×
محافظة المنطقة الشرقية

مقتل عناصر من لواء زينبيون الإيراني في حلب

صورة الخبر

في عام 1963 بدأت الفرقة الموسيقية لشرطة أبوظبي لترسّخ في الوجدان الإماراتي عبر ما قدمته من ألحان وطنية واعتناء بالهوية عبر توظيف الإيقاعات المحلية المختلفة خلال 52 عاماً، وها هي اليوم تخطو نحو العالمية انطلاقاً من إرثها والثراء الموسيقي الكبير للإمارات، إذ أضحت تقدم عروضها في المحافل العالمية بعد أن أسهمت بشكل كبير في شراكتها مع مجتمعها في تعزيز روح الهوية الوطنية. في هذه المساحة نقف مع الفرقة التي زرناها في مقرها بأبوظبي، لنتعرف الى كواليسها، لنجد مؤسسة موسيقية شرطية ترسي مبادئ العمل الموسيقي الجاد والرصين كل يوم، فثمة حركة دائمة في مقر الفرقة، تجعلها على أهبة الاستعداد للمشاركة في المناسبات والفعاليات الوطنية المختلفة. في اليوم الوطني للدولة ويوم العلم ويوم الشهيد، وغيرها من المناسبات، تجد الفرقة الموسيقية لشرطة أبوظبي حاضرة بكامل عتادها الموسيقي، راسمة لوحة وطنية نادرة، تحشد لها كل ملمح من شأنه أن يسهم في تعزيز مشاعر الولاء والانتماء للوطن، بيد أن ثمة تساؤلاً يدور بخلد المشاهد للفرقة وحضورها الباذخ في المحافل الوطنية، مفاده أن وراء هذه الإجادة والحضور الكبير تجهيزات واستعدادات مختلفة، وهو الأمر الذي لمسناه خلال زيارتنا للفرقة، لنجد صورة أخرى أكبر من تلك التي رسمناها في مخيلاتنا لحجم وطبيعة التجهيزات التي تقوم بها الفرقة للمشاركات المختلفة محلياً ودولياً، فكل شيء هنا يدل على أن هذا التميز لم يكن بالمصادفة، فهنالك استراتيجية متكاملة للفرقة في جميع مجالات عملها، والقائمون عليها يضعون حساباً لكل صغيرة وكبيرة، ويظهرون عناية كبيرة جداً بالتفصيلات التي من شأنها إحداث الفروقات المطلوبة، بدءاً من الآلات الموسيقية الحديثة ومروراً بورش صناعتها وانتهاءً بالعمليات الفنية المختلفة للمقطوعات الموسيقية. الأمر نفسه يؤكده العميد وليد سالم الشامسي، مدير إدارة مدارس الشرطة، مشيراً إلى أهمية الدور المجتمعي الذي تلعبه فرقة موسيقى شرطة أبوظبي، منذ إنشائها عام 1963، مبيناً أنهم ظلوا يضطلعون بدورهم تجاه مجتمعهم طوال هذه الفترة ولأكثر من نصف قرن حتى اليوم، بمعدل مشاركات يتجاوز أحياناً حاجز 300 مشاركة سنوياً، مع جميع شرائح المجتمع في مختلف الفعاليات الوطنية الرياضية والاجتماعية. ويقول الشامسي: هذا النجاح يعتبر حصيلة طبيعية للدعم المستمر من الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، والذي أسهمت جهوده المتصلة في إيصال الموروث الموسيقي الإماراتي الأصيل إلى أهم المهرجانات الموسيقية العسكرية الدولية، والتي نقلت بكل تفانٍ موروثنا الموسيقي عن طريق تقديمه بقالب الموسيقى العسكرية، ونالت الإعجاب والإشادة. للنجاح قصة طويلة مع الفرقة لكونها ظلت تعمل لأجله منذ بداياتها، حسب ما يروي الملازم أول إبراهيم معتوق الحوسني، رئيس قسم الموسيقى في إدارة مدارس الشرطة، مشيراً إلى أن البداية كانت ب 50 عازفاً في عام 1963، يضطلعون بمهام الموسيقى العسكرية في إمارة أبوظبي، واقتصر دورهم على المشاركة في المراسم الرسمية، مثل اعتماد السفراء وزيارات رؤساء الدول إلى جانب المهام الشرطية المتعلقة بتخريج دفعات جديدة من منتسبي الشرطة. ويشير إلى أن الفرقة تطورت بشكل كبير، وأضحت تشكل حضوراً كبيراً في جميع