سمح النظام الجديد الذي صدر عن مجلس الوزراء مؤخرا وفي مادته الثانية عشرة بعد المئة بجواز شراء الشركة المساهمة اسهمها أو رهنها وفقا لضوابط تضعها الجهة المختصة، واشترط النظام الجديد أن لا يكون للأسهم التي تشتريها الشركة أصوات في جمعيات المساهمين. حول أهمية هذه المادة للشركات المساهمة، وكيفية تطبيقها أوضح د. فهد بن عبدالله الحويماني الخبير في اسواق الاسهم والأوراق المالية أن عملية شراء الشركات لأسهمها طريقة معروفة عالمياً، ومعمول بها في عدد من الأسواق الخليجية والعربية والعالمية، وهذه الطريقة تتم بقيام الشركة باسترجاع بعض من أسهمها المصدرة بالدفع نقداً مقابل الحصول على الأسهم من المساهمين مباشرة، ويمكن أن يتم ذلك بالشراء المباشر من السوق، أو من خلال عملية اكتتاب عكسي بسعر محدد، أو من خلال مزاد معين حسب أسعار محددة في جدول. وهي شبيهة بعملية خفض رأس المال في كونها تؤدي إلى خفض عدد الأسهم المصدرة، إلا أنها تختلف في كونها عملية شراء حقيقية، لا مجرد مناقلة شكلية من بند رأس المال إلى بنود أخرى من ضمن حقوق المساهمين، وبالتالي فهي عملية تتطلب قيام الشركة بدفع أموال نقدية للمساهمين للحصول على الأسهم المطلوبة، فتشبه بذلك عملية توزيع الأرباح النقدية على المساهمين، لكنها تختلف عنها في عدد من الجوانب. وعن أهمية وفوائد شراء الشركة اسهمها بالنسبة للشركة نفسها ولمساهميها عدد الدكتور الحويماني عددا من الفوائد لهذه العملية، ومن بينها مساعدة الشركة على الاستمرار في صرف ارباح ثابتة على المساهمين حتى مع انخفاض ارباحها، فعندما يتوافر لدى الشركة المساهمة مبلغ من المال النقدي يزيد على احتياجاتها الرأسمالية فهي أمام عدد محدود من الخيارات: إما أن توزع المال كأرباح على المساهمين، وإما أن تحتفظ به كاملاً للمستقبل، أو أن تستخدمه في شراء أسهمها، أو تقوم بعمل خليط من هذه الخيارات، والمشكلة في توزيع الأرباح النقدية أنها عملية حساسة تحتاج إلى سياسة معينة تحاول من خلالها الشركة توزيع الأرباح بشكل منتظم، لأن التوقف عن توزيع الأرباح أو خفضها يؤخذ دائماً كمؤشر سلبي من قبل المساهمين ويعرض الشركة لانتقادات حادة. فتجد أن الشركات التي توزع الأرباح تحاول أن تستمر في توزيع الأرباح حتى وإن كانت النتائج المالية غير جيدة، بل حتى في حالة تحقيق أرباح عالية فإن الشركات الملتزمة بسياسة توزيع محددة لا تحبذ زيادة التوزيعات، خوفاً من اضطرارها مستقبلاً إلى خفض حجم التوزيعات، فتقوم بالاحتفاظ بالمبالغ النقدية الزائدة لديها حتى وإن لم تكن في حاجة إليها. بينما لو قامت الشركة بشراء أسهمها فسوف تستطيع توظيف المبالغ النقدية الزائدة على حاجتها في استرجاع جزء من أسهمها بشرائها من السوق مباشرة. ويوضح الدكتور الحويماني أن من الفوائد الأخرى لهذه العملية أن ربحية السهم سترتفع بسبب تقلص عدد الأسهم المصدرة ، ويعود ذلك لأن ربحية الشركة ككل غير مرتبطة بعدد الأسهم، بينما ربحية السهم الواحد مرتبطة بعدد الأسهم. كما أن المساهمين سوف يحصلون على توزيعات أعلى في المستقبل، بسبب نقص عدد الأسهم المستحقة للأرباح، حتى وإن لم تقم الشركة بتوزيع أي أرباح، فإن شراءها أسهمها يؤدي إلى ارتفاع العائد على حقوق المساهمين، مرة أخرى بسبب نقص عدد الأسهم المصدرة، كون الأسهم التي يتم شراؤها تتلف أو تبقى كأسهم خزانة غير مستحقة للتوزيعات ولا تحسب من ضمن الأسهم المصدرة. ويضيف الدكتور الحويماني أن من فوائد شراء الشركة اسهمها، هي أن عملية الشراء، أو حتى مجرد الإعلان عن عزم الشركة شراء أسهمها، تعد من الإشارات الضمنية الإيجابية المفيدة للمستثمر، كونها تؤخذ كدليل على تدني سعر الشركة وجاذبيتها للاستثمار، وعلى الرغم من أن هذه النقطة الأخيرة قد يساء استخدامها من قبل بعض الشركات المهزوزة لتضليل المساهمين، إلا أن هناك ضوابط معينة يمكن العمل بها للحد من ذلك، كمنع الشركة بيع أسهمها إلا بعد مدة معينة، علاوة على عدم السماح للشركة شراء أسهمها، إلا في حالة توافر مبالغ نقدية بمقدار معين وبآلية معينة. ويشير د. الحويماني إلى أن هناك مشكلة تنشأ من توزيع الارباح لدى الشركة على جميع المساهمين دون مراعاة للظروف المختلفة للمساهمين، ويمكن لشراء الشركة اسهمها أن تحل أو تقلل منها، فهناك من المساهمين من لا يرغب في الحصول على التوزيعات النقدية التي تؤدي إلى هبوط سعر السهم بعد يوم الأحقية، وبذلك فهي عملية شكلية ليس لها فائدة مالية حقيقية. كما أن هناك فئة من المساهمين ليست بحاجة للنقد الموزع، وليس لديها خيارات مناسبة لاستثماره في وسائل أخرى، فيكون عبئا على هذه الفئة. بينما في حالة شراء الشركة لأسهمها فإن المساهمين لديهم الحرية في بيع جزء من أسهمهم للشركة والحصول على النقد إن كانوا بحاجة إليه، أو عدم بيع أسهمهم والحفاظ على قيمة استثماراتهم في الشركة. وبينما ينخفض سعر السهم عقب عملية التوزيع، نجده يرتفع من جراء شراء الشركة أسهمها، وهذه واحدة من أهم الفوائد للمساهمين. وبين الحويماني أن هذه الطريقة طريقة معروفة عالميا، وبلا شك ان السوق السعودي وصل الى مرحلة من النضج تُحتم على الجهة القائمة على تطويره تبني عدد من الأساليب الحديثة لخلق المرونة اللازمة وإيجاد السبل والوسائل التي ترتقي بمستوى السوق لتجعلها من أفضل الأسواق في العالم.