في ضوء ما تتمخض عنه القمة العربية اللاتينية الرابعة، التي بدأت أعمالها يوم أمس، فإن المجتمعين يرون أن المملكة تشكل برافعتها الجديدة وقيادتها الرشيدة وثقليها السياسي والاقتصادي في العالم، نهجا سليما لسياسة خارجية تقوم على مواقف ثابتة؛ لمواجهة التحديات الآنية والمستقبلية التي تواجه الأمة العربية، وهي سياسة معتدلة ووسطية، تقوم على أسس من الرؤية الإسلامية، التي تستمد المملكة منها قوتها وتحكمها في كل أمر وشأن. ويتضح جليا أن القمة تثمن للقيادة الحكيمة التي ينتهجها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله- ما تمارسه من فعاليات، تصب في روافد التعاون الاقتصادي والسياسي لشعوب التجمعين العربي واللاتيني، وتشكل دعما لعلاقات متينة تجمع دول التجمعين، وتؤدي إلى رسم منهجية التكامل فيما بين تلك الدول، وصولا لتعزيز منهجية العلاقات السائدة بين دول التجمعين، والوصول بها إلى أفضل حالاتها. ولا شك أن المملكة تمثل أرضية مناسبة ومتاحة لصناعة منظومة تعاونية متكاملة بين كافة دول التجمعين العربي واللاتيني، في محاولة جادة ودؤوبة لوضع رؤية تقاربية بين تلك الدول، وتعزز منطلقات المصالح المشتركة بين دول تتطابق مرئياتها حيال معظم القضايا الساخنة التي تمور في أراضيها، لا سيما ما يتعلق بالقضية المركزية للعرب، وملف الإرهاب، والصراع في سوريا، وما يدور في اليمن. والقمة العربية اللاتينية الرابعة تحظى بأهمية خاصة، حيث إنها تنعقد في مرحلة حساسة ودقيقة تواجه فيها شعوب التجمعين سلسلة من التحديات الصعبة، التي تستدعي إجراء مناقشات ومداولات؛ للبحث في حقيقة ما يدور في دول التجمعين من نزاعات وأزمات، والبحث في إمكانية الوصول إلى حلول سياسية تحول دون تفاقمها وتؤدي لحلها وتسويتها بطرق عقلانية. ودول التجمعين بحاجة ماسة لاستعراض مواقفها من الأزمات المتفجرة، التي تدور فيها وتهدد استقرارها وأمنها، والآمال تحدو جميع دول التجمعين للوصول في الرياض إلى انتهاز فرص سانحة ليس لدعم العلاقات بين دول التجمعين فحسب، بل للوصول إلى مواقف موحدة تجاه مناصرة وتأييد كافة القضايا العادلة في تلك الدول. فانعقاد القمة الحالية بالرياض يمثل خطوة هامة؛ لترجمة العديد من الرؤى إلى حقائق تشاهد على أرض الواقع. إن توقيت انعقاد القمة يجيء متزامنا مع أزمات عديدة تواجه دول التجمعين، ولا بد في ضوء ذلك من العثور على مواقف موحدة؛ لمواجهة تلك الأزمات والتصدي لها في محاولة لمعالجتها بعزم وحزم، خصوصا تلك القضايا المتعلقة بأزمة الشرق الأوسط، والبحث في التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية لبعض الدول العربية، ومناقشة الأدوار العربية واللاتينية التي تستهدف صناعة مستقبل أفضل لشعوب التجمعين. ولعل أهمية انعقاد القمة العربية اللاتينية الرابعة تنبثق من اهتمام زعماء دول التجمعين بعدالة مختلف القضايا المطروحة في مباحثات الرياض، وأهمية الخروج بقرارات حاسمة، تدعم مصالح شعوب التجمعين وتؤيد التوافق الدولي حيال القضايا العربية واللاتينية، كما أن قمة الرياض أدت إلى وضوح الرؤى المتجانسة حيال دعم وتعميق المصالح المشتركة بين الدول العربية واللاتينية. وسوف يكون لهذه القمة أثرها البارز في صناعة المستقبل الأفضل لدول التجمعين من جانب، وسوف يكون لها أثرها أيضا في تعزيز الرؤى والتطلعات المشتركة حيال مجمل القضايا الساخنة في دول التجمعين، والبحث عن القنوات المأمونة لمعالجتها وحلها.