الغريب في الأمر هو أن أي أمر يحدث في العالم الخارجي سواء أكان أمرا رهيبا كعمل إرهابي أو إنجازا علميا تجد هناك انقساما في الرأي في محيطنا العربي والإسلامي. وأنا هنا لا أتحدث عن اختلاف في وجهات النظر، بل ان الأمر يتعدى إلى التخوين والعمالة. ويرجع سبب ذلك إلى أن العرب دائما ما يربطون الأمور في الخارج بأشياء وأحداث تاريخية في الداخل. ولهذا تجد نظرية المؤامرة لدينا هي الأوسع انتشارا من أي مكان آخر. وفي هذا الوقت رأينا كيف أن الكثير في العالم العربي والإسلامي اختلف عندما حدث العمل الإرهابي في باريس وبعده ما حصل في دولة مالي حتى بدأ الكثير في إبداء التعاطف من ناحية إنسانية في وقت بدأ البعض ينبش صفحات التاريخ وكأن ما حدث هو شيء كان يجب أن يحدث كنوع من الثأر. وهنا تكمن المشكلة خاصة أن من قام بهذا العمل أرهب الناس باسم الدين رغم أن ما فعلوه هو أبعد ما يكون عن تعاليم الدين الإسلامي. وفي نهاية المطاف فالقوة الإعلامية في الغرب وتأثير الغرب سيجعل من المسلمين وكأنهم سواسية في نظرتهم للعالم ونظرتهم للداخل خاصة أن الكثير من العمليات الإرهابية التي قام بها أناس يدعون الإسلام قد حدثت في دول إسلامية احداها مهبط الوحي وهي المملكة. أي أن هؤلاء بدأوا بالعمل الإرهابي داخل الدول الإسلامية وضد مسلمين مما جعل العالم أجمع يربط الإرهاب بكل ما هو إسلامي. بل ان تنظيم ما يسمى بـ(داعش) قد قالها صراحة إن هدفه الأول ليس محاربة إسرائيل أو الغرب ولكن هدفه الأول هو العالم الإسلامي وخاصة المملكة. ولهذا قام الكثير بإظهار التعاطف مع ما حصل في فرنسا لأن الخاسر الأكبر فيما حدث هو المواطن المسلم الذي يعيش في الغرب وخاصة في فرنسا. ويقال إن الوضع كما يرويه الكثير من المسلمين في أمريكا هو أكثر إرباكا لكل المسلمين والعرب من الأيام التي تلت أحداث 11 سبتمبر. وفي هذا الوقت بالذات بدأ الكثير من المواطنين في الغرب يقل تعاطفهم مع العالم الإسلامي رغم ما نسمعه بين الحين والآخر من ناشط أمريكي أو أوروبي. فما حدث في فرنسا لم ينته بقتل الكثير ولكنه أثر على أسلوب الحياة العامة للناس وأهمها تمديد حالة الطوارئ في فرنسا وإغلاق المحلات في العاصمة البلجيكية بروكسل والشلل التام في محطة المترو. واحدى نتائج ما حصل في فرنسا من عمل إرهابي هو أن مئات الآلاف من اللاجئين إلى أوروبا بدأوا يعانون أكثر من معاناتهم السابقة. ولكن في هذا الوقت يجب أن يعلم العالم أجمع أن المملكة وشعبها تقف ضد الإرهاب بكل أنواعه ومهما كانت مبرراته. فالإرهاب في الوقت الحالي أصبح لا يهدد المنطقة فحسب بل يهدد العالم، وفي نهاية المطاف فالمسلم الآمن وخاصة من يعيش في الغرب هو من سيدفع الثمن.