دعاني صديق أميركي يعمل ويعيش في جنيف للعشاء ببيته خارج المدينة ، وذهبت معه في سيارته لمنزله حيث فوجئت ، بعد دخوله حوش المنزل ، بزوجته تستقبلنا على باب بيتها وبرفقتها كلب ضخم بحجم سيارة صغيرة . ونظراً لأني أخاف من الكلاب منذ تعرضت وأنا صغير لكلب جرى خلفي في الشارع وعضنى عضة أقعدتني السرير مريضاً عدة أيام ، لست أذكر عددها وأصبت برعب شديد إذ خشيت خلال هجوم الكلب أن يلتهمني لولا تدخل الجيران الذين رثوا لحالي وطاردوه . تسببت عضة الكلب لي برعب شديد من الكلاب تمكنت مع مرور السنين من تقليص مظاهره أمام الآخرين . إلا أنني عندما شاهدت ذلك الكلب الضخم رفضت أن أنزل من السيارة إلى أن يتم إبعاد الكلب عني . ثم استسلمت بعد ذلك لمحاولات الصديق وزوجته لتقبل وجود الكلب بعد أن مكنوني من مسح رقبته والتظاهر بأني صديقه ، ونزلت معهم إلى البيت وتناولت العشاء في جو من الحذر بينما كان الكلب يقبع غير بعيد مني . ولازلت أتذكر هذه الحادثة بعد مرور بضع سنوات عليها ، ولازال الصديق يذكرني بها بين الحين والآخر ضاحكاً ومستغرباً . ومؤخراً لفت نظري مقال نشر عام 2007 في مجلة ( الفورين بوليسي ) الأميركية تحت عنوان « الدبلوماسية فيما بين روسيا وألمانيا « أشار فيه كاتبه إلى أن المستشارة الألمانية ، أنجيلا ميركل ، تعاني من نفس الخوف الذي أعاني منه تجاه الكلاب إذ عضها كلب عندما كانت صغيرة ، وحرصت منذ ذلك الوقت على الإبتعاد عن الكلاب . وشعرت حينها بالارتياح طالما أن أقوى امرأة في ألمانيا تعاني من نفس المشكلة ( الكلابية ) التي أعاني منها . ويقول كاتب المقال أن خوف ميركل من الكلاب يعرف عنه الرئيس الروسي ، فلاديمير بوتين ، لذا فإنه عندما يلتقي بالمستشارة الألمانية في روسيا يحرص على أن يكون أحد كلابه موجوداً معه . وفي يناير 2006 ، التقى الاثنان ، وفي نهاية اللقاء قدم بوتين هدية لميركل عبارة عن لعبة صغيرة في شكل كلب لونه أبيض وأسود برباط قصير، واحتار الدبلوماسيون الألمان في كيفية فهم مغزى هذه الهدية . وأوائل العام التالي 2007 أجرت ميركل محادثات مع بوتين في موسكو حول إمداد ألمانيا بالطاقة من روسيا ، والتقى الاثنان بالصحفيين بعد ذلك ، وعندما ظهرت ( كوني ) ، كلبة بوتين الضخمة ، علقت ميركل بقلق وباللغة الروسية : « الآن ستأكل الكلبة الصحفيين « ، ورد عليها بوتين بأنه لا يعتقد « أن الكلبة ستخيفك ، لن تفعل أي شيء سيىء . إنها تحب الصحفيين « . هذه المعلومة قديمة نوعاً ما ، ولست أدري إن كانت المستشارة الألمانية قد تغلبت على خوفها من الكلاب أم لا ، ولكن المعلومة لفتت نظري وأحببت أن تكون موضوعاً خفيفاً لهذا الأسبوع المليء بأجواء دموية مأساوية جديدة في بيروت وباريس ، وربما تضاف اليها أحداث دموية أخرى على يد داعش وتابعيها قبل قراءتك هذا المقال . فأحداث عالمنا العربي أكان مشرقه أو مغربه دموية بما يكفي ولم يكن الداعشيون وأمثالهم بحاجة ليضيفوا هذه الإضافات حتى يجعلوا أيامنا سوداء مأساوية . ص . ب 2048 جدة 21451 salah2048@yahoo.co.uk adnanksalah@yahoo.com