×
محافظة المنطقة الشرقية

عجمان يتوج بكأس الاتحاد.. والمركز الثاني بطولة خاصة

صورة الخبر

أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم المسلمين بتقوى الله عز وجل والتمسك بالعروة الوثقى والحذر من المعاصي. وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها أمس في الحرم المكي الشريف: النقص والتقصير طبيعة بشرية فكل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وإن الكمال لله وحده والعصمة لأنبيائه ورسوله، وإن نظرة فاحصة في واقع المسلمين اليوم جموعاً وأفراداً دولاً ومؤسسات لتدرك أن عالماً يهيج بتزاحم متطلبات عملية دينية ودنيوية أحوج ما يكون إلى ترتيب قائمة أولوياته وعدم الخلط بين مهمها وأهمها وفاضلها ومفضولها وأحوج ما يكون أيضاً إلى تحديد مستوى كفاءته والرضا بالحال والشعور بأن المجتمع برمته يمكن أن يصنف ضمن المجتمعات الإيجابية لا السلبية والجادة لا المهملة والمنجزة لا المسوفة، ولا يمكن لأي فئة كانت أن تصل إلى مثل تلكم النتيجة إلا بصدق نظرتها إلى معيار رئيس به يعرف السلب والإيجاب والإنجاز والفشل، إنه معيار الإهمال وموقف الأمة منه أفراداً وجماعات، نعم إنه الإهمال الذي يعد قنطرة إلى الفشل والضياع والتسويف والتهوين، الإهمال الذي ما ترك بيتاً إلا دخله ولا نفساً إلا اعتراها ولا مجتمعاً إلا جثم عليه إلا من رحم ربي وقليل ما هم. وبين فضيلته أن الأمة الإسلامية تمتلك طاقات وقدرات في بنيها تؤهلهم إلى منافسة رواد الحضارة العالمية، كما أنها تملك بكل جدارة صناعة مستقبلها العالمي بأيدي بنيها وعقول حكمائها شريطة أن تلقي بالإهمال وراءها ظهرياً، فإن حسرة كل الحسرة والخجل كل الخجل أن يوجد لدى الأمة الفكرة والقدرة ثم هي تفتقر إلى الهمة بعد أن يغتالها الإهمال فيئدها وهي حية لافتا أن الإهمال سلوك سلبي لا يسلم منه بشر ولا يكاد فمن فعل منهم ومن مكثر ومن المحال أن ننشد الأمة كمالاً لا إهمال فيه كما أنه من الغبن والدنية أن تقع الأمة في إهمال لا جد معه وإنما في التسديد والمقاربة، بحيث لا يتجاوز المرء الطبيعة البشرية المطبوعة بالنقص ولا ينساق مع الخمول فلا يعرف عنه الجد والوعي. وأضاف أن الإنسان من طبيعته الظلم والجهل (إنه كان ظلوماً جهولاً) ففي الإهمال يتحقق الوصفان ظلمه لنفسه بتمكن صفة الإهمال منه والتراضي معها، وكذلك وصف الجهل وهو الجهل بعواقب الإهمال بالكلية أو الجهل بجمها وكلاهما سالب مذموم، وأحسن وصف يكشف هذه الحال قول النبي (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها) رواه مسلم، فالبائع نفسه هو الجاد العامل والموبق نفسه هو الخامل المهمل سواءً أكان إهماله ذاتياً أو مجتمعياً بمعنى أن يكون طبع المجتمع ومنهجه العلمي والديني سيئاً مساعداً مع إهماله الذاتي وهنا تكمن المشكلة ويتسع الخرق والفتق على الراتق. وأفاد فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم أنه لقد اجتمع في ذم الإهمال النصوص الشرعية والأدلة العقلية وأقوال الحكماء والشعراء ولم يمدح قط إلا في قواميس الكسالى ومعاجم القعدة الخوالف منهم من أهمل دينه وجد في دنياه ومنهم من أهمل دنياه وجد في دينه، ومنهم من أهمل الأمرين معاً فخسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين. قال ابن القيم: ( أضرّ ما على المكلف الإهمال وترك محاسبة النفس والاسترسال وتسهيل الأمور وتمشيتها، فهذا يؤول به إلى الهلاك وهذا حال أهل الغرور)، مؤكداً أنه ما من معصية أو فشل بخلاف الأمة بأحد من أفرادها إلا والإهمال ضارب بأوتاده فيهما إما بإهمال غفلةٍ أو إهمال قصد إذ لا تحيط بهم مثل هذه النوائب إلا بإهمالهم في إيجاد أسباب دفعها قبل وقوعها أو على أقل تقدير في إيجاد أسباب رفعها بعد الوقوع، لكن النفس إذا ألفت السكون والدعة توالت عليها نوائب النقص والمحن حتى تستمرئها فقلع في حمئها ثمة لا يخيفها أي خطب بعد ذلك ولا تكترث به, لذا كان واجباً على الأمة أفراداً وشعوباً قادةً وعلماء وآباء ومعلمين ونحوهم أن يعوا خطورة تفشي داء الإهمال بين ظهرانيهم فما سبقنا غيرنا في دنياهم إلا بمدافعتهم له، وما تأخرنا في دنيانا أو أخرانا إلا بتراخينا معه ولو أدركت الأمة هذه الغاية لأبصرت عدوها من صديقها ونجاحها من فشلها ولا استسأمت ذا ورم ولا حسبت كل سوداء فحمة أو كل بيضاء شحمة ولا انطلقت في ميادين الدنيا والدين تنهل مما أفاء الله عليها منهما. وأوضح فضيلته أن الإهمال والتفريط واللامبالاة كلها تدل على تضييع الأمور الصالحة وتفويتها والزهد فيها وما هذه من صفات المؤمنين الواعين، فإن المؤمن الواعي هو من يدرك أنه محاسب على كل شيء ضيعه مما يجب ألا يضيع من دينه ومصالح دنياه مجتمعاً كان أو مؤسسة أو فرداً فإنهم في الحكم سواء، فإن الوعي والعزيمة ينفيان الإهمال كما ينفي الكير خبث الحديد بالوعي والعزيمة يفر المرء من داء الكمال الزائف الذي يغري المصابين به بأنه ليس ثمة دواع إلى تصحيح الأخطاء وثلم التقوى، الوعي والعزيمة اللذين يدلان صاحبهما على التمييز بين الأهم والمهم والفاضل والمفضول، الوعي والعزيمة القاضين على التسويف القاتل في تأجيل عمل اليوم إلى الغد ما تستطيع فعله بعد غد فضلاً عن شعار من جثم الإهمال على أفئدتهم فصار شعارهم لا تؤجل إلى الغد ما تستطيع فعله بعد غد. وأشار إلى أن الشرعية الإسلامية مليئة بالنصوص الدالة على وجوب الجد والاجتهاد والنهي عن الإهمال والتفريط والتسويف وإن من أجملها على مستوى الأفراد قول النبي: ( المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل : قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان) رواه مسلم. ومن أجمع الأحاديث على مستوى المجموع في الأمة قول المصطفى ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في مال أبيه ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته).