سبق الرياض: أكد البيان الختامي وتوصيات مؤتمر الحوار وأثره في الدفاع عن النبي صلي الله عليه وسلم، الذي اختتمت أعماله مساء اليوم بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، أهمية الحوار بوصفه أسلوباً حضارياً للتعايش والتواصل والتعاون مع المسلمين وغير المسلمين، وتقديم الإسلام ومثله وقيمه وحضارته، وضرورة تربية النشء عليه، وتعليمهم أسسه ومفاهيمه وأدواته، وضرورة تفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، والإفادة منها في التقارب والتعايش والتواصل، وفي تقديم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العالم نقية من الشبهات والأفكار والآراء مما لا يتفق مع هدي النبي. ويوصي المشاركون باعتمادها منطلقًا للحوار في الجوانب الأخرى، ولاسيما ما يتعلق بجناب النبي، وآله الأطهار، وصحابته الأخيار؛ فهم نقلة الشريعة، وصفوة الأمة وخيارها بعد نبيها. وفيما يأتي نص البيان الصادر عن المؤتمر: - الحمد لله الذي أقام على خلقه الحجة، وأوضح لهم المحجة، وأتم النعمة ببعثة النبي المصطفى، والرسول المجتبى، إمام الحنفاء، وقدوة الأتقياء، من منحه الله المواهب، وعليه أثنى فقال: {وإنك لعلى خلق عظيم}، والحمد لله الذي جعلنا من أمته، وأوجب علينا توقيره ومحبته، ووفقنا لما يؤدي شيئًا من حقوقه ونصرته، فلله الحمد حمدًا كثيرًا يوافي نعمته، ويكافي مزيده ومنته، وصلى الله وسلم وبارك على خير خليقته، وأفضل من حمل رسالته، نبينا وقدوتنا وحبيبنا وقرة أعيننا محمد عبده ورسوله، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واقتفى أثره ونصره واتبع سنته إلى يوم الدين، وبعد: فانطلاقًا من ثوابت دولة الإسلام، والسلم والسلام، قلب العالم الإسلامي، ومحط أنظار المسلمين في العالم، مهبط الوحي، وموطن الرسالة، ومهاجر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، المملكة العربية السعودية، وامتدادًا للجهود العظيمة، والمآثر الكبيرة، والأعمال الجليلة لقيادتها الوفية، وولاة أمرها الميامين، في خدمة الإسلام ومقدساته، وكتاب الله وسنة رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم، وتتويجًا لهذه الأدوار التي قدمتها السعودية من خلال مؤسساتها التي تعنى بالشؤون الإسلامية، وتعزيز الحوار الداخلي والدولي، وعلى رأسها الجامعة العريقة الرائدة، جامعة علوم السيادة والعالمية، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ممثلة في مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية المعاصرة وحوار الحضارات، ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وجائزة نايف بن عبدالعزيز العالمية للسنة النبوية والدراسات الإسلامية المعاصرة، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، والهيئة العالمية للتعريف بالرسول صلى الله عليه وسلم ونصرته، فقد صدرت الموافقة السامية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -أيده الله وأعز به دينه-، برقم 41036، وتاريخ 22/ 9/ 1432 هـ، على قيام جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بمشاركة المؤسسات آنفة الذكر بتنظيم مؤتمر عالمي تحت عنوان (الحوار وأثره في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم )، كما صدرت الموافقة السامية على رعاية خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- للمؤتمر؛ إذ يهدف هذا المؤتمر إلى تأصيل مفهوم الحوار، وبيان مرتكزاته ومقوماته، وتعزيز اللغة الحوارية لتقديم الصورة الناصعة، والحقائق والشواهد عن أعظم شخصية عرفتها البشرية، سيد الخلق، وخاتم الأنبياء والرسل، وعرض سيرته العطرة، والتعريف به وبشمائله، والوفاء بحقه، والدفاع عنه وعن سنته وهديه وسيرته بأساليب الحوار الحضاري البنّاء. كما يهدف هذا المؤتمر إلى رصد جهود المملكة العربية السعودية في الحوار الوطني والمذهبي والحوار بين أتباع الديانات والحضارات، تطبيقًا لنهج الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، وقد مثلت هذه الأهداف في خمسة محاور: * المحور الأول: حقيقة الحوار وأهميته في الإسلام. * المحور الثاني: إبراز جهود المملكة العربية السعودية في الحوار الوطني والحوار بين أتباع الديانات والحضارات. * المحور الثالث: مقومات الحوار الناجح، وأهم أساليبه وأدواته وميادينه. * المحور الرابع: أثر الحوار في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم. * المحور الخامس: جهود السلف وعلماء المسلمين في توظيف الحوار للدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وشريعته. وبتوفيق الله وتسديده وفضله ومنته، وبعد استكمال الاستعدادات اللازمة، عقد هذا المؤتمر العالمي في مبنى المؤتمرات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، المملكة العربية السعودية، يومي السابع والثامن من شهر صفر، من عام خمسة وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية، الموافق يومَي العاشر والحادي عشر من شهر ديسمبر عام ثلاثة عشر بعد الألفين من الميلاد. وقد استهلت الجلسات صباح الثلاثاء، واحتشد المسؤولون والعلماء والباحثون والمختصون لحضور حفل الافتتاح الكبير الذي كان في الساعة الواحدة بعد الظهر من يوم الثلاثاء، بحضور جمع من العلماء والوزراء، وعلى رأسهم سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية الشيخ/ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وجمع من أصحاب المعالي والسماحة والفضيلة والسعادة، وبمشاركة أكثر من مائتين وخمسين شخصية من العالم، تتسم بالوسطية وتعنى بالحوار. وحَفِل الافتتاح بتفاعل وحضور منقطع النظير، وشرف بكلمة لسماحة المفتي، مبينًا أهمية هذه الرسالة الخاتمة، وضرورة انتهاج الحوار والحكمة، وبيان الحق والهدى، وإيصال هذه الرحمة إلى العالم أجمع، مبينًا أهمية الدعوة والمشاركة الفاعلة في ذلك. وألقى كلمة المشاركين في المؤتمر الأستاذ الدكتور/ توماس ميشيل، الأستاذ بجامعة جورج تاون، ركز فيها على قيمة الحوار، وأهميته وثمرته، وأنه الوسيلة المثلى للدفاع عن القيم، وإيصال الرسالة، والتواصل والتعاون. وتحدث معالي مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، رئيس اللجنة العليا ولجان المؤتمر في كلمته عن شمائل النبي صلى الله عليه وسلم وخلاله، من خلال كتاب الله وما ورد في سنته صلى الله عليه وسلم، مظهرًا جهود هذا الوطن الغالي المملكة العربية السعودية في خدمة الكتاب والسنة وتطبيق أحكام الشريعة، مستمدة ذلك مما جاء في الوحيين في جميع أحوالها وتحولاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية، وأن ما قامت به جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محققة رسالتها وأهدافها لتفعيل المبادرة الملكية من قائد السلم والسلام، خادم الحرمين الشريفين -أيده الله، مؤكداً أن هذا المؤتمر أعظم شاهد وأكبر برهان على أن ما تقوم به الجامعة بحكمة فائقة، ورؤية واضحة، وخطط استراتيجية بعيدة عن الاجتهادات والرؤى الفردية، مبينًا معاليه حقيقة الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنها لا تأتي بالتمني والتشهي، والأقوال والمزايدات والغلو والجفاء والإفراط والتفريط، وإنما بالاتباع الحقيقي، والعالم اليوم أجمع بحاجة ماسة إلى الشمائل النبوية، والمبادئ الشرعية والأحكام المستمدة من الوحيين؛ لأنها كلها عدل ورحمة وخير وفضل وأخلاق ودعوة إلى التعاون على البر والتقوى، وزيادة المحبة والإخاء والتعايش مع غير المسلمين. وشكر في ختام كلمته ولاة أمر هذه البلاد على هذه الجهود الداعمة، والتأييد والمؤازرة للجامعة في مناشطها وفعالياتها وكل مهامها. ثم توالت الجلسات على مدى اليومين السابقين، وشهدت تفاعلاً منقطع النظير، وحضورًا مميزًا من الرجال والنساء، وتغطيات إعلامية لا تُستغرب في مثل هذه المناسبة العظيمة التي تشرف بشرف موضوعها، ومتعلقها، وما يؤمل منها، كما صاحبها حراك لافت على مستوى الجامعة، والعاصمة الرياض، وأنحاء المملكة العربية السعودية كافة، بل في العالم أجمع؛ إذ يتحدث الجميع عن هذا الحدث الكبير، ومن خلال ما قدم من أبحاث، وما شهدته الجلسات من مداولات ومناقشات وحوارات انتهى المؤتمر إلى جملة من التوصيات، هي: 1- تتقدم الجهات المنظمة لهذا المؤتمر والمشاركون فيه بالشكر الجزيل والتقدير والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على الموافقة السامية على عقد هذا المؤتمر المهم برعايته -أيده الله-، ويقدرون هذا الاهتمام الكبير الذي توليه المملكة العربية السعودية بما يخدم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم من أعمال وجهود ومشاركات على كافة الأصعدة، ويؤكدون أن هذه الأعمال من أمثل أساليب النصرة والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم. 2- كما يشيد المشاركون بما تنتهجه هذه البلاد الطاهرة، المملكة العربية السعودية، وما سارت عليه منذ عهد الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - ثم في عهد المؤسس الموحد الباني الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن غفر الله له