تعتمد قـــرارات عمليـــات الدمج والاستحواذ الصائبة، على التعاون والتواصل المتينين بين كل من مجلس الإدارة والمديرين الماليين، خصوصاً إذا ركّز الطرفان على المخاطرة لإفادة شركاتهم. وفي هذا السياق، هل تتلاقى مجالس الإدارة والمديرون الماليون على الموجة ذاتها من الناحية الإستراتيجية في ما يتعلق بإدارة الأخطار وزيادة قيمة شركاتهم من خلال عمليات الدمج والاستحواذ؟ وفي هذا المجال أجرت شركة «ديلويت» أخيراً، بالتعاون مع مجلة «كوربوريت بورد مامبر»، استطلاعاً بعنوان «ردم الهوة بين نظرة مجالس الإدارة والمديرين الماليين حول إدارة أخطار عمليات الدمج والاستحواذ»، شمل مديرين تنفيذيين وماليين من شركات عامة لا تقل عائداتها عن 500 مليون دولار. ويهدف الاستطلاع إلى مقارنة نظرتهم حول عمليات الدمج والاستحواذ والأخطار الناجمة عنها ومقابلتها وتحليلها. وجاءت هذه الدراسة مع توقع تزايد عمليات الدمج والاستحواذ خلال الأشهر المقبلة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في كل من قطاعات النفط والغاز، والاتصالات، والخدمات المالية. ويبرز سؤال بديهي حول حسن التوقيت لدرس إستراتيجية نمو هذه العمليات في المنطقة، وخصوصاً الكبرى منها، المدعّمة بالصفقات التي أعلن عنها أخيراً، لا سيما عرض شركة «اتصالات» لشراء حصة «فيفندي» في شركة «ماركو للاتصالات»، التي تصل إلى 53 في المئة، بـ5.27 بليون دولار، إضافة إلى استحواذ شركة «سينوبيك» الصينية على حصة شركة «أباشي» في مصر في قطاع النفط والغاز والتي تبلغ 33 في المئة بـ3.1 بليون دولار. وقال الشريك المسؤول عن برنامج المديرين الماليين في «ديلويت الشرق الأوسط» جايمس باب: «في حين يلتزم المديرون التنفيذيون ولماليون مساراً ثابتاً في إستراتيجية عمليات الدمج والاستحواذ التي يتبعونها وسُبل تقويمها، يشير هذا الاستطلاع إلى إمكان تجانس وجهات نظرهم في ميادين أخرى، كما الحال مع أهداف عمليات الدمج والاستحواذ الأساس، خصوصاً تلك المتعلقة بمسألتي المؤازرة في الكلفة والتوسع الفاعل لنطاق العمل».وأضاف: «بالنظر إلى الأخطار الموجودة والمنافع المحتملة والأدوار المحددة لكل طرف في عمليات الدمج والاستحواذ، على مجالس الإدارة والمديرين الماليين العمل سوية لردم أي هوة لجهة التواصل والتفاهم، إذ تعتمد قرارات الدمج والاستحواذ الناجحة ومرحلة ما بعد تطبيق هذه الاتفاقات على التماشي الناجح بين مجلس الإدارة والمسؤولين التنفيذيين الرئيسين». وأظهرت نتائج الاستطلاع موافقة معظم المديرين التنفيذيين والماليين على أن إستراتيجية الدمج والاستحواذ في شركاتهم قائمة على البحث عن صفقات أصغر حجماً وأكثر إستراتيجية. وبدا الطرفان متفقين إلى حد مقبول في ما يتعلق بإستراتيجية الدمج والاستحواذ للأشهر الـ16 أو الـ18 المقبلة، إذ توقعت أعلى نسبة من المستطلعين في المجموعتين أن يستمر البحث عن صفقات أصغر حجماً وأكثر إستراتيجية. وكان 64 في المئة من المديرين الماليين أكثر ميلاً من التنفيذيين، الذين بلغت نسبتهم 45 في المئة، إلى اعتبار التنويع والتميز في المنتجات والخدمات هدفاً أساساً لعمليات الدمج والاستحواذ. وبدا المديرون التنفيذيون أكثر ميلاً من المديرين الماليين إلى اعتبار الكلفة الفاعلة ومقياس الكفاءة هدفاً أساساً في هذه العمليات. وتوقع 56 في المئة من المديرين التنفيذيين و53 في المئة من المديرين الماليين أن تشكّل السيولة الوسيلة الأساس لتمويل عمليات الدمج والاستحواذ، إلا أن الماليين أكثر ميلاً إلى اعتبار الدّين مصدراً أساساً للتمويل. ويتوافق كل من المديرين التنفيذيين والماليين على أن مدعاة القلق الأساس لتحقيق النجاح في عمليات الدمج والاستحواذ تتمثل في عدم القدرة على الاندماج. أما تخوفهم الأساس خلال عملية الدمج، فغالباً ما يكون مسألة التكيّف الثقافي بين الشركتين المدموجتين. وترتبط مصادر القلق الأخرى بالاستقرار الاقتصادي، وتغير البيئة التنظيمية والتشريعية، وعمليات التقويم غير الدقيقة ووجود تقصير في عملية التقصي. وبدا المديرون التنفيذيون أكثر ميلاً من المديرين الماليين إلى اعتبار قدرة الفريق المالي على التعامل مع أخطار الدمج والاستحواذ «فائقة الفاعلية». وفي المقابل، بدا المديرون الماليون أقل ميلاً إلى تقويم مجلس الإدارة على أنه «فائق الفاعلية» في هذا المجال.