×
محافظة مكة المكرمة

حالتا وفاة بتماس كهربائي في سيول جدة

صورة الخبر

عندما أصاب العاصمة الفرنسية باريس ما أصابها من كارثة إنسانيّة وسلوكيّات إجراميّة راح ضحيّتها عشرات الأبرياء، حينها قال أحد الفرنسيين الناجين من الأحداث المأساويّة: نحن الآن لا نحتاج إلى خطب مطوّلة أو تحليلات هوجاء، كل ما نريده هو أن ننعم بانتشار سلوك الاحتضان؛ لأنه وحده من سيعيد إلينا توازننا المفقود، ويشعرنا مجدداً بالأمان. الأزمات الإنسانيّة بعد وقوعها تحتاج أولاً إلى احتواء المتضررين منها لتفادي ما قد تجره عليهم وعلى المجتمع من اعتلالات عقليّة ونفسيّة واجتماعية، ولا سبيل للاحتواء دون أن يسود في المجتمعات ثقافة الاحتضان، لا بوصفه سلوكاً فعلياً فحسب، وإنما كذلك الاحتضان بأبعاده الذهنيّة والمفاهيمية، والذي يعني المشاركة الوجدانيّة معكَ لأنك شريك لي في هذه الحياة، وجميعنا نعيش معاً الهم الوجودي الذي يهددنا. مفهوم التشارك الوجودي يلغي كافّة أنواع التقسميات الدينيّة والمناطقيّة والعرقيّة لبني البشر، ولا تبقى إلا صفة الإنسانيّة لتكون حلقة الاتصال بين الإنسان الشرقي وشقيقه الغربي، ودعاة الفرقة وادعاءات الكمال هم أكثر الفئات كرهاً لمبدأ المشاركة الوجوديّة لاعتقادهم بأنهم أعلى مرتبة في الإنسانيّة من غيرهم، ومن ينتمون إلى هذا التيّار الفكري هم من أنتجوا التطرّف والإقصاء ولغة العنف وتسفيه الآخر وإباحة دمه وماله وعرضه!. الكوارث الإنسانيّة واحدة لا تختلف باختلاف انتماء ضحاياها، فالإرهاب الذي يواجهه السوريّون من النظام الأسدي المجرم، هو ذاته الذي يقاسيه الفرنسيون من داعش، والإعصار الضارب لجزيرة مسلمة هو ذاته المجتاح لجزيرة لا دين لها، جميعها مواقف مأساويّة تستحق التعاطف مع أصحابها، أمّا مآلاتهم في مرحلة ما بعد الموت تبقى في علم الغيب وبرحمة قيوم السموات والأرض. قبل شهر تقريبا، قال لي مستشار أسريّ بأنه تلقى اتصالاً من امرأة تشكو إليه رفض زوجها لفكرة احتضانها بحجّة أنه سلوك دخيل على المجتمع ولا يعرف له أصلاً عند السلف!، أتساءل: من حرم أهل بيته من حضنه فهل سينتظر منه المجتمع أن يحتضن وجدانياً أحد أفراده المكلومين أو المظلومين أو الفقراء أو المساكين ؟، وإذا كان لم يجد الاحتضان مذكوراً في مؤلّفات السلف وتاريخهم فهل وجد جهازه الآيباد و مكيف غرفته السبيلت في كتبهم أم ماذا؟!. * ماجستير في النقد والنظرية