لندن: محمد رُضا حين كان هيو جاكمن صبيا، كان يخشى الظلام والمرتفعات: «كنت أكره هذا الخوف لأنني ترعرعت في كنف عائلة تحب رياضة التسلـق، وكان إخوتي الأكبر سنـا يسخرون من خوفي هذا ويحاولون إرعابي ليلا. لذلك كرهت خوفي». الآن، لا يبدو على هذا الممثل، المولود قبل 44 سنة، الخوف من أي شيء. هو ممثل ناجح وشخصية محبوبة ويؤدي أفلاما تتطلـب الصعود إلى المرتفعات وتتعامل مع الظلام كثيرا. على ذلك، وفي «وولفرين»، الفيلم الجديد الذي انبرى لبطولته كجزء من سلسلة اقترنت بشخصيته منذ البداية، كان عليه استرجاع بعض تلك المخاوف القديمة ولو من باب التمثيل. في هذا الفيلم هو شخص يخاف من المرتفعات بما في ذلك السفر بالطائرة: «أحب السفر بالطائرة. لا شيء يخيفني في ذلك. لكن تبعا لشخصية (وولفرين) كان لا بد أن تحافظ على خوف ما. بعض المعجبين سألوني: لماذا على (وولفرين) أن يخاف من الطيران؟ إنه شخص لا يهاب شيئا. وكان ردي: تصوروا لو أن إنديانا جونز لا يخاف الثعابين (في التفاتة للمشهد الشهير من «غزاة تابوت العهد» حينما يجد نفسه في حفرة مليئة بالأفاعي).. أي نوع من البطل سيكون؟». ولد في الثاني عشر من أكتوبر (تشرين الأول) سنة 1968 وترعرع في مدينة سيدني كأصغر خمسة أشقاء. كان يهوى لفت الأنظار؛ لذلك انضم إلى فرقة موسيقية في المدرسة، ثم تحول إلى الصحافة فدرسها في إحدى جامعات سيدني، ثم إلى التمثيل حيث تخرج سنة 1994. سريعا ما وجد نفسه في دور رئيسي في فيلم تلفزيوني عنوانه «كوريللي» لاعبا شخصية سجين. هذا دلف به بعد ذلك إلى المسرح والسينما على حد سواء. النقلة المهمـة حدثت سنة 2000 عندما تم اختيار جاكمن لدور بطولي في «رجال إكس». كان دورا جديدا عليه كما كان هو جديدا على الجمهور: «الحقيقة أنني لم أكن أعرف مدى الجهد البدني الذي كان علي القيام به فعلا. أقصد أنني وافقت على أن أقوم بالعديد من المشاهد التي تتطلب مخاطرات وحركات صعبة من دون أن أعلم إلى أي مدى أستطيع تحمـل ذلك. الذي حدث هو أنني ارتديت تلك البذلة السوداء الضيـقة فإذا بي أعاني من عدم القدرة على التنفـس ما تطلب نقلي إلى المستشفى. كان ذلك أسوأ يوم في حياتي». خلال تصوير الفيلم ذاته حدث أن هيو شعر بالألم بسبب تلك الشيفرات التي تم تركيبها له: «ذات مرة صرخت من الألم خلال التصوير لكن فريق التصوير واصل العمل معتقدا أن صرختي هي جزء من أدائي». هذه المخالب تشكـل عنصرا مهمـا في شخصية الرجل - الذئب التي يقوم بها، وهي كانت نصولا حديدية قبل أن تتطور إلى حيث بات من الممكن لهيو التعايش معها حين التصوير: «لا تزعجني الآن كما كانت تزعجني سابقا. لكنها لا تزال تشكـل مصدر خطر إذا ما نسيت وحاولت أن تحك بها جسدك أو تنسى وجودها تماما فتقدم على حركة طبيعية قبل أن تنتبه لوجودها». إقبال هيو على المشاهد الخطرة من دون وعي كامل لخطورتها استمر معه حتى بعد قيامه بتأدية شخصية «وولفرين» في سلسلة «إكس مان». يتذكر حادثة معيـنة وقعت له عندما عاد إلى موطنه الأول ليلعب بطولة فيلم «أستراليا» أمام نيكول كيدمان: «كنت أقوم بأداء مشهد يتطلب مني مواجهة خيول جانحة. كنت أركب حصاني محاولا، حسب المشهد، لم شمل الخيول التي كانت تعدو بسرعة تبعا للمشهد. فجأة انفصلت معظم الخيول عن مسارها وتركتني ونحو ستة خيول. التصوير توقـف لأن هذا لم يكن ضمن المطلوب، لكن فجأة ما وجدت الخيول الجانحة تعود إلي مندفعة على نحو يهدد حياتي وحياة الحصان الذي أركبه». يصبو للنجاح - هل تعتبر دورك في «البائسون» خروجا عن المألوف إذن؟ «دوري في ذلك الفيلم كان بمثابة فرصة لتمثيل دور مختلف في فيلم مختلف. بالنسبة لي أحب المسرح وأحب الأدب والاثنان مقترنان في هذه الرواية وفوق ذلك ها هي تتحول إلى فيلم سينمائي، الحقل الذي أحبـه لأنه يحتوي على العنصرين المذكورين على أكثر من وجه، إلى جانب الموسيقى طبعا. كان الفيلم بمثابة تجربة صوتية لي. طبعا كان من الطبيعي أن أطلب للفيلم نجاحا أعلى مما حققه، لكن تعلم ماذا؟ هذا لا يهم كثيرا في نهاية المطاف». - إذن وبمناسبة الحديث عن الجمهور، لاحظنا كيف أن بضعة أفلام كبيرة سقطت هذا الصيف. لم يقبل عليها الجمهور كما يجب. هل تخشى أن يكون هذا الصد من نصيب فيلمك الجديد «وولفرين»؟ «إلى حد معين، نعم أخشى ذلك، لكن خشيتي هي من باب حبي للعمل. أريد له النجاح إن لم يكن لشيء فلأن العديد من الناس تعمل لفترة طويلة عليه وتجهد في سبيل إنجاحه ومن حقـها أن تشعر بأن النجاح تحقق في نهاية المطاف». - على صعيد شخصي أكثر؟ «على صعيد شخصي أكثر، نعم. أشعر بالضغط لأني أدرك كم أنا محظوظ بلعب شخصية تثير إعجاب الجمهور الواسع، بالتالي لا أريد لهذا الجمهور أن ينصرف عن الشخصية وعن الفيلم لأي سبب. والحقيقة أنني لا أستطيع أن أرى سببا لهذا الاحتمال، لكن كما قلت أنت... هناك أفلام عديدة لم تحقق النجاح المطلوب منها هذا الصيف، وبعضها إن لم يكن كلها يستحق ذلك. هل أتوقع أن يواجه هذا الفيلم النتيجة ذاتها؟ لا». أحداث «وولفرين» الجديد (وهو الفيلم السابع الذي يؤدي فيه هيو جاكمن هذا الدور) تنقله إلى اليابان التي لم يكن صور فيها أي فيلم من قبل. هذا تطلـب المكوث فيها لبضعة أشهر.. ما يحمل على التساؤل عما خرج به من تلك التجربة. «هناك الكثير مما يخرج به المرء إذا ما عاش ولو لفترة محدودة في اليابان، وخصوصا في مضمار الثقافة. النظافة ضرورية في كل مكان. التقاليد صحيـة وواعية والشخصية اليابانية دائما مؤدبة. وأنا معجب بالتفكير المنطقي والاقتصادي الذي يسود الحياة هناك. نحن في الغرب وربما في معظم أنحاء العالم كثيرا ما نطلب الرخاء ونعتبر أن المساحة الكبيرة هي معين رئيسي لذلك... لكني اكتشفت أن الياباني يعرف كيف يتأقلم مع المكان ويختاره اقتصاديا كما لو أنه يريد الحفاظ على الثروة الطبيعية، وهو لا بد يضع ذلك في حسبانه. طبعا، في المقابل هناك الحانات ودكاكين القمار واللهو، لكن هذه ليست اليابان». بعض أفضل أفلام هيو جاكمن هي تلك الأصغر حجما من سلسلة «رجال إكس» ومن بينها «المصلحة» و«الينبوع» و«خداع» وهو يوافق: «أتذكـر أنني حلمت أن يحقق The Prestige ما يكفي من نجاح لكي أعود فأمثل في جزء ثان. أعلم أنه ليس من هذا النوع؛ لذلك أحب هذا الفيلم كثيرا. أحب موضوعه وأحب طريقة (المخرج) كريستوفر نولان حين يريد أن يدمج الترفيه بالعمق، وهو دائما ما يفعل ذلك حتى في أفلام كبيرة مثل (باتمان). أظن أنني سأبقى ذلك النوع من الممثلين الذين يهربون من الأفلام الكبيرة إلى الصغيرة لأنها تعيدني إلى جو مريح للأعصاب وإلى أدوار لا تتطلب كل ذلك القدر من المؤثرات الخاصة والمخاطرات البدنية. هذه لي مثل العطل الضرورية للراحة النفسية والبدنية».