×
محافظة المنطقة الشرقية

خوجة يدعو «النصرة» إلى الانفصال عن «القاعدة»

صورة الخبر

جيمس ستافريديس * كانت هناك ذات مرة دولة نشأت داخل حدود مصطنعة، سيطر عليها نظام استبدادي حكم بالحديد والنار، واستخدم جميع أدوات الحكم الشمولي، السجن، والإفلات من العقاب، والتجسس الداخلي القمعي. وفي نهاية المطاف، انفجرت الدولة في موجة عظيمة من الكراهية الدينية والعرقية، وتعرّض 8000 من الرجال والفتيان للإعدام على مدى بضعة أيام فقط، على الرغم من الجهود الضعيفة التي كان يبذلها المجتمع الدولي، وفي نهاية المطاف لقي مئات الآلاف حتفهم وتشرّد الملايين. التنازلات ضرورية يبدو أن المشاركة الدولية هي مفتاح الحل، ولا يستطيع جدول أعمال لبلد بمفرده أن يكون قادراً على السيطرة على الوضع هناك، مهما تشعر هذه الدولة بأصالة موقفها. وبعبارة أخرى، فإن التنازلات تصبح أمراً ضرورياً. كما أن إعلان خطوط حمراء سيأتي بنتائج عكسية، حتى ولو لم يكن القصد إنفاذها على أرض الواقع، وهو المنعطف الذي غاب عن عين الولايات المتحدة في وقت مبكر، لأنها لم تكن تنوي التدخل بقوة أكبر عندما استخدم نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيه. إذا لم يستطع المجتمع الدولي فهم المشكلة في سورية والتعامل معها الآن، فسوف ننظر بعد 10 سنوات إلى الوراء لنرى عجزنا الجماعي في وقف المذابح، وتشريد السوريين بأعداد كبيرة. نعم، هذه الدولة تبدو للوهلة الأولى مثل سورية، لكنها ليست كذلك، بل هي بلاد البلقان في تسعينات القرن الماضي. فعندما تداعت يوغسلافيا في بادئ الأمر، حاولت الجماعات العرقية والدينية المختلفة في البلاد بشكل يائس، التشبث بالسلطة، وادّعت أحقيتها في مناطق معينة من البلاد، ما خلق دويلات جديدة، وقبل كل شيء مارست هذه الجماعات التطهير العرقي في مناطقها التي تدّعيها. أفضى كل ذلك إلى حرب شاملة في وقت مبكر من التسعينات. وألّف روبرت دي كابلان كتاباً رائعاً شاملاً بعنوان أشباح البلقان، يحكي قصة طويلة عن مرارات المنطقة منذ قرون. ولا يستغرق هذا السرد من القارئ تفكيراً عميقاً لمعرفة أوجه الشبه مع الوضع في سورية اليوم. بطبيعة الحال، هناك اختلافات جوهرية ومهمة بين الكيانين، ولكن في الوقت الذي يحاول فيه المجتمع الدولي، على نحو متزايد، التعامل مع النتائج المروعة التي ستتمخض عن تفكك الدولة السورية، هناك العديد من الدروس التي يمكن الاستفادة منها، والتي تشكلت خلال الطريق الطويل والمضطرب الذي قطعه العالم سيراً على الأقدام، لتهدئة الوضع في البلقان. ومع اقتراب الذكرى العشرين لاتفاقات دايتون، التي أنهت الحرب في البوسنة، يتعين علينا أن نفكر بشكل مناسب حول الوضع في سورية. ويتعيّن على المجتمع الدولي أن يبني على الجلسة الأولى التي انعقدت، الأسبوع الماضي، في فيينا لكي يتوصل إلى نوع من اتفاق من شأنه أن يخلق نظاماً جديداً في سورية. ونطرح السؤال التالي: ما الدروس الرئيسة الأخرى المستفادة من حرب البلقان؟ أسوأ العناصر في صراع البلقان بدأ مباشرة بعد سقوط جدار برلين وانهيار عملية السلام الهشة التي تلت تفكّك يوغسلافيا. وعلى مدى السنوات العشرين التالية، حدثت احتكاكات وحروب ومجازر وصراعات محلية ونزاعات وحملات تطهير عرقي (في كل من البوسنة والهرسك وكوسوفو)، واستغرق الأمر أكثر من 15 عاماً استخدم خلالها المجتمع الدولي كلاً من القوة المادية وغير المادية لتهدئة الوضع في نهاية المطاف على الأرض في البوسنة. وحتى اليوم لاتزال هناك توترات خطيرة بين كوسوفو وصربيا وداخل البوسنة نفسها. ولسوء الحظ، فإن حل المشكلات في سورية سيستغرق على الأقل فترة طويلة، نظراً للصراع السني الشيعي الأساسي الذي صاحبته فظائع ارتُكبت في السنوات الخمس الماضية. ومع ذلك، ينبغي ألّا نجزع من النكسات الأولية، وأصوات النقاد، واحتمال الفشل في تحقيق نتيجة سريعة. ففي البلقان استغرق الأمر تدخلات عدة من جانب المجتمع الدولي - حلف شمال الأطلسي (الناتو) وغيره، بما في ذلك روسيا - قبل