هل حان الوقت الذي يستطيع فيه أرسين فينغر مدرب آرسنال السخرية من منافسه جوزيه مورينهو مدرب تشيلسي؟ لقد كان دائمًا ما يتفاخر مورينهو بسجله الحافل في مواجهات ديربي العاصمة لندن ويصف فينغر بـ«متخصص في الفشل»، لكن الآن ينافس آرسنال بقوة على قمة ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بينما يعاني تشيلسي حامل اللقب من أسوأ بداية حيث تلقى ثالث خسارة على التوالي للمرة الأولى منذ 16 عاما بسقوطه أمام ستوك صفر/ 1 والسابعة في 12 مباراة هذا الموسم ليقبع في المركز الخامس عشر بالقائمة. بالطبع خسائر تشيلسي الأخيرة رغم مرارتها على المدرب مورينهو، فإنها قد تكون درسًا له للتواضع وأن يستطيع تقدير جهود منافس له مثل فينغر، له أيضًا تاريخ حافل مع آرسنال. هل ما حدث سيجعل مورينهو يمد يده لتبادل التحية مع فينغر مستقبلا والتفكير في أن علاقتهما شابها بعض الحمق؟ سبق أن أكد البعض أن هذا أمر مستحيل حدوثه بين فينغر وسير أليكس فيرغسون المدير الفني السابق لمانشستر يونايتد، فيما مضى عندما بلغ العداء بينهما أشده، ووصلت تجلياته إلى شرطة العاصمة والوزارات الحكومية. ومع ذلك، نجح الاثنان نهاية الأمر في تجاوز هذه المشاعر، رغم أنه من نتاج تجربتي الشخصية، أعتقد أن فينغر ومورينهو قد يفضلان مضغ زجاج مهشم عن استعادة العلاقات الودية بينهما. جدير بالذكر أنه لدى سؤاله حول ما إذا كان يعتقد بإمكانية عقد هدنة بينهما، أجاب المدير الفني لـ«آرسنال» خلال مؤتمر صحافي بداية الموسم: «سأتركك أنت وقصة حبك معه كي تمضيا من دون مقاطعة»، ثم نهض تاركًا المكان. وتكمن المفارقة في اعتقاد مورينهو بأن الصحافة تسير على هوى فينغر. وقد اعتاد فيرغسون إطلاق شكاوى مشابهة بخصوص ما اعتباره تغطية إعلامية تمييزية للرجل الذي وصفه بنبرة ساخرة بأنه «أرسين فينغر العظيم». في نهاية الأمر يدرك المرء أن كلا منهم يظن أن الآخر يحصل على معاملة تمييزية، بينما هم جميعًا مدانون بالقدر نفسه من النفاق وتطبيق معايير مزدوجة. والمؤكد أن مثل هذه العداءات ستستمر في الوسط الرياضي ما دام ظل هذا القدر من الضغوط الهائلة على المديرين الفنيين، علاوة على أن هذه التشاحنات تضفي على الرياضة بعضًا من الإثارة والمتعة على المشهد الرياضي بالنسبة لعشاق كرة القدم. ولهذا السبب تحديدًا، حقق برنامج «يوركشير تي في» حول «بريان كلوف في مواجهة دون ريفي» نجاحًا كبيرًا. في المقابل، من المؤكد أنه أصبح من المثير للضيق على نحو متزايد رؤية هذين الخصمين المتقدمين في العمر، حيث يبلغ مجموع عمريهما 117 عامًا، في حالة تشاحن مستمر وكأنهما جاران يختصمان حول أيهما يملك الحديقة الأجمل أمام منزله. واللافت هنا أن مورينهو تحدث على نحو يفيض بالعاطفة عن فينغر لدى عودته إلى تشيلسي، واعدًا ببداية جديدة. والتقى الرجلان بالفعل، حسبما ذكر مورينهو، خلال دورات تدريبية عقدها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، وقضيا بعض الوقت معًا أثناء انعقاد بطولتي