في إطار محاولات حسم الجدل بشأن النظام الغذائي الأمثل لصحة جيدة، وعمر مديد، تصبح التجربة والبراهين المثبتة مثل تجربة قبيلة هونزا، هي السبيل الأفضل للاسترشاد والاختيار. تعيش قبيلة هونزا بمنطقة جبال الهيمالايا، المنعزلة عن العالم أجمع، وتتبنى أساليب حياتية بسيطة، تتيح لهم التنعم بصحة جيدة، وعمر مديد يصل إلى 145 عامًا، وتعد واحدة من أكثر المجتمعات سعادة على وجه الأرض، فضلًا عن أن الأمراض لا تعرف إلى مجتمعهم سبيلا، فلم يظهر بينهم مصاب بأي من امراض القلب، أو السرطان، أو السكر، أو البدانة، أو ضغط الدم، أو أي من الأوبئة والأمراض المزمنة التي ظهرت وتفشت في العالم الغربي في الماضي والحاضر. الدكتور روبرت ماكريسون، هو أول من كتب عن القبيلة في كتاب عنون بـ (Studies in Deficiency Disease)، تلاه مقالة نشرها بدورية JAMA عام 1961، وثق من خلالها العمر الافتراضي لقبيلة هونزا، ثم قام برحلة إلى الوادي الذي تعيش به القبيلة لدراسة خصائصها عن كثب، والأسرار وراء كونها المجتمع الأفضل صحة والأطول عمرًا على مستوى العالم، بحسب موقع «ذا سبريت ساينس». وتوصل ماكريسون إلى العنصر الأساسي في النظام الغذائي لقبيلة الهونزا، ألا وهو حبات المشمش المجففة، التي تشكل الجزء الأكبر من السعرات الحرارية التي تكتسبها أجسادهم، ولأنهم لا يصابون قط بمرض السرطان، عكف العلماء على دراسة خصائص الثمار المجففة التي يعتمدون عليها في غذائهم، وأدرجوها ضمن برنامج علاجي يقوم على هذه الثمار أطلقوا عليه اسم (laetrile) لمرضى السرطان، ورغم فاعلية البرنامج، أقدمت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية على حظره. متوسط أعمار الهونزا تتخطى حاجز المئة عام، ويتمتع نساؤها ورجالها بالخصوبة التي تمكنهم من الإنجاب حتى عمر الثمانين والتسعين، ما دفع الباحثين إلى تسجيل كل الأطعمة التي يتناولها أفراد القبيلة بانتظام وكانت كالتالي: الفاكهة الناضجة، والخضروات مثل البطاطس، والجزر، والخضروات الورقية الداكنة، اللفت، القرع، التفاح، العليق، الكرز، الكمثرى، الخوج، المشمش. ومن المكسرات تتناول الهونزا البندق، اللوز، ويستخدموت الزيوت المشتقة منه، أما البروتين فيتناوله أفراد القبيلة من خلال الألبان، الدجاج، الزبادي، والجبن، ومن الحبوب يتناولون الحنطة السوداء، الدخن، الشعير، والقمح. ومن بين الأسرار الأخرى التي تكمن وراء قبيلة الهونزا، ميلهم لتناول كميات أقل من الطعام، فهم لا يتناولون في اليوم سوى وجبتين فقط، ويمارسون الأعمال التي تتطلب مجهودًا عضليًا، إلى جانب تخصيصهم فترة للصيام تمتد لسبعة أيام خلال فصل الربيع من كل عام، وآخر الأسباب يتمثل في ممارستهم تمارين اليوجا بانتظام.