا في أنفسكم فقد يتحول البعض إلى عدائي أو إرهابي أو ظالم لمجرد فكرة استحوذت عليه. كم ظلمنا من أشخاص نتيجة أفكار استعبدتنا. الأفكار جميلة بشرط أن نمسك بلجامها ونرُدُ جماحها. نملكها ولا تملكنا ونوجهها لتساهم في بناء محيطنا الأسري والاجتماعي والوطني والإنساني.