•• ودع الوطن - بحزن شديد - أول وزير للتخطيط في المملكة.. هشام محيي الدين ناظر.. بعد رحلة طويلة من العمل المتواصل في خدمة هذه البلاد.. سواء في قطاع البترول.. أو التخطيط.. أو العمل السياسي والدبلوماسي.. •• فقد كان أبو "لؤي" بالإضافة إلى كونه رجلا دوليا كان واجهة ثقافية واجتماعية مشرفة شهدت مجالسه سواء في الرياض أو جدة أو القاهرة صولات وجولات من اللقاءات الثقافية والمجتمعية المفتوحة.. تبادل فيها المثقفون وأصحاب الرأي.. وصناع القرار.. ورجال المسؤولية الكثير من الأفكار والسجالات المفيدة.. •• وفي كل موقع من مواقع المسؤولية شغله.. أو في كل محفل نظمه.. أو شارك فيه.. أو حضره.. كان هشام ناظر - يرحمه الله - يترك بصمة قوية تجسد رؤاه الواسعة في المجالات كافة.. •• فهو وإن شغل مهام ومسؤوليات اقتصادية بارزة منذ نشأت هيئة التخطيط على يديه قبل أن تصبح وزارة وتمخض عنها مشروعا الجبيل وينبع.. وحتى صار وزيراً للبترول والمعادن.. إلا أن خلفيته السياسية بدأت بحصوله على درجة البكالوريوس في العلاقات الدولية (بمرتبة الشرف الأولى) من جامعة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا عام 1957م، ثم تحقيقه درجة الماجستير في العلوم السياسية من نفس الجامعة في العام التالي.. علاوة على حصوله على درجة الدكتوراه الفخرية في القانون من جامعة كوريا وكذلك درجة الدكتوراه الفخرية في نفس التخصص من الجامعة الأميركية بالقاهرة عام 1991م، هذه الخلفية مكنته من تقلد مسؤوليات حكومية عديدة ودقيقة وحساسة استفاد فيها من حصيلته وتأهيله العلميين وأدارها بخلفية رجل الدولة العالم ببواطن الأمور.. وترابُط الشأنين السياسي بالاقتصادي مع الشأن الأمني، فكان بذلك محل تقدير ملوك هذه البلاد فيصل وخالد وفهد وعبدالله (رحمهم الله).. كما كان على صلة وثيقة ومنذ وقت مبكر بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.. وكان حضوره (يرحمه الله) لافتاً في كل الأوقات.. وآخر مرة رأيته فيها.. كانت في الديوان الملكي بجدة لدى استقبال خادم الحرمين الملك سلمان للرئيس الأندونيسي بتاريخ 26 / 1 / 1437ه وكان بصحة جيدة.. لا تكاد معها تشعر بوطأة السنين التي اثقلت كاهله.. لأنه كان رجلاً قوياً.. وباسماً في التعامل مع الحياة والناس.. لكن إرادة الله وقدرته اختارته إلى جوار العلي القدير.. فتركت وفاته في نفوس الجميع أنة حُزنٍ وأسى غير مسبوقين.. •• فهل يمكن لنا أن ننسى واحداً في مثل قامة هذا الرجل الكبير بعلمه.. وخلقه.. وسماحته.. وثقافته.. ووطنيته..؟! •• بالتأكيد لا.. لأن اسم وتاريخ وبصمات الرجل لن تغيب عن أذهاننا دولة ومجتمعاً كما أنه رمز من رموز مدينة جدة التي عشقها وتغنى بها كثيراً.. وسكن وأسرته في مدينتها التاريخية منذ مئات السنين.. •• وليتنا نتخلص من مركباتنا "العجيبة" فنضع لهذا الرجل وأمثاله من الرموز التي أعطت الكثير لهذا الوطن ملمحاً في أحد المراكز الحضارية الموجودة في الرياض وجدة لأنه يستحق أن نخلد اسمه إلى جوار العديد من الرموز الذين غادرونا بعد أن وضعوا بصماتهم القوية على صفحات التاريخ، ويأتي في مقدمة الجميع موحد هذه البلاد الملك عبدالعزيز يرحمه الله رحمة الأبرار.. •• رحمك الله يا حبيب الجميع.. يا أبا "لؤي" وأسكنك فسيح جناته.. وقوى عزائم أهلك وذويك ومحبيك بالصبر والإيمان لتحمل مصابنا فيك.. ضمير مستتر: •• الذين ساهموا في بناء الوطن بعقولهم.. وصادق ولائهم.. وبوطنيتهم يظلون شموعاً تُنير عقولنا ونفوسنا وإن غابوا عنا..