المحافل والمناسبات الوطنية، فضلاً عن المشاركات الخارجية في المهرجانات العالمية مثل موسكو وبرلين ومالطا، مضيفاً: هذه المشاركات تمثل إضافة كبيرة بالنسبة لنا، وبدأت عقب تكريم الفرقة بمناسبة 50 عاماً على تأسيسها في سبتمبر/أيلول العام الماضي، من قبل الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، لنشارك في مهرجان موسكو عقب التكريم مباشرة، وأظهرنا للعالم قدرتنا وتميزنا وتراثنا الفني الغني والمتنوع بين العيالة، والحربية، والعازي، وتفاعل معنا الجمهور بشكل كبير. ويوضح أنهم شاركوا الشهر الماضي في أحد أبرز مهرجانات مالطا العسكرية، الأمر الذي أسهم في فتح المزيد من قنوات التواصل مع العالم، وانعكس كذلك على أعضاء الفرقة باكتسابهم للمزيد من الخبرة خصوصاً فيما يتعلق بالآلات الموسيقية الحديثة، لافتاً إلى أنهم يحظون بدعم غير محدود للفرقة، ولتطوير العازفين، وكذلك على مستوى الآلات الموسيقية والمقطوعات. على المستوى الفني، يؤكد الحوسني أن هناك تعاوناً مع أبرز الشعراء، وإعداداً مستمراً للمقطوعات التي ينتجونها ويوزعونها. يقول: لدينا عازفون ذوو خبرة كبيرة، فمجال الموسيقى متطوّر وواسع، ونحن مستمرون في مسيرة التطوير، كذلك هناك تعاون وشراكة مع المعاهد الموسيقية، وبعض عازفينا وصلوا إلى المستوى الثامن، كما نُخضع أعضاء الفرقة سنوياً لاختبارات، لتطوير الأداء وتقييمه بشكل مستمر، ونسعى إلى زيادة عدد أعضاء الفرقة الموسيقية، ما يعزز فعالياتنا وخدماتنا بشكل إيجابي. ويوضح أنهم يعملون على تطوير الفرقة العسكرية والكلاسيكية والتراثية، ومن المميزات أن جميع الأعضاء مؤهلون للمشاركة في جميع الفرق، وهنالك مرونة كبيرة في التعامل معهم؛ تحقيقاً لأهداف شرطة أبوظبي المتمثلة في تفعيل دور الموظف الشامل. ويشير الحوسني، إلى أنهم أضافوا آلتي العود والناي، ليستعينوا بها، حسب المشاركات، موضحاً أن هذا التحديث دخل عامه الثالث، وكان أمراً لافتاً للغاية في المشاركات الخارجية، فهو يعبّر عن حرص الفرقة على إضافة المقطوعات العربية مع الأعمال التراثية، لافتاً إلى أنهم يختارون مقطوعة شعبية للبلد المضيف لعزفها الأمر الذي يمثل مفأجاة دائمة للجمهور، ويساعد في إبراز إمكانات وقدرات الفرقة. النقلة الكبيرة التي تشهدها الفرقة، تتأسس على عدة نقاط مهمة، يظل التدريب أبرزها، فالنوع الذي تتلقاه الفرقة منه يعتبر تدريباً زاخراً بالعلوم والأسس الموسيقية ومواكباً للتطور الذي تشهد الفرقة، وفقاً للملازم أول فهد محمد الحمادي، مدير فرع التدريب الموسيقي في إدارة مدارس الشرطة. ويقول الحمادي إنهم يتبعون أساليب التعليم والتدريب الفعالة في هذا المجال، فالتدريب أهم رافد لتطوير العمل الموسيقي، وهنالك علاقة بين التدريب والاحتياج الفعلي، كما نعمل على رعاية المتدرب بأسلوب التجميع الأكاديمي، عبر وضع الدورات المتخصصة وفق أسس أكاديمية وهي عملية تنموية مستدامة تحافظ على مستوى الأداء، فضلاً عن المزج بين الجانبين النظري والعملي، وهنالك متخصصون ومدربون من الموسيقيين القدامى، إضافة إلى معلمين يتولون مهمة التدريب النظري، لتقييم المدرب والمتدرب قبل وبعد البرنامج لقياس المستوى خلال المشاركات. ويوضح الحمادي أن الإجراءات المتبعة، كمعرفة النشاطات المستقبلية، والاستفادة من البرنامج التدريبي، وتجهيز اللوحات الفنية طريق مهم لإيصال التراث