باريس أ ف ب دعا أحد أبرز الخبراء العالميين في مكافحة الإرهاب الدولَ الغربية إلى زيادة الضربات الجوية بمعدَّل 10 إلى 20 ضعفاً «ليصبح هناك أملٌ في إضعاف تنظيم داعش»، محذِّراً من مخاطر تحويل أوروبا إلى منطقة حرب عصابات. ويعدُّ الخبير ديفيد كيلكولن، وهو محاربٌ سابقٌ في الجيش الأسترالي وعَمِل مستشاراً للجيش الأمريكي، المهندسَ الرئيس لاستراتيجية «الصحوات» التي هزمت القاعدة في العراق قبل 7 أعوام. ورأى كيلكولن أن اعتداءات باريس أظهرت بدء «داعش» في التحوُّل من تهديدٍ إرهابي إلى «منظمةٍ لها هيكليتها» على غرار الجيش الجمهوري الإيرلندي أو منظمة إيتا في إسبانيا. وقال في مقابلةٍ مع «فرانس برس» من واشنطن حيث يدير حالياً مركز «كايروس» للحلول العالمية «نحن في البداية، لكن أعتقد أننا بدأنا نشهد إلى حدٍّ ما ظهور حركةٍ سريَّةٍ شبه عسكرية واسعة النطاق في أوروبا الغربية، وهذا ليس كالهجمات الإرهابية السريعة لتنظيم القاعدة»، عادَّاً مسار اعتداءات باريس، الذي اعتمد على السيارات المسروقة ومخابئ السلاح واختفاء المنفِّذين، أقربَ إلى التعريف الكلاسيكي لحرب العصابات في المدن. وطالب كيلكولن الدول الغربية بالابتعاد عن أنصاف الحلول وإخفاء الحقيقة. ورأى أن هناك حاجة إلى «إجراء حوار صادق، فنحن نتظاهر بأننا لا نخوض قتالاً، وأنه ليس لدينا قوات على الأرض، لكن لدينا عدَّة آلافٍ على الأرض في العراق والخمسون الآخرون الذين أُقِرَّ بوجودهم في سوريا ليسوا الغربيين الوحيدين هناك»، ملاحظاً «نحن نحاول إظهار أن الحرب في العراق انتهت». ورفض مدير «كايروس» اقتراح بعض المحللين والسياسيين نشر عشرات آلاف الجنود الغربيين على الأرض في مناطق الصراع، ووصف ذلك بـ «هذا ضرب من الخيال»، قائلاً «إذا كنت تريد حقَّاً اعتبار المهمة من اختصاصنا، فنحن في حاجة إلى أكثر من ذلك، علينا إرسال 200 أو 300 أو حتى 400 ألف جندي للقيام بالمهمة». لكنه استدرك «وبصراحة، لن تثمر، العراقيون والإيرانيون سيصعِّبون الأمر». وبيَّن أن «غزواً بريّاً على نطاقٍ صغير هو بحثٌ عن المتاعب، لأنك تضع عدداً كافياً من الجنود لإثارة سخط الجميع ولكن ليس كافياً لتحقيق الفوز». وفي نظره؛ فإن «المطلوب حقّاً هو حملة جوية جدية.. ورغم الخطاب المعلن؛ نحن لم نقم بذلك فعلاً». وهو يشير إلى تنفيذ الولايات المتحدة ما بين 10 و15 طلعة جوية ضد «داعش» يوميّاً مقارنةً بـ 250 غارة يومياً لحلف شمال الأطلسي خلال حرب كوسوفو في عام 1999 أو 110 ضربات يومياً خلال غزو أفغانستان في عام 2001. ويعتقد كيلكولن أنه «يجب إخبار الناس الذين يقولون إن الحملة الجوية فشلت؛ بأننا لم نقم بها بالشكل الصحيح بعد»، مقترِحاً إرسال عددٍ صغيرٍ من القوات الخاصة والمستشارين والمُوجِّهين على الأرض مع تكثيفٍ كبيرٍ للدعم الجوي «ربما 10 أو 20 مرة». وكان قادة غربيون أشاروا إلى تقليصهم أهداف الغارات ضد «داعش» لعدم وجود معلومات استخباراتية على الأرض وتخوفاً من سقوط ضحايا مدنيين ما قد يدفع بمزيدٍ من الأشخاص إلى التطرف. لكن كيلكولن لا يعتقد بتوفر بديلٍ آخر «فاعتداءات باريس تظهر أن الأمور ليست تحت السيطرة». وهو يلفت إلى «تعامَلْنا مع التنظيم كمنظمة إرهابية محاوِلين استهداف قادته ومخازن أسلحته، لكن يجب استهدافهم كدولة عدوَّة، فهذا ما هم عليه، نحن في حاجة إلى أن نقطع عنهم الكهرباء وإمدادات المياه مع وقف سيطرتهم على حقول النفط والمصافي والمدن التي يحتلونها». وعلى الجبهة الداخلية للدول الغربية؛ حثَّ كيلكولن على منح أولويةٍ للتعامل مع أزمة اللاجئين لأنها تعزِّز موقف اليمين المتطرف، مُشدِّداً على وجوب منع تسلُّل المتشددين إلى أوروبا ضمن صفوف المهاجرين الذين وصل منهم 800 ألف شخص منذ بداية العام الجاري. وأقرَّ كيلكولن بأن «هناك خطراً يمينيّاً كبيراً أو رد فعلٍ ضد اللاجئين باحتجاجاتٍ تقابلها احتجاجات مضادة ما يؤدي إلى اضطرابات مدنية»، ملاحظاً استغلال المتطرفين هذه الأوضاع بلا أدنى شك. لكنه لفت أيضاً إلى مخاوف مشروعة حيال كيفية مراقبة طالبي اللجوء. واستدل بدخول حوالي 20 ألفاً إلى ميونخ الألمانية يوميّاً دون فحص أي شخص تقريباً بشكل دقيق، و»هذا قد يتحول إلى مشكلة كبيرة جدّاً»، بحسبه.