بفكره اللامع، وتخطيطه المنظم، يرسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - مستقبل المملكة؛ لتحقيق مبدأ الاستدامة والرفاهية ورغد العيش للأجيال. الرياض، العاصمة.. العنوان الكبير للوطن، أنموذج يمكن من خلاله قراءة عقلية قائد.. عقلية تخطط وتعمل بدون كلل أو ملل. قراءة في فكر القائد.. الدولة من العاصمة تُشير المراجع التاريخية، والدلائل الأثرية إلى تواصل الازدهار الحضاري في موقع مدينة الرياض منذ العصور الغابرة. حيث اشتهرت حاضرة "حَجْر" عاصمة إقليم اليمامة منذ عام 715 قبل الميلاد، كمحطة رئيسة على درب القوافل المتنقلة بين أقاليم الجزيرة العربية المزدهرة آنذاك. واستمرت كمحور اقتصادي وإداري طوال عهود الخلافة الإسلامية. وعرفت الرياض في بدايات القرن العاشر الهجري، بعد أن دخلت تابعةً للدولة السعودية الأولى ثم عاصمة للدولة السعودية الثانية وقاعدةً لها. والنهضة الكبرى التي تعيشها الرياض اليوم بدأت مسيرتها فجر الخامس من شوال عام 1319ه على يد الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه. وبدأت الرياض تخرج من أسوارها، وتنطلق خارج القوقعة العمرانية والاجتماعية حتى بلغت مساحتها 8.5 كم2، وفاق عدد سكانها ال 80 ألف نسمة نهاية الستينيات الهجرية. وفي عام 1374ه الذي شهد تعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أميراً لمنطقة الرياض، أخذت المدينة تتسع وتنمو بمتابعته الدقيقة واليومية. ودخلت الرياض مع توليه – حفظه الله - إمارة المنطقة، مرحلة التخطيط الشامل والموجه.. ففي عام 1388ه أعد المخطط التوجيهي الأول للمدينة، وحدد مداه الزمني بثلاثين عاماً ويغطي نموها حتى عام 1420ه، وافترض أن مساحة المدينة في ذلك العام لن تتجاوز 304 كم2 وعدد سكان لا يتجاوز 1.4 مليون نسمة. وبدا في السنوات التي تلت اعتماد المخطط التوجيهي الأول عدم قدرته على مواكبة العمران والنمو السكاني المتصاعد في المدينة. الانطلاقة ولمواكبة ذلك التطور الهائل والسريع أُنشئت الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض عام 1394ه لتساهم في رسم السياسات العليا لتطوير المدينة، وتضع الخطط الشاملة والبرامج التطويرية الزمنية وتحديثها. وتزامن إنشاء الهيئة مع بداية الطفرة الاقتصادية التي مرت بها المملكة آنذاك، ما دفع إلى تضاعف النشاطات الاقتصادية بجميع قطاعاتها، وزيادة الطلب على القوى العاملة، وبدأت الهجرات الداخلية والخارجية لسد هذا الاحتياج، حيث بلغ عدد السكان بنهاية فترة التسعينيات الهجرية المليون نسمة وفاقت مساحة الرياض العمرانية 230 كلم2. لذلك بدأ العمل على إعداد المخطط التوجيهي الثاني، وحدد مداه الزمني بعشرة أعوام حتى 1410ه. كانت الهيئة تتابع نمو المدينة أولاً بأول، وعندما تيقنت أن ظروف النمو تتجاوز توقعات المخططات الموضوعة، تولد الاقتناع لدى الهيئة بضرورة تأسيس جهاز فني تنفيذي، فأنشئ مركز المشاريع و التخطيط بالهيئة عام 1403ه. ومع إنشائه توسع مفهوم التطوير. وتم إعداد مخطط استراتيجي شامل يشخص الواقع بدقة، ويقيس احتياجاتها المستقبلية. رؤية مستقبلية ل50 عاماً مقبلة تكمن أهمية رؤية سلمان بن عبدالعزيز المستقبلية في تحديد ماهية الآمال والتوجهات في المستقبل بهدف الوصول إلى أرقى النتائج وأكثرها إرضاء ونفعاً للأجيال المقبلة. ومن المؤكد أن مستقبل المدينة خلال الخمسين عاماً المقبلة لن يكون كما هو عليه الآن، وتنظر