×
محافظة المدينة المنورة

أمانة المدينة تضبط مصنع «شمة» بحي السيح

صورة الخبر

كان اللواء مهدي الغراوي يعلم أن الهجوم قادم في أواخر مايو اعتقلت قوات الأمن العراقية سبعة أعضاء في تنظيم الدولة الإسلامية في مدينة الموصل وعلمت أن المجموعة تخطط لشن هجوم على المدينة في أوائل يونيو. وطلب الغراوي قائد العمليات في محافظة نينوى وعاصمتها الموصل تعزيزات من أكثر القادة تمتعا بثقة رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي. ولأن الجيش العراقي كان منهكا تجاهل الضباط الكبار هذا الطلب. كما نقل دبلوماسيون في بغداد معلومات عن هجوم وقيل لهم أن قوات عراقية خاصة ترابط في الموصل وبإمكانها التعامل مع أي تطورات. وفي الرابع من يونيو حاصرت الشرطة الاتحادية في الموصل تحت قيادة الغراوي القائد العسكري لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق ففضل أن يفجر نفسه على الاستسلام. وكان الغراوي يأمل أن يمنع مقتله الهجوم المرتقب. لكنه كان مخطئا. ففي الساعة الثانية والنصف صباح السادس من يونيو عاد الغراوي ورجاله إلى غرفة العمليات بعد تفقد نقاط التفتيش في المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. وفي تلك اللحظة كانت قوافل من شاحنات البيك أب تتقدم من اتجاه الغرب عبر الصحراء التي تقع فيها الحدود الفاصلة بين العراق وسوريا. وكان بكل شاحنة أربعة من مقاتلي الدولة الإسلامية. وشقت هذه القوافل طريقها إلى نقاط التفتيش التي كان بكل منها رجلان لتدخل المدينة. وبحلول الساعة الثالثة والنصف صباحا كان المقاتلون المتشددون يحاربون داخل الموصل. وبعد ثلاثة أيام ترك الجيش العراقي الموصل ثاني أكبر مدن العراق للمهاجمين. وأدى سقوط المدينة إلى سلسلة من الأحداث التي مازالت تعيد تشكيل العراق رغم مرور أشهر. فكانت سببا في بدء هجوم استمر يومين واقترب فيه مقاتلو التنظيم لمسافة 153 كيلومترا من بغداد مما أدى لسقوط أربع فرق عراقية وأسر ومقتل آلاف الجنود العراقيين. وساهم هذا الهجوم في إزاحة المالكي عن منصبه كما دفع القوى الغربية وحلفاءها من دول الخليج إلى بدء حملة قصف جوي لمواقع المتشددين الإسلاميين في العراق وسوريا. لكن الغموض ظل حتى الآن يكتنف الظروف التي أحاطت بسقوط الموصل وبمن أصدر الأمر بترك القتال والانسحاب. فلم تصدر رواية رسمية لما حدث ولم ينشر سوى ما رواه الجنود عن عمليات هروب جماعي من الخدمة ومزاعم من قوات المشاة بأنها اتبعت أوامر صدرت لها بالهرب. ومع ذلك القت بغداد اللوم على اللواء الغراوي. ففي أواخر أغسطس اتهمته وزارة الدفاع بالتقصير في واجبه. وهو الآن ينتظر ما تتوصل إليه هيئة تحقيق ثم محاكمة عسكرية. وإذا كان قرار المحكمة بالإدانة فمن الممكن أن يحكم عليه بالاعدام. وتم أيضا احتجاز اربعة من ضباط الأمن الذين كانوا يخدمون تحت إمرة الغراوي انتظارا لمحاكمتهم ولم تتمكن رويترز من الاتصال بهم. ويعتزم البرلمان عقد جلسات استماع لمعرفة ما حدث في سقوط الموصل. ويظهر تحقيق أجرته رويترز أن مسؤولين عسكريين من مستوى أرفع والمالكي نفسه يتحملون جانبا من اللوم على الأقل. فقد شرح عدد من أرفع القادة والمسؤولين العراقيين بالتفصيل للمرة الأولى كيف استفاد تنظيم الدولة الإسلامية من نقص القوات والخلافات فيما بين كبار الضباط والزعماء السياسيين في العراق وحالة الذعر التي أدت إلى ترك المدينة. ويقول الضباط والمسؤولون إن المالكي ووزير دفاعه ارتكبا خطأ مبكرا فادحا برفض عروض متكررة من القوات الكردية المعروفة باسم البشمركة لتقديم المساعدة. ودور الغراوي في الكارثة موضع خلاف لانه من أفراد الطائفة الشيعية ويقول محافظ نينوى وكثير من المواطنين إنه استعدى الأغلبية السنية في الموصل قبل بدء المعركة. وساهم ذلك في ظهور الخلايا النائمة التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية داخل الموصل نفسها. واتهم ضابط عراقي الغراوي بأنه لم يحشد القوات لوقفة أخيرة في مواجهة الدولة الإسلامية. من جانبه يقول الغراوي إنه ظل صامدا ولم يصدر الأمر النهائي بالانسحاب من المدينة. ويقر آخرون اشتركوا في المعركة صحة هذا الزعم ويقولون إن الغراوي ظل يقاتل حتى سقطت المدينة. وعند ذلك فقط هرب الغراوي من ساحة المعركة. ويقول الغراوي إن واحدا من ثلاثة أشخاص ربما يكون قد أصدر الأمر النهائي هم عبود قنبر الذي كان في ذلك الوقت نائبا لرئيس الأركان بوزارة الدفاع أو علي غيدان الذي كان قائدا للقوات البرية أو المالكي نفسه الذي كان يوجه كبار الضباط من بغداد بنفسه. ويقول الغراوي إن سر من قرر الانسحاب من الموصل يكمن مع هؤلاء الثلاثة. ويقول الغراوي إن قرار غيدان وقنبر ترك الضفة الغربية للموصل كان سببا في هروب جماعي من الخدمة لأن الجنود افترضوا أن قادتهم هربوا. وأيد مسؤول عسكري عراقي رفيع ذلك. ولم يعلق أي من الرجال الثلاثة علانية على قراراتهم في الموصل. ورفض المالكي طلبات من رويترز لإجراء مقابلة لهذا التقرير. ولم يرد قنبر بينما لم يتسن الاتصال بغيدان. وقال اللواء قاسم عطا المتحدث العسكري الذي تربطه علاقات وثيقة بالمالكي لرويترز الاسبوع الماضي إن الغراوي "قبل الآخرين جميعا .. فشل في دوره كقائد." وقال إن الباقين "سيكشف عنهم أمام القضاء". ومن أوجه عديدة تعد رواية الغراوي لما حدث نافذة على العراق. وكما أثبتت الموصل فالجيش العراقي مؤسسة فاشلة في قلب دولة فاشلة. والآن على الغراوي أن يتحمل المسؤولية عن سقوط الموصل. ويرى زيباري أن في ذلك ظلم. يقول زيباري "الغراوي كان ضابطا يؤدي عمله لكن حظه تعثر مثل كثيرين غيره من الضباط. كلنا علينا أن نتحمل بعض المسؤولية. كل واحد منا". وقبل أسبوعين في بغداد قال الغراوي بذقن غير حليق وصوت أجش أنه يقبل مصيره أيا كان. وأضاف "ربما يصدر عفو عني وربما أسجن وربما أشنق".