الإماراتي وبيان تنوع وجمالية فنونه، مشيراً إلى أن هناك دعماً كبيراً للفرقة الموسيقية، لتطوير الآلات واستحداثها. ويضيف: يجري إعداد برامج تدريبية للعازف لتأهيله للعزف على هذه الآلة، وبرنامج (الشامخ) يجري تحديثه أولاً بأول حسب الاحتياج الفعلي، فلو كانت لدينا مشاركة لجالية معينة، نغير البرنامج التدريبي، وفقاً لهذا الأمر، كما يتّبع فرع التدريب في قسم الموسيقى المناهج التعلمية مثل دورة الموسيقى التأسيسية للملتحقين بالعمل، ودورة آلة الإيقاع والقِرب والآلات النحاسية والخشبية وهنالك الآلات الوترية، فضلاً عن دورات (سي بي آر إم) بحسب الاحتياج التدريبي، وهي أحدث المناهج البريطانية. يلعب العريف مبارك المعمري، دوراً محورياً في الفرقة، فهو قائدها والكونتدكتر الذي يتمتع بقدرات كبيرة ويضطلع بدور كبير في جميع عمليات التحديث الفني التي تظهر على أداء الفرقة، خصوصاً حين يتعلق الأمر بتوظيف التراث الموسيقي الإماراتي. يقول: شاركنا في ألمانيا مرتين، المرة الأولى كنت عازفاً، والثانية كنت قائداً للفرقة، وشاركنا في روسيا وفي مالطا. والمشاركات الخارجية نستعد لها ببرنامج تراثي بتوظيف إيقاعات محلية مثل (العيالة)، كما أن هناك دورات للعازفين المبتدئين، وهنالك عازفون يأتون إلينا وهم في تمام الجهوزية نختبرهم فقط، وبناءً على النتائج يخضعون لتدريب شرطي وندربهم على النوتة خلال عامين من التأهيل، ومن ثم نعطيهم الآلة المناسبة لهم، بعد اجتيازهم مرحلة التأهيل النظري والعملي. ويرى المعمري، أن أهم مهارة للعازف في الفرقة الموسيقية، هي القدرة على العمل الجماعي، مبيناً أنهم قطعوا شوطاً كبيراً في توظيف الفنون المحلية مثل العيالة البحرية والعيالة البرية كموسيقى عسكرية. ويضيف: قبل المشاركة في مهرجان ما، نكثف عدد الحصص، ففي العادة هنالك 4 حصص في اليوم، تُضاعف في الفترة المسائية حتى يكون الاستعداد على أكمل وجه. وفي هذه الحالة يكون التركيز على النوتة. قائد الفرقة الموسيقية يجب أن يعتمد على روح الفريق، لأنه في النهاية يحتاج الى أجواء موسيقية خاصة يصنعها، وفق ما يؤكده المعمري، الذي يشير إلى أنهم ينتجون معزوفات عربية وأجنبية، ويرى أن أبرز ما يميزهم الآن هو إدخالهم آلات وترية في الفرقة الموسيقية لإبراز الهوية الموسيقية العربية، إضافة إلى الطبول الشعبية الإماراتية، منوهاً بأن هذه اللفتة وجدت قبولاً جماهيرياً. ويوضح المعمري، أنه في أول مشاركة لهم بعد هذه التحديثات، وجدوا تجاوباً كبيراً من الجمهور الألماني في مهرجان برلين، بذات القدر الذي أحدثه تقديمهم للفنون البحرية والعازي والعيالة، وفي روسيا عندما تفاعلت الجماهير مع فن الحربية، مبيناً أن كل هذه المحاولات تهدف لتطوير الفولكلور الإماراتي الشعبي ونقله للعالم، مؤكداً أن كل مناسبة تستلزم استعداداً مختلفاً حتى يتمكنوا من المحافظة على الصورة الجميلة التي رسمتها الفرقة في أذهان الجمهور. تتلقى الفرقة التي يعتبر الرقيب أول خصيب المعمري، أحد أقدم عازفيها ، طلبات كثيرة محلياً، ودعوات من اللجان العليا المنظمة للمهرجانات خارجياً، ويشرح أحمد خلفان عبد الله المعمري، منسق موسيقى شرطة أبوظبي، طريقة الاستجابة للطلبات قائلاً: في حالة المشاركات المحلية تخاطبنا الجهة التي تطلب الفرقة، لننسق بدورنا معهم لتحديد الفئة المستهدفة ونوعية المعزوفات المناسبة، وكذلك تحديد الدعم اللوجستي المطلوب للفرقة بالتنسيق مع الفروع الأخرى في الإدارة، كما نجري تحديثات يومية لبرنامج المشاركات لرئيس القسم، وهناك بعض الإجراءات المختلفة في المشاركات الخارجية مثل عقد الاجتماعات التنسيقية وتخليص التأشيرات وطلبات الوفد المشارك، وتوفير الاحتياجات ومتابعة شحن الآلات للبلد المضيف، ولا تتوقف عملية التنسيق إلا بعد انتهاء المشاركة، وتعبئة استبانة الرضا عن خدماتنا من الجهات الطالبة والجمهور. موسيقى الشرطة ..