تطلعات كبيرة يبديها موظف يشرح لإدارته ما يمكنه أن يفعل من تقديم أفكار وجهود للارتقاء بمستوى العمل في تلك المنشأة، لكن نظرة من القيادي تشبه الازدراء، أو هي كذلك لها وقعها المدوي في وجدان ذلك الشاب الطموح، حتى يتساءل وهو يخرج من مكتب ذلك المدير، لماذا يألف الناس في هذه المنشأة الجمود، ويكرهون النجاح ويتشبثون بالفشل. لكن الأمر في الواقع لا يتوقف عن انتهاء اجتماع غير مثمر بين شاب طموح وقيادي تقليدي مُحبِط، فمثل هذا الموقف يبقى مقلقاً، ومتعباً لذلك الشاب الذي يملك من المؤهلات والحماس والرؤية الكثير، حتى أنه تعز عليه نفسه أحياناً فيفكر في الرحيل من هذه المنشأة التي يراها مقبرة كبيرة لأحلام الطامحين ولأفكار المبدعين. ويمثل تكرار مواجهة هذه المحبطات في أكثر من منشأة انهياراً حقيقياً لمعنويات أولئك الطامحين للتغيير والتطوير في المنشآت، حتى ينعكس ذلك على حياتهم بشكل كبير، ويقذف بهم موج التهميش والتجاهل من قبل الإدارات إلى مواطن الاحباط، ويفقدون حماسهم وولاءهم للمنشأة التي يعملون بها، حتى يصبحوا مع مرور الأيام مجرد موظفين تقليديين يأتون ويروحون كل يوم في دوام تقليدي، منتظرين الراتب كل هلال شهر جديد. د. محمد بن مترك القحطاني -أستاذ علم النفس المشارك- أكد أن الموظف الطموح يقف خلف سلوكه عامل يسمى في علم النفس الدافع للإنجاز، مشيراً إلى أنه في حال توفرت الظروف المناسبة للموظف لتحقيق نجاحات على مستوى العمل، فإن ذلك سيعزز لديه ما يسمى بمستوى الطموح، والذي يحفز على العطاء والإنجاز لدى ذلك الموظف، ويحقق له مستوى الرضا الوظيفي. وشدد على أن عدم قدرة الموظف على تحقيق طموحاته الوظيفية نحو تحقيق النجاحات والتميز المنشود سوف يسبب له الإحباط النفسي والذي يمثل شعور الفرد بالإحباط حينما لا يكون هناك تكافؤ بين واقعه وبين ما يشعر أنه يجب أن يحصل عليه، مبيناً أن ذلك يدفع الموظف إلى الإحباط وتراجع الإنتاجية والولاء لتلك المنشأة، والعمل بالحد الأدنى من الأداء. وبين أن تهميش تطلعات الموظف ورغباته في تحقيق الإنجازات والنجاحات وتهميشه يؤدي إلى ضعف فاعلية الذات المهنية، مشدداً على أن عدم تقبل أفكار وتطلعات الموظف الناجح، وتهميشه وعدم المساواة كذلك بين الموظف، تؤدي جميعها إلى هذا الشعور، ما يجعل فاعلية الذات المهنية لديه تنهار بشكل كبير، وبالتالي يضعف الولاء الوظيفي للمنشأة، مشيراً إلى أن هذه المرحلة هي من أسوأ المراحل التي قد يمر بها الموظف في حياته الوظيفية. وأشار إلى أن جميع تلك المحبطات تؤدي بالموظف الطموح إلى الوصول إلى مرحلة الضغط النفسي، جراء تجاهل الإدارة لأفكار وطموح ورغبات ذلك الموظف في المساهمة في تحقيق نجاحات للمنشأة، مؤكداً أن ذلك الضغط النفسي سينعكس بشكل سلبي على سلوك الموظف وعلى صحته كذلك. ونصح الدكتور القحطاني الموظفين الطموحين بالتحالف من أجل المساهمة في تغيير بيئة العمل، من خلال تكتلات تدعو إلى التغيير وتقبل الأفكار الجديدة وإعطاء فرص للطموحين، مبيناً أنه في حالة عدم نجاحهم في ذلك، فإن عليهم تقبل الأمر كما هو والتعايش مع تلك البيئة المحبطة في المنشأة. وشدد على أهمية أن يغير الموظف موقفه، وأن يتقبل تلك البيئة السلبية على علاتها حتى لا يصل ذلك الموظف إلى مرحلة سوء التكيف، مشدداً على أنه يجب على ذلك الموظف أن يهون الأمر، وأن يقنع ذاته بأن ذلك يحدث في أغلب بيئات العمل، وأن الأمور قد تتغير مستقبلاً، وأن عليه أن يتحلى بالصبر قدر المستطاع.