×
محافظة المنطقة الشرقية

ثقافي / دعوي أملج ينظم ملتقى "خيوط من نور 4" بعد غد

صورة الخبر

لا يشبه رحيل الفنان الفلسطيني عبد الكريم السيد عن الحياة، سوى رحيله الأول عن بلاده، فهو الفنان الذي ظل يحمل سهول فلسطين وزيتونها في باله، ولا يكف عن رسمها كما لو أنه كان يقول للعالم، نحن لم نعش طويلاً في الوطن، بل ولدنا والوطن يعيش فينا. تماماً كذلك كان السيد في سيرته مع اللوحة، فكان كما لو أنه يرسم من قلبه، حيث لا يرى المتابع لأعماله مشاهد من بلاده وحسب، وإنما يتلمس أيضاً مشاعر الحنين في اللوحة، ويكاد يتمشى في ذاكرة السيد ويتجوّل معه في بيوت قريته وجبالها وسهولها، فالسيد ظل يعيش الحياة بقلبه، ويذهب نحو ما يحب بهدوء ويقين. كان السيد يتبع قلبه في كل ما يحياه، وما يقوله، ويكتبه، ويرسمه، فهو الطبيب الذي أخلص للوحة، فكان يجري إلى اللون بمحبة العائد إلى بلاده، وكتب سيرة التشكيل الإماراتي بعد أن تابع ولادته، وشبابه، وفتوته وصولاً إلى اليوم حتى صار أحد المؤسسين للمشهد الثقافي الإماراتي، والقائمين على الكثير من مشاريعه منذ بدايات الثمانينات من القرن الماضي، فكان كتابه رواد التشكيل الإماراتي رسالة محبة إلى الفن الإماراتي ووثيقة مرجعية للثقافية المحلية. تبع السيد قلبه طوال حياته وتركه يقتاده مثل أب حان، فكان محباً، لا يتسع المكان لهدوء ابتسامته، والمحبة التي يبادلها لكل من يقابله وكل ما يفعله، إذ ظل الفنان الأقرب إلى الجميع في كل الملتقيات والمعارض التشكيلية المحلية والدولية، فرغم العمر الذي مضى به بعيداً ظل فتياً في قلبه، ويحضر إلى جانب الفنانين، ويرسم ويقترب من اللون، ويتابع ما ينفذ الفنانون حوله من أعمال، فمن معرض جمعية التشكيليين الإماراتيين السنوي، إلى معرض جماعة الجدار التي أسسها مع نخبة من الفنانين، وصولاً إلى مشاركاته في المغرب، ومصر، والأردن، وغيرها من الملتقيات التي كان ضيفها الكبير. كان يبدو قلبه طافحاً بالحب في السنوات الأخيرة من عمره، إذ نظم معرضاً استعادياً استضافته ندوة الثقافة والعلوم في دبي أطلقه بعنوان حبيبتي رحاب موجهاً بذلك رسالة حب إلى زوجته الفنانة التشكيلية رحاب صيدم التي رافقت سيرته ساعة تلو أخرى، ومضت معه مشوار الحياة واللوحة، وقال عنها في افتتاح المعرض: لولاها لكنت توقفت عن الفن منذ زمن. إنه الحب ذلك الذي ظل يرسم درب السيد، فلا يكاد الزائر لدائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، إلا الاستماع لمحبة العاملين وهم يذكرونه، ويرى التقدير والاحترام الذي كان يحظى به، إذ أمضى عقوداً طويلة في الدائرة حتى بات شاهداً على بدايات المشاريع الفنية والثقافية فيها. إنها حياة من محبة، تلك التي عاشها السيد، وترك خلفه سيرة وطنه مرسومة بتطريز الجدات، وأشجار الزيتون، فكان كما يحب، ابن قلبه الدافئ. Abu.arab89@yahoo.com