سيمفونيات وطنية ثمة علاقة بين المناسبات الوطنية في الدولة، وموسيقى الشرطة بتشكيلاتها المختلفة،كونها تمثل ركناً أساسياً في هذه المحافل، وحضوراً بهياً يجسد معاني الوطنية والبذل والعطاء، تمتزج فيه معاني الجندية بالإيقاعات الشعبية والعسكرية التي تتعدد دلالاتها لتتخطى الصرامة والانضباط إلى عوالم الفرح الهادر. هذا الفرح يتجلى في التفاعل الشعبي الكبير مع ما تقدمه هذه الفرق من إيقاعات أضحت محفوظة عن ظهر قلب في الوجدان والعقول. استشرافاً لكل هذا وفي أجواء تغمرها المشاعر الوطنية، خاصة مع اقتراب الاحتفاء الوطني الكبير بيوم الشهيد واليوم الوطني،كانت لنا جولة في إمارات الدولة التي توجد فيها فرق لموسيقى الشرطة، اقتربنا فيها من هذه الفرق، لنتعرف عن قرب إلى كواليس عملها بوصفها مؤسسات شرطية إبداعية ومراكز تعمل على تعزيز مفاهيم الهوية الوطنية. الجولة تشمل الشارقة، ودبي، وأبوظبي ورأس الخيمة، وتعرفنا خلال هذا التطواف على الكثير حول هذه الفرق، وننثره في هذا الملف بدءًا من الآلات الموسيقية ومروراً بطرائق العمل والتدريب وصياغة المشاريع الموسيقية المختلفة، وانتهاءً بالعازفين وإدارات الفرق. وفي كل محطة كانت التفاصيل تستوقفنا باعتبارها الخصائص المميزة لكل فرقة، وأحد أهدافنا تعرف الناس على الجهد الذي يسبق ظهور الفرق الموسيقية للشرطة في حلتها البهية وأدائها الفريد أمامهم في المحافل الوطنية، وهو جهد جماعي يسهم فيه كل عضو بالفرقة بما لديه من طاقة إبداعية تحتاج احتفاءً خاصاً، إلا أننا نحاول في هذه المساحة قدر الإمكان استكمال الجزء الخفي من الصورة البهية لهذه المؤسسات الشرطية الفنية الإبداعية بما يجيب على الكثير من الأسئلة. مكتبة ومتحف مُصغر يشير شرطي أول عوض دفع الله أحمد، عازف موسيقي، ومشرف على المكتبة الموسيقية للفرقة، إلى أن دورهم ينحصر في حفظ وجمع الأعمال الموسيقية، وجميع السلامات الوطنية، والمارشات العربية والأجنبية والأغاني والموسيقى العالمية، إضافة إلى الأعمال الشعبية والتراثية، وحفظها إلكترونياً ببرامج متخصصة وطباعتها عند الحاجة إليها، حسب نوع المناسبة أو المشاركة. ويعود الرقيب أول خصيب درويش المعمري، وهو أحد أقدم العازفين في موسيقى شرطة أبوظبي، بالذاكرة للوراء، مشيراً إلى أن تميّز الفرقة كان انعكاساً للاهتمام الذي لاقته في الماضي والحاضر، ويظهر ذلك بما يحتويه المتحف المصغر في قسم الموسيقى من شهادات وأوشحة ومقتنيات قُدمت إلى الفرقة، لافتاً إلى أن المتحف، يضم كذلك الدروع والشهادات من مختلف الجهات المحلية والعربية والدولية، والآلات الموسيقية القديمة التي تعبّر عن تاريخ وعراقة الفرقة مثل أول صورة اُلتقطت للفرقة عام 1963 بعد تأسيسها، وكذلك طابعة نادرة كانت تستخدم في طباعة النوتات، وكتب موسيقية تعتبر من أوائل الكتب في مجال الموسيقى العسكرية في الوطن العربي.