المملكة هي الدولة العربية الوحيدة في مجموعة العشرين، مما يؤكد المكانة العظيمة التي تتمتع بها المملكة في تمثيل الأمة العربية بأكملها في هذا التجمع الدولي الذي يضم أكبر 20 اقتصادا على مستوى العالم، فضلا عن ثقلها الاقتصادي والسياسي والديني الذي تتمتع به على المستوى الدولي، كما أن وجود السعودية ضمن مجموعة العشرين يمثل اعترافاً بالدور البارز للمملكة في ترسيخ الاستقرار والسلام اقليمياً وعالميا، وتقديراً لدورها المحوري في ضبط استقرار أسواق الطاقة، عبر انتهاج سياسة واعية وحكيمة ركيزتها تحقيق مصالح المنتجين والمستهلكين، من خلال تحقيق أسعار عادلة للطاقة تحافظ على وتيرة النمو الاقتصادي العالمي، وتحقق مصالح الجميع، بالإضافة إلى دورها البارز ضمن مجموعة العشرين في رسم السياسات الاقتصادية الدولية التي تسهم في خروج الاقتصاد العالمي من أزماته وفق رؤية شاملة يلتقي من خلالها أعضاء مجموعة العشرين. وإن ترأس خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز وفد المملكة في قمة العشرين بتركيا المهموم بقضايا أمتيه العربية والاسلامية يؤكد مدى اهتمام وحرص المملكة على المساهمة في إنجاح مثل هذه الاجتماعات، والمشاركة في صياغة القرارات الدولية التي تهم كافة المجتمعات، والإسهام في وضع الحلول على المستوى السياسي والاقتصادي الدولي بما ينعكس إيجابا على المجتمع الدولي والعربي. وتأتي مشاركة المملكة في هذه القمة والعالم يواجه العديد من الملفّات المهمة تحدياتٍ غير مسبوقة، فالإرهاب له نشاطٌ واضحٌ في العديد من البلدان، وبات يشكّل خطراً مباشراً حتى على الدول الأوروبية والدليل على ذلك ما شاهدناه من سلسلة تفجيرات السبت الماضي في باريس، وقد كانت الدول الاوروبية تعتقد أنها في مأمنٍ من شر وخطر الارهاب. ومن يراجع التاريخ القريب؛ لا بدّ أنه سوف يتوقف عند التحذيرات التي أطلقها الملك الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز لمسؤولين غربيين، حول إمكانية وصول الإرهاب إلى أوروبا وأمريكا خلال شهر وشهرين، وها نحن الان نرى العمليات الارهابية في قلب أوروبا. ويطل الملف الاقتصادي بقوة في ظل حالة التباطؤ في النمو التي تشهدها اقتصاديات العالم ومن بينها اقتصاديات الشرق الاوسط وهو ما يؤكده صندوق النقد الدولي أن النمو العالمي المحتمل تلقى ضربة كبيرة بعد الأزمة المالية العالمية ومن المرجح أن يظل في حالة من التباطؤ لسنوات مقبلة، وعلى مدى الأعوام الخمسة المقبلة سيزيد النمو السنوي المحتمل للاقتصادات المتقدمة إلى 1.6 في المئة ، لكنه سيظل أقل بكثير من معدلات النمو الاقتصادي قبل الأزمة، مما يجعل من الصعب خفض الدين العام والخاص من مستوياته المرتفعة. وتسعى قمة العشرين تحفيز النمو العالمي الشامل من خلال العمل الجماعي مع التركيز على حجم ونوعية النمو بحيث تستطيع الدول تحقيق نمو شامل ومستدام ومتوازن. فضلا عن تحقيق مستوى أفضل من العدالة الاجتماعية وتوفير الفرص الوظيفية لاسيما للفئات المحرومة من الشباب والنساء، والحد من عدم المساواة، وتعزيز التكامل بين المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الاقتصاد العالمي. في النهاية نأمل أن تسهم قمة العشرين في إحداث نقلة في الاقتصاد العالمي خاصة في ظل التحديات الكبرى التي تواجهه من عمليات ارهابية وتباطؤ في النمو العالمي، حتى تنعكس النتائج الايجابية على المجتمعات العالمية.