القيادة بأن هذا يستوجب بالضرورة أن يشتمل التخطيط للمستقبل على خيارات عديدة حول الطريقة التي يرغب أن يعيش بها السكان والفرص الاقتصادية والوظيفية والتعليمية المتاحة لهم وكيفية التعامل مع البيئة والطبيعة المحيطة بهم وفرص تحسين أوضاعهم المعيشية والاستمتاع بالحياة العائلية والترفيه. المخطط الإستراتيجي ونقطة البداية ويعد المخطط الإستراتيجي الشامل لمدينة الرياض؛ نقطة البداية وأحد العناصر الرئيسة في الرؤية المستقبلية، وتم خلال مراحل المخطط جمع معلومات وافرة لتحليل مبدئي لتحديد نقاط الضعف والقوة، واستقراء التوقعات المستقبلية للنمو السكاني في المستقبل وتأثيراته على مختلف جوانب الحياة. وتمكن فريق مشروع المخطط الإستراتيجي بقيادة سلمان بن عبدالعزيز من وضع عناصر الرؤية المستقبلية للعاصمة بحيث تشكل جميع المعالم الأساسية لها في المستقبل، وتكون نتائج وأهداف هذه العناصر حاسمة يلزم تحقيقها في نهاية العملية التخطيطية لتكون مدينة تعكس الدور الفعلي لعاصمة المملكة العربية السعودية أرض الرسالة المحمدية والحرمين الشريفين، وأن تكون مركزاً رائداً ووطنياً للوظائف السياسية والثقافية والتاريخية، وأن تصبح مركزاً للمؤسسات الدولية والإسلامية والإقليمية والسياسية والاقتصادية، إلى جانب كونها مركزاً وطنياً قياديا للمؤسسات والهيئات الإدارية والاقتصادية الوطنية، وأن تصبح نموذجا عالميا للتنمية الحضرية المعاصرة. مركز مالي وإشعاع علمي وثقافي.. ومدينة جميلة تعد الرياض أكبر واحة عمرانية وسط الصحراء على وجه الأرض، والتخطيط لها؛ أن تكون واحة ذات تنمية منسجمة مع البيئة الصحراوية من خلال الاستخدام الحكيم والأمثل للتقنية والتخطيط العمراني كنموذج بيئي. وتحقيق مطلب مهم، وهوأن يتمثل جمال مدينة الرياض في شكلها العمراني المتميز والمتكامل مع الحياة الاجتماعية والثقافية. وتكون رائدة في الخدمات التعليمية والصحية ومركزا للمعرفة ذات دور قيادي في الأبحاث العلمية والتقنية. والهاجس الاقتصادي هو الأبرز في فكر الملك سلمان منذ كان أميرا على الرياض. تنمية اقتصادية مستقبلية التخطيط لتحقيق مبدأ الاستدامة والرفاهية ورغد العيش لأجيال الحاضر والمستقبل لضمان تحقيق عاصمة المستقبل لمملكة مزدهرة مستديمة، كان من الضروري دعم الإستراتيجية باقتصاد قوي، لذ أوصت الإستراتيجية الاقتصادية بأن يستلزم اتخاذ عدد من الإجراءات الرئيسة، أهمها: تنويع القاعدة الاقتصادية. والتأكيد على زيادة وتعزيز الميزة التنافسية بتوفير المرافق العامة وتحسين فعالية أدائها والرقي بالكفاءة العملية للعمالة السعودية وتحسين التنظيمات والتشريعات. وتطوير القوى العاملة السعودية ورفع مستوى كفاءتها. وحماية الموارد الطبيعية وتعزيز التراث. عناصر الإستراتيجية تم تحديد عناصر إستراتيجية التنمية الاقتصادية لتكون متوافقة مع سياسات التنمية الوطنية في تحقيق أهداف تنويع القاعدة الاقتصادية، وتقليل الاعتماد على الإنفاق الحكومي، وتوظيف القوى العاملة السعودية. حيث تؤكد هذه الإستراتيجية على أن تشجيع استقطاب وتوطين الاستثمارات الخارجية وجذب المدخرات الوطنية خارج البلاد أمر ملح لتنويع القاعدة الاقتصادية. كما تقر إستراتيجية التنمية الاقتصادية، أن هذا لا يمكن تحقيقه إلا بتحسين مجمل الأوضاع والظروف المكونة للمحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية وتأثيرها سلبا أو إيجابيا على فرص نجاح المشروعات