رغم الجدل المثير الذي يثيره أداء وتعاطي شركات التأمين المنتشرة في بلادنا، وتعدد الاتهامات من قبل مواطنين كثر، للدرجة الضبابية التي تتساوى المعاناة فيها مع شركات الاستقدام مثلاً.. لتصبح الشكوى واحدة.. وهي استنزاف مالي، بيروقراطية، وتجاهل لحقوق المواطن، وضغط أعصاب، الا أن ذلك يحتاج لوقفة حازمة ورقابة حقيقية من مؤسسات الدولة. ورغم 13 عاماً، هي عمر قطاع التأمين في بلادنا منذ تأسيسه بمرسوم ملكي عام 1424ه، إلا أنه مع تضخم أنشطته، وتزايد ما يتم ضخه من مليارات سنوياً، أصبح يمثل مشكلة معقدة وحقيقية، في العلاقة بين المواطن المتضرر، خاصة وأن لدينا نوعين من التأمين لا ثالث لهما، التأمين الصحي، والتأمين على المركبات، ومع ذلك تتعدد التساؤلات وتتزايد الاتهامات. فبدلاً من أن يكون التأمين مدخلاً عصرياً للحماية والرعاية والتعويض، أصبح كما قال بعض الكتاب مرتعاً لمماطلة وتحايل يتراكمان بمرور الزمن، ويستوجبان التدخل الفوري والصارم، من قبل الجهة المنوط بها الإشراف على هذا القطاع وهي مؤسسة النقد العربي السعودي.. في ظل غياب حلول وإجراءات واضحة وشفافة تؤسس لعلاقة صحية بين قطاع التأمين والمواطن من مختلف الشرائح الاجتماعية. وبالتالي، كيف يمكن أن نروّج لعملية اقتصادية، تجاري حركة الاستثمار العالمي، وإقناع عملاء جدد بالمشاركة، بينما تتم عملية استنزاف علني، ورفع أسعار التأمين لثلاثة أضعاف تقريباً، فجأة دون مبرر واضح.. وفي المقابل نجد أكبر عملية تسويف في صرف الحقوق، وكذا المماطلة في صرف التعويضات المستحقة، في مخالفة واضحة لقرار وزير الداخلية، بإلزام جميع الشركات بصرف تعويضات المتضرّرين خلال 15 يوماً من تاريخ الحادث.! وكيف يُمكن - إلزام «العملاء» بالتأمين على مركباتهم في حين أن الشركات غير ملزمة بسرعة الدفع دون تأخير؟ وما مدى صحة ما يتردد عن ضغط هذه الشركات على العملاء للتنازل عن جزء من مستحقاتهم مقابل الإسراع في الصرف؟ وما الوسيلة المثلى لمعالجة صداع الملفات الحائرة بين أقسام الشرطة والمرور والمستشفيات وفي المحاكم؟ كلها أسئلة لا ينبغي «طناشها» ومواجهتها بإرادة حقيقية، تنهي الاستنزاف، وتعيد مثل هذا النشاط إلى مساره المفترض قانونياً وأخلاقياً على الأقل، حفظاً للحقوق وحماية للممتلكات، وقبل هذا وذاك، بناء صيغة الالتزام العقدي التي يجب أن تحترم مهما كانت النتائج.