كأس العالم والأمم الأوروبية لكرة القدم. وعن ذلك، قال مورينهو: «إنه شخص لطيف، وقد التقيته بضع مرات، وسبق أن تناولنا العشاء معًا وما إلى غير ذلك. وعندما لا نكون في المسابقة ذاتها ولا نكون في حالة تنافس، يصبح من السهل معرفة الناس. ورغم أني عدت إلى الدوري الإنجليزي الممتاز، لا أزال أراه شخصًا لطيفًا. وأنا أكن له كثيرًا من الاحترام وأحرص على إبداء ذلك دومًا». ورغم ذلك، تدهورت العلاقة بين الرجلين مع انطلاق الموسم الحالي لدرجة أن مورينهو حول مكتبة «ووترستونز» في بيكاديللي إلى ما يشبه خندق الحرب، وأجرى تنظيم مؤتمره الصحافي هناك بناءً على قواعد صارمة، حيث أكد الناشرون على أن المؤتمر مخصص حصريًا لمناقشة كتاب الصور الجديد الخاص بمورينهو. وعبر رسالة بريد إلكتروني، جرى التشديد على أنه «لن تكون هناك فرصة لمناقشة أي شيء متعلق بالموسم الكروي الحالي». ومرة أخرى، طفا على السطح ازدراء مورينهو لفينغر خلال الخطبة الطويلة اللاذعة التي وجهها ضد اتحاد كرة القدم. وربما كان مورينهو محقًا في التساؤل حول ما الذي كان يمكن أن يحدث إذا ما أقدم على دفع مدرب آخر على النحو الذي دفعه به فينغر الموسم الماضي. وقد نجا فينغر بفعلته تلك لأن مسؤولي المباراة أخطروا اتحاد كرة القدم بأنهم تعاملوا مع الحادثة فور وقوعها. ومنذ ذلك الحين، تم إقرار قانون للسلوك ينص على معاقبة أي مدير فني يقدم على مثل هذا الفعل في المستقبل، مما يعني أن فينغر كان محظوظًا للغاية. في المقابل، نجد أن مورينهو يقف في موقف أضعف عندما يدعي أن تعليقاته بشأن «خوف» الحكام من إصدار قرارات ضد تشيلسي لا تختلف كثيرًا عن وصف فينغر للحكم مايك دين بأنه «ضعيف» و«ساذج» بعد لقاء الجانبين في «ستامفورد بريدج» هذا الموسم. المعروف أنه يحق لأي مدير فني انتقاد حكم، لكن عندما يتحول النقد إلى مزاعم بالتحيز أو يمس نزاهة الحكم، هنا يتعرض المدير الفني المعني لإجراء عقابي. وعلى هذا الصعيد، لم يتجاوز مورينهو الخطوط الحمراء فحسب، وإنما لديه قائمة طويلة من مواقف من عينة الموقف سالف الذكر. ويعتبر هذا الاتهام الأخير الموجه إليه الرابع من نوعه، والثالث منذ عام 2013. وعليه، يبدو من المنطقي تمامًا أن يفرض اتحاد كرة القدم عليه غرامة كبيرة بقيمة 50 ألف جنيه إسترليني، تتجاوز السابقة لها، 25 ألف جنيه إسترليني، بجانب منعه من حضور مباراة واحدة في الملعب، وذلك كإجراء عقابي لفرض التزامه بقواعد السلوك المقبول. أما بالنسبة لعلاقته بفينغر، فبالتأكيد التراشق لا يأتي من اتجاه واحد، ويبدو من غير المحتمل حدوث تصالح بين الرجلين. ورغم أن الأمر ذاته سبق أن قيل بخصوص فينغر وفيرغسون، لدرجة دفعت اتحاد الكرة لتوجيه خطابات لكليهما يطالب خلالها بوقف إطلاق النار، بل وعرض «اتحاد مدربي الدوري الممتاز» القيام بدور الوساطة بينهما، فإن عنصر الفكاهة ظل حاضرًا في التشاحن بين الاثنين. في المقابل، نجد التشاحن بين فينغر ومورينهو مختلفًا، حيت يتسم بطابع شخصي، بل وطفولي أكبر