إنشاء بعض الجوانب المنظمة للعملية. كما استغرق الأمر فترة أخرى من الوقت لاستقطاب بعض الدول الجديدة للانضمام للاتحاد الأوروبي والناتو، وغيرها من المؤسسات التي تكفل الاستقرار الأوروبي. ولهذا فإن حل الأزمة في سورية سيكون صعباً على نحو مماثل. علينا أن نقبل ذلك ببساطة، وألّا نصاب بالإحباط. إيجاد الحلول الخلاقة في يوغسلافيا السابقة، كان من الواضح أن الأمة المصطنعة لن تنجو من الانقسامات المحدقة بها، كما أصبح واضحاً في وقت مبكر أن حفنة من الدول الصغيرة ستخرج من رماد يوغسلافيا. ويبدو أننا نقترب بسرعة من هذه النقطة في سورية. وسيخرج على الأرجح بدلاً من ذلك دولة علوية مهلهلة على طول البحر الأبيض المتوسط، بما في ذلك دمشق، وإلى جانبها سيتشكل جيب كردي في شمال غرب البلاد. وفي الوسط، حيث يهيمن داعش اليوم، سيحكم السنة، (دعونا نأمل بأن يكون هذا الوسط معقلاً للاعتدال). قد يكون هناك حل فيدرالي، إلى حد ما، كما هو الحال في العراق اليوم. العثور على مفاوضين جيدين على الرغم من أن اتفاقات دايتون بعيدة عن الكمال، إلا أنها اشتملت على مجموعة جيدة من المفاوضين المحترفين، وعلينا أن نلقي نظرة على كتاب تأجيج الحروب الحديثة للجنرال ويسلي كلارك، الذي ساعد في التفاوض على الاتفاقات جنباً إلى جنب مع ريتشارد هولبروك، وذلك لكي نحصل على فكرة عن الشخصيات المهمة في هذا الخصوص، وعلينا أيضاً ألّا ننظر أبعد من الاتفاق النووي الإيراني - أو نقتدي به - من أجل إيجاد الأشخاص المناسبين للاجتماع تحت سقف واحد لإبرام اتفاقات دولية معقدة. وفي ما يتعلق بسورية، علينا أن نضع في الاعتبار الخبرة العميقة للمفاوضين السوريين، وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن أشخاصاً مثل السفيرين السابقين، رايان كروكر، وروبرت فورد، سرعان ما يتبادران إلى الذهن، وكذلك الشخصيات العسكرية مثل القائد السابق للقيادة المركزية الأميركية، الجنرال جون أبي زيد، والذي يتحدث العربية بطلاقة. كما أن نظراءهما الذين يمثلون دولاً أخرى أيضاً من الأهمية بمكان، ويبدو أن هذا ليس الوقت المناسب لروسيا لإرسال مفاوضين متشددين، وأيضاً تدعو الحاجة إلى إرسال فريق إيراني على استعداد لكي يمضي قدماً على غرار الاتفاق النووي، وأن ينظر في اتجاه اللعبة الطويلة، وعلى السعوديين أن يتجاهلوا إلى حين نفورهم التقليدي مع ايران. عدم اعتماد أجندة دولة بمفردها لدى العديد من الدول، اليوم، أهدافها الخاصة في سورية، حيث ترغب روسيا، على سبيل المثال، في تأمين سلطة الأسد والعودة بالبلاد إلى الوضع السابق. والولايات المتحدة والعديد من حلفائها الأوروبيين، الذين يريدون إرسال الأسد على الفور إلى لاهاي لمواجهة العدالة الدولية، وتريد بعض الدول ضمان سيطرة عملائها، وهكذا دواليك. لا تستطيع أيٌّ من تلك الأجندات الفردية الفوز بمفردها وفقاً لمعطيات الوضع الراهن. وهذا يعني أننا بحاجة إلى حل وسط، حل كريه، سمّه ما شئت، لكل طرف معني بالأمر، حتى ولو تضمّن ذلك بقاء الأسد من خلال نوع من اتفاق تقاسم السلطة لوقت محدد (كما ترغب روسيا)، وينبغي أن يقبل الأميركان وحلفاؤهم بهذا الوضع من أجل المضي قدماً لوقف هذه الكارثة الإنسانية لكي لا تنفلت أكثر من ذلك، ودعونا نتذكر كيف أن الديكتاتور الصربي، سلوبودان ميلوسيفيتش، الوحشي، انتهى به الأمر إلى الموت في زنزانة في لاهاي. وعلى الرغم من أن كل ذلك يبدو معقداً بشكل مريع، إلا أن تجربة البلقان تؤكد إمكانية الوصول إلى حل. إذا لم يستطع المجتمع الدولي فهم هذه المشكلة والتعامل معها الآن، فسوف ننظر بعد 10 سنوات إلى الوراء لنرى عجزنا الجماعي في وقف المذابح، وتشريد السوريين بأعداد كبيرة. دعونا نأمل في العمل معاً بشكل جيد بما فيه الكفاية للخروج بنتيجة مماثلة لما توصلنا إليه في البلقان، والتي بدت لنا في ذلك الوقت معقدة وصعبة المراس، كما هو الحال اليوم في سورية. - جنرال سابق في الناتو، يعمل اليوم عميداً لكلية فليتشر للقانون والدبلوماسية بجامعة تفتس