ملتقى التراث الوطني العمراني الثالث في منطقة المدينة المنورة، أمس، بعد خمسة أيام من الفعاليات، نظمتها الهيئة العليا للسياحة والآثار وإمارة منطقة المدينة المنورة، بمشاركة 100 باحث ومسؤول ومختص في مجال التراث العمراني من داخل المملكة وخارجها، ناقشوا 36 بحثا علميا، وأقيمت عدة دورات متخصصة. مشروع تراثي على صعيد متصل، دشن صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، بحضور الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز، أمير منطقة المدينة المنورة، أمس، الفعاليات التراثية المقامة في حديقة الملك فهد المركزية، ضمن فعاليات «ملتقى التراث العمراني الوطني الثالث» في المدينة المنورة. واطلع على تصاميم مشروع واحدة المدنية عاصمة للثقافة الإسلامية، وتجول في الحي التراثي المديني، وزار عددا من حرفيي المدينة، وشاهد الأهازيج الشعبية، وتذوق المأكولات، ثم دشن جناح الحرف اليدوية ومعرض «حرفتي» للحرف التراثية. وأكد أمين المدينة المنورة الدكتور خالد طاهر، أن المشروع التراثي يقع على مساحة 80 ألف متر مربع، بتكلفة 54 مليون ريال، أما الحي التراثي المديني فيقع على مساحة 120 ألف متر مربع، بتكلفة للمرحلة الأولى 30 مليون ريال. وأوضح أن مشروع الحي التراثي المديني يجسد رؤية سمو أمير منطقة المدينة المنورة، ليكون موقعا يجسد تراثها المعماري في المسكن والسوق والمكتبة والمقهى، تعاش فيه التجربة الاجتماعية المدينية التراثية في قالب ترويجي يحقق استدامة بإذن الله مع خلق فرص العمل لأبناء وبنات المدينة، ويحوي بعد اكتماله على عناصر مختارة من النسيج العمراني للمدنية، مؤكدا أن الحي سيكون متلقى ثقافيا ترفيهيا يعبر عن الالتزام بمضمون المفاهيم التراثية العمرانية العريقة للمدينة، وأن يكون مرجعا للمختصين والمهتمين بالعمارة الثقافية الاجتماعية المدينية، ليقدموا إبداعات تنبثق من أصالة الماضي. موقع الربذة من جانب آخر، أكد لـ «عكاظ» صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان خلال زيارته لمنطقة المدينة المنورة، اهتمام الهيئة العامة للسياحة والآثار بموقع «الربذة» التاريخي (200 كم جنوب شرقي المدينة)، لأنه موقع مهم ويحتضن الكثير من الاكتشافات الكثيرة، مبينا أن الهيئة تعامل «الربذة» بأنه من المواقع القديمة التي اكتشفتها الآثار، وكانت هي أساس المواقع الوطنية ذات العمق التاريخي الإسلامي، مشيرا إلى أن جامعة الملك سعود ستقوم بالعمل في الجزء الخاص بها في موقع الربذة. وأكد الأمير سلطان بن سلمان، عن فتح ما يزيد على 30 موقعا أثريا آخر بالتعاون مع فرق دولية، مبينا أن الهيئة استثمرت موقع «الفاو» التاريخي بأكثر من 20 مليون ريال في التسوير، بحيث يتم تسوير 16 ألف متر مربع. مهرجان ينبع في ينبع، شارك في ملتقى التراث العمراني عدة جهات بفعاليات متنوعة، منها: مركز سيدات الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية، وجامعة طيبة. وضمن الفعاليات المصاحبة لمهرجان التراث الشعبي في محافظة ينبع، دشن الأمير سلطان بن سلمان، بمعية الأمير فيصل بن سلمان (أمير منطقة المدينة المنورة) روزنامة مهرجانات ينبع السياحية للعام الحالي، وتحتوي على 16 مهرجانا متنوعا موزعة على مدار العام، حيث أوضح أمين لجنة السياحة في ينبع يوسف الوهيب أن القيادة الرشيدة ترغب في أن تتبوأ ينبع موقعا متميزا في خارطة السياحة، وأن تكون وجهة سياحية على مدار العام، لما تمتلكه من مقومات سياحية تتمثل بتاريخها العريق وتراثها الأصيل، وبموقعها المتميز على البحر الأحمر، وباعتدال جوها، ورغبة أهلها الصادقة في تحقيق هذا الهدف. مشاركة اليابانيين من جانب آخر، شاركت البروفيسورة يودروبلو (أستاذ مشارك في الأدب الأدب الإنجليزي واللسانيات باليابان) في الملتقى، بمشروع بحث التعاون ما بين الهندسة واللسانيات والذي يختص بالتراث القطري التقليدي، موضحة أن مشروعها يساعد المختصين والباحثين السعوديين من ناحية الإطار البحثي المستخدم في المشروع ويطبقونه في السعودية، كما أنه بالإمكان أن يلهمهم الإطار البحثي للمشروعات، ويكمن تطبيقه على عدة مجالات وتخدم التراث المعماري. وأكدت أن للمرأة دورا كبيرا في المساهمة بالحفاظ على الآثار والتراث ولا يمكن أن يغفل دورها، ويقع الدور الرئيسي على الوالدين والأجداد في المسؤولية أيضا وربط حياة الأبناء بماضي آبائهم، من خلال القصص القصيرة والرسومات، ورصف القيم والمبادئ ونقل المعرفة من عصر إلى عصر، وبالتالي يصبح لدينا الجيل الذي يفخر بماضيه وتراثه ومن ثم يحافظون بدورهم وينقلونها إلى أبنائهم. وأشارت إلى أن المدينة المنورة تعتبر وجهة سياحية ومكانا رائعا لجذب السياح من مختلف الأماكن والاهتمامات. مجالات استثمارية كما استعرض عدد من المستثمرين والخبراء والمسؤولين في بعض المنشآت الفندقية، التجارب الناجحة في مجال الاستثمار بقطاع التراث العمراني، في ظل الطفرة النوعية والجهود المبذولة من قبل الدولة للنهوض بالقطاع سياحيا واقتصاديا وثقافيا. وأشاروا خلال جلسة علمية تحت عنوان «تجارب ناجحة في مجال الاستثمار في التراث العمراني وتوظيفه اقتصاديا»، إلى دراسات خلصت إلى جدوى تأهيل وإعادة استخدام عشرات من مواقع التراث العمراني بالمملكة، حيث أوصت بأن تتم هذه العملية من خلال شركة يساهم فيها القطاعان العام والخاص. الأوروبيون يشاركون من جانب آخر، تفاعل أحد الأوروبيين أمس، مع فعاليات التراث العمراني الثالث في ينبع بعد أن شاهد الشعراء يصطفون في صفين ويتحاورون شعرا، قام بالدخول في أحد الصفوف وبدأ يردد ما يقوله الشعراء، وكان سعيدا وسط ترحيب وتفهم من الشعراء، والصورة تعكس تفهم وانفتاح أهالي ينبع على جميع الثقافات المختلفة.