تشهد أكثر من منطقة في إيران تذمراً وتململاً يكشف عن غليان في أوساط القوميات التي تحتويها إيران، فقد كشفت التظاهرات والاحتجاجات التي شهدتها العاصمة طهران والتي قام بها الأذريون الذين يحتجون على تنامي العنصرية والطائفية من قبل المسؤولين في نظام ملالي إيران والتي امتدت إلى شرائح أخرى من المجتمع الفارسي والتي وصلت إلى البرامج التلفزيونية التي تبث من محطات التلفاز الرسمية والتي كان آخرها السخرية من طفل أذري. والأذريون الذين ينحدرون من العرقية التركية ويعتنقون مذهب أهل السنة يعترضون دائماً ضد العنصرية والتمييز المذهبي وحرمانهم حتى من الجوامع والمساجد الخاصة بأهل السنّة، فطهران ورغم وجود ملايين المسلمين من أهل السنة من أذريين، وعرب وأكراد وتركمان، إلا أنها تخلو من أيّ جامع لهم يتيح لهم أداء صلوات الجمعة والأعياد والمناسبات مما يضطرهم إلى الذهاب إلى المساجد في السفارات العربية أو الذهاب مضطرين إلى الحسينيات، حيث يجبرون على سماع الشتائم الموجهة إلى الصحابة وأئمتهم المشهود لهم بالعلم والتقوى. وكان نشاط الأذريين الأتراك المعترض على التمييز العنصري والفصل المذهبي متسماً دائماً بالسلمية والمدنية منذ أكثر من عقد ونيف، برغم الإهانات المتتالية من الإعلام الفارسي الرسمي وخطب ملالي إيران في الحسينيات والتجمعات الطائفية الموجه ضدهم، وهو ما يجري في أقاليم بلوشستان وكردستان والأحواز، إلا أن تلك الأقاليم تشهد بين الفينة والأخرى انتفاضات ومواجهات مسلحة، تقمع بشدة من قبل نظام ملالي إيران.. إلا أن الأذريين الأتراك ظلوا ملتزمين بحراكهم السلمي الذي لا يتعدى التظاهر والمطالبات المشروعة بوقف التمييز ضدهم. ويقدر عدد الأذريين الأتراك في إيران بنحو 35 مليون نسمة، وهم يشكلون نسبة كبيرة من سكان إيران البالغ نحو 78.5 مليون نسمة؛ وهذا ما يعني أن الأذريين يشكّلون أكبر شريحة في المجتمع الإيراني.. وقد أقام الشعب الأذري التركي في عام 1945 حكومة تتمتع بحكم ذاتي بقيادة جعفر بيشهوري، ولكن الجيش الشاهنشاهي قضى عليهم بعد عام من إقامتها، وحرق الكتب التي وضعت بلغتهم، وقتل وأعدم الآلاف من أبناء الأذريين الأتراك. وقد حاولت النخب الأذرية من علماء ومشائخ ومثقفين وأساتذة وطلبة الجامعات بعد قيام انقلاب خميني أن تجمع صفوف الأذريين، ولكن نظام ملالي إيران واجه هذا الأمر بقسوة وقمع، وسجن كل الشخصيات الدينية والفكرية التي كانت تطالب بالحقوق القومية للشعب الأذري. في عام 2006م وفي شهر حزيران - يونيو انتفض الشعب الأذري مرة أخرى احتجاجاً على التمييز والاضطهاد القومي والمذهبي، وسقط خلال تلك الانتفاضة عشرات القتلى ومئات الجرحى.. ويعتقل نظام ملالي إيران العديد من النشطاء الأذريين والذين ازدادوا في الآونة الأخيرة بسبب مطالبتهم بحقوقهم المذهبية والثقافية واللغوية والسياسية.