×
محافظة الرياض

العبدالوهاب يفتتح مكتباً للأحوال المدنية بحي قرطبة في الرياض

صورة الخبر

مرة ثانية خلال أقل من شهر، يتحدث بنيامين نتنياهو عن جهوده في إطار حل يتجاوز الفلسطينيين لحل مع ما سماها دول عربية معتدلة، وتارة عن دعم دولي. تحدث حول الموضوع قبل أسابيع في الكنيست الإسرائيلي، وعاد وكرره بصورة أوضح في كلمة له في واشنطن عندما لم يستبعد الانسحاب الأحادي من بعض أجزاء من الضفة الغربية، محتفظاً بما أسماها المصالح الأمنية الإسرائيلية، ولعل الموقف الأمريكي شجعه على التكرار حيث تجاهل الرئيس باراك اوباما الحديث عن القضية الفلسطينية، واكتفى بشجب العنف الفلسطيني، وحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. هذه الأقوال سبق أن رددها أرييل شارون في عام 2003، وبدأ يتحدث عن انسحاب آحادي من غزة من دون استشارة الفلسطينيين. وأذكر هنا أنني سألت الراحل ياسر عرفات في جلسة خاصة بمكتبه في رام الله، عندما بدأ شارون يتحدث عن انسحاب آحادي من غزة فقال: فلينسحب هو حر.. لكن من دون مشاركة منا. وظل مشروع شارون للانسحاب الآحادي يتأرجح في النقاش الإسرائيلي حتى تم الاتفاق عليه وتنفيذه في سنة 2005. وفي النهاية وصل شارون إلى طريق مسدود سياسياً، وقرر تشكيل حزب جديد يضم الوسطيين في حزبي الليكود والعمل بهدف تطبيق الانسحاب الآحادي من الضفة الغربية أيضاً، حسب المزاج الأمني الاسرائيلي وسماه حزب كديما أي إلى الأمام. لكن شارون مرض وغرق في غيبوبة وفاز حزبه وتولى ايهود أولمرت رئاسة الحزب، وشكّل حكومة فاوضت على مدى سنوات مع الرئيس "أبومازن" في بيت أولمرت في القدس الغربية، فيما ظل نتنياهو الذي انشق عن شارون احتجاجاً على الانسحاب الآحادي في الليكود، وأعاد بناء حزبه في المعارضة اليمينية مجدداً ليصل إلى السلطة بعد سقوط أولمرت بتهمة الفساد. والغريب أن اتهامات الفساد لأولمرت ظهرت بعد أن أوشك على التوصل إلى اتفاق مع الرئيس "أبومازن" حول حدود الدولة الفلسطينية، بل حاول الأمريكيون، مثل كوندوليزا رايس، الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق مع بدء حملة الاتهامات لأولمرت وقبل نهاية حقبة جوج بوش بأسبوعين. إذاً، نجد الآن نتنياهو الذي عارض فكرة الانسحاب الآحادي، أو ما سمي فك الارتباط مع الفلسطينيين، تراوده هذه الفكرة التي حاربها من قبل، فمضمون فك الارتباط، كما فسره شارون في جلسات خاصة أو عبر مستشاره آنذاك دوف فايسغلاس، هو العمل على منع إقامة دولة فلسطينية وتصدير غزة، ومشكلاتها إلى مصر وتحويل قضية اللاجئين إلى قضية عربية، لا دخل للكيان الإسرائيلي فيها. ويجب أن نلاحظ أن أولمرت في بداية حكمه كان يتبنى فكرة ترسيم الحدود من جانب واحد، وفك الارتباك ويرفض فكرة الدولة الفلسطينية، مثل شارون، حيث قال شاروننحن نرسم حدودنا ونترك البقية للفلسطينيين مع معبر تحت سيادتنا إلى الأردن.. وليسموا كيانهم دولة أو إمبراطورية فهذا لا يهمنا. لكن الصدفة شاءت أن تندلع حرب جنوب لبنان ويتأكد أولمرت أن الانسحاب الآحادي الذي تم من جنوب لبنان حَول تلك المنطقة إلى مساحة عسكرية لحزب الله، وخشي بعد انقلاب حركة حماس في غزة من الانسحاب الآحادي من الضفة، وبالتالي تراجع عن فكرته لترسيم الحدود، وتبنى التفاوض مع الرئيس الفلسطيني حول الدولة الفلسطينية. وأذكر أنه قبل سقوط أولمرت سمعت الرئيس "أبو مازن" يقول لقد اتفقنا على كل التفاصيل، بما في ذلك تقسيم المنطقة الحرام وفق خط الهدنة لعام 1949 والتبادلية في الأراضي بالقيمة والمساحة نفسها. بمعنى أن الاتفاق كان شبه جاهز آنذاك. الآن، نتنياهو مثل شارون، رفض التفاوض ولجأ إلى الانسحاب الآحادي من غزة ولم يمهله الوقت لتنفيذه في الضفة. لكن الفرق بين شارون ونتنياهو أن الأول أراد تصدير غزة إلى مصر والمنطقة السكانية المساماة أ في الضفة إلى الأردن، بينما نتنياهو يريد تجاوز كل ذلك ويرمي إلى ترسيم حدود أمنية -إستيطانية تشمل الجبال الشرقية في الضفة وغور الأردن، مع إبقاء السيطرة الاحتلالية على ما تبقى من أراضي الضفة ككيان فلسطيني لا سيادة أو سلطة، لا على الأرض ولا على السماء ولا على الماء، وذلك عن طريق الالتفاف على القضية الفلسطينية وإيجاد مسوغات كمحاربة الإرهاب، ومواجهة إيران لحشد دعم دولي لمشروعه هذا. وهو تحدث عن ذلك كما قلنا في الكنيست، وفي زيارته الأخيرة لواشنطن، كأنما يريد إعادة القضية الفلسطينية إلى نقطة الصفر، أي لا وجود لشعب ولا لأرض فلسطينية، وهذا يحتم على الفلسطينيين إعادة النظر في مجمل أساليبهم النضالية وتحالفاتهم. فالقضية في مهب الريح وإذا استمر الوضع العربي عامة، والفلسطيني خاصة، على ما هو عليه فإن القضية ستدخل في لعبة المحاصصة في المنطقة بين القطبين الأمريكي والروسي ووكلاء كل طرف، وهم إيران وتركيا وإسرائيل، فلكل قوة إقليمية أهداف عاجلة وآجلة في الجسم العربي المريض.. ولا استبعد أن تكون القضية الفلسطينية من حصة إسرائيل. hafezbargo@hotmail.com