الاستثمارية. ملامح التنمية الاقتصادية والقطاعات المستهدفة اتخذت إستراتيجية التنمية الاقتصادية التدابير اللازمة لتنويع القاعدة الاقتصادية، حيث تم وضع توقعات بخصوص المتطلبات من الأراضي اللازمة للأنشطة المختلفة، وحددت تلك التوقعات مساحة من الأراضي بحسب الاستعمالات الرئيسة لقطاعات المدينة المقترحة، واستندت هذه التوقعات على مجموعة من المبادئ في تخصيص استعمالات الأراضي المقررة بحسب كل قطاع في المدينة. وخصت إستراتيجية التنمية الاقتصادية سبعة قطاعات حيوية، بأهمية استثنائية في بناء القاعدة التنافسية منطلقة من العاصمة، دون إغفال استجابة لأية فرص أخرى عندما تظهر، وتشمل القطاعات: تقنية المعلومات والاتصالات. والصناعات العالية التقنية والأبحاث والتنمية. وتصدير خدمات التعليم. والخدمات المالية، والسياحة الوطنية. والصناعات الصحية. والنقل. احتياجات نمو متزايدة في ظل النمو المستقبلي وتزايد عدد السكان، كان التوسع ليس هاجساً يدور في فكر القائد سلمان بن عبدالعزيز؛ بل واقع بدأ التخطيط له في موقع صنع الحضارة؛ في مركز المملكة العربية السعودية/ العاصمة الرياض. فكانت فكرة المراكز الفرعية. وتعرف المراكز الفرعية بأنها مناطق عمرانية ذات أنشطة وخدمات متنوعة تتراوح مساحتها بين 2-2.5كم، وتخدم ما يقارب 600 ألف إلى المليون نسمة في دائرة يصل قطرها لحوالي 20 كيلومترا، تقدم لهم خدمات مدنية شاملة. وتنطلق الرؤية المستقبلية للمراكز الفرعية من كونها مراكز جديدة، وتتمثل عناصر الرؤية المستقبلية للمراكز الفرعية في: مراكز جديدة مختلطة الاستعمالات. وأنشطة واستخدامات متعددة. وبيئة آمنة وجذابة للسكن. وأجواء مهيأة لمزاولة الأعمال التجارية. وأشكال متنوعة من وسائل الترفيه والمرح. وحاضنات لمؤسسات تعليمية متخصصة. ومزج بين تقاليد البناء المحلية وأنظمة البناء الحديثة. ومراعاة للاعتبارات البيئية. وبنية تحتية متكاملة لكافة وسائل النقل. وجدوى اقتصادية عالية. التخطيط للمستقبل في أنحاء المملكة عندما كان الملك سلمان أميراً على الرياض، ورئيسا للهيئة العليا للتطوير، كان فكره – حفظه الله – للوطن كله.. نظرته أشمل من تطوير الرياض فقط. وكما ذكرنا في بداية التقرير؛ الرياض بالنسبه له - حفظه الله - هي العنوان الكبير للمملكة العربية السعودية. ومنهجية في إعداد مخطط استراتيجي اقليمي لمنطقة الرياض، كانت صورة مصغرة لما يجب أن يكون في كافة مدن ومناطق المملكة. فكما كان يعتبر – حفظه الله - حي السفارات، أنه نموذج لمدينة الرياض.. يرى الرياض هي نموذج لمدن المملكة. الاستراتيجية – والتي تولتها هيئة تطوير مدينة الرياض" في العاصمة" تتمثل في جمع وتحليل معلومات الوضع الراهن للجوانب المختلفة واستقراء التوجهات المستقبلية على ضوء المتغيرات المتوقعة أو المطلوبة، وبناء نظام معلومات إقليمي متقدم يستخدم نظم المعلومات الجغرافية GIS، وتبعاً لذلك وضع المخطط تصوراً أولياً للمستقبل؛ حتى العام 1446ه (2025م) والذي يشكل مرجعاً للتنمية المستهدفة للمنطقة في كافة القطاعات الحيوية. هذا جزء من عمل يبرهن على الفكر الاستراتيجي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. ولا يتوقف التخطيط عند ذلك التاريخ. فها هو الملك سلمان يرسم لمستقبل كبير للوطن، وما حدث في مئة يوم؛ من مؤشرات ملموسة، تبرهن أن الوطن ينتقل إلى مرحلة جديدة عامرة بالخير والازدهار والتطور المستمر بمشيئة الله تعالى.