وأسكنه فسيح جناته وامتداداً لذلك في عهد أبنائه البررة وصولاً إلى هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- من نهج اعتمد فيه تطبيق الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، وهيأت كل سبيل أو وسيلة أو طريق يخدم قضايا المسلمين في كل مكان، ولاسيما ما يتعلق بخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما بصورة منقطعة النظير، تحقق التيسير والتسهيل وتؤدَّى بها الحقوق، ومنها: حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم بوسطية واعتدال، دون غلو أو جفاء. 3- يؤكد المشاركون أهمية الحوار كأسلوب حضاري للتعايش والتواصل والتعاون مع المسلمين وغير المسلمين، وتقديم الإسلام ومثله وقيمه وحضارته، وضرورة تربية النشء عليه، وتعليمهم أسسه ومفاهيمه وأدواته. 4- يؤكد المشاركون تفعيل مبادرة خادم الحرمين الشريفين في الحوار بين أتباع الأديان والثقافات والإفادة منها في التقارب والتعايش والتواصل، وفي تقديم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم إلى العالم نقية من الشبهات والأفكار والآراء، مما لا يتفق مع هدي النبي صلى الله عليه وسلم. ويوصي المشاركون باعتمادها منطلقًا للحوار في الجوانب الأخرى، ولاسيما ما يتعلق بجناب النبي صلى الله عليه وسلم ، وآله الأطهار، وصحابته الأخيار؛ فهم نقلة الشريعة، وصفوة الأمة وخيارها بعد نبيها صلى الله عليه وسلم. 5- يؤكد المشاركون في المؤتمر أن تفعيل الحوار الداخلي بين المسلمين هو الطريق إلى الحوار مع الآخر، وأن النظرة الحوارية يجب أن تكون شمولية، تنتظم الأبعاد المختلفة، وتجسد الأقوال بالأفعال، عقيدة وعبادة وسلوكًا ومنهج حياة، وصولاً إلى النظرة الاستشرافية الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين -أيده الله-. 6- يرى المشاركون في المؤتمر أن كل ما قدم من مؤتمرات وملتقيات سابقة إضافة مهمة، ويحقق جزءًا من أهداف الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ويصحح الصورة المغلوطة عنه، إلا أن من المهم التركيز على الجوانب العملية، وملامسة الواقع بشفافية، وتحمل المسؤولية من الجميع برؤى استراتيجية، وأعمال مؤسسية، وجهود تعتمد الانضباط والتركيز والتدرج والمرحلية؛ لتتحقق المقاصد المرعية، والمصالح الآنية والمستقبلية، وتنغمر المفاسد والرؤى الشخصية، ويعول المشاركون على جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لتحقيق هذه الرؤية الواقعية. 7- يؤكد المشاركون أن الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم من حقوقه العظيمة، وهو من مقتضى الإيمان به، لكنه لا بد أن ينهج من المنهج النبوي، ويعتمد القواعد الشرعية المتعلقة بالمصالح والمفاسد، وهذا يحمل المسلمين - ولاسيما في مجتمعات الأقليات - مسؤولية مضاعفة في تجسيد قيم الإسلام وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ، والبُعد عن مظاهر الغوغائية والفوضى التي يحدث منها نتائج عكسية، ولا تحقق الهدف. 8- يشيد المشاركون برؤية هذا المؤتمر في جمعه بين أمثل الأساليب وأنبل الغايات، ويستنهضون الهمم لتفعيل ذلك في الواقع المعاش، وصولاً إلى تقديم هذه الشخصية العظيمة، محمد صلى الله عليه وسلم ، والدفاع عنه، وكشف كل شبهة يراد بها استنقاص دينه، أو تشويه سيرته، أو النيل من شخصه صلى الله عليه وسلم بالضوابط الشرعية، والآداب المرعية. 9- نظرًا لأهمية الأبحاث وأوراق العمل التي قدمت عبر هذا المؤتمر، ولما لها من قيمة كبرى في موضوعها على اعتبار أنها بحوث عميقة محكمة مراجعة علميًا وشرعياً، يوصي المشاركون باستقرائها، واختيار ما يخاطب غير المسلمين، وترجمته إلى اللغات الحية في العالم، كما أن مضامين هذه الأبحاث مادة عميقة يوصى بتعميمها على كافة المؤسسات العلمية والدعوية والتربوية، داخل السعودية وخارجها، عبر فروع هذه الجامعة في الدول الشقيقة والصديقة، وعبر الملحقيات والممثليات الثقافية والدبلوماسية الرسمية. 10- كما يشيد المشاركون بنوعية المشاركين والأطروحات والأبحاث التي قدمت للمؤتمر، ويقترحون تعميم هذه الأبحاث في جامعات السعودية من خلال فعاليات وورش عمل، يتم استضافتهم فيها، تكون موجهة لعموم الطلاب والطالبات؛ لما لها من أثر بنّاء في بناء الملكة الحوارية، وتوظيفها في المجالات المتنوعة. 11- يؤكد المشاركون دور المرأة المسلمة في غرس محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس الناشئة، وتربيتهم عليها، والحرص على تطبيق السنة؛ ليكون تجسيد القدوة من أبلغ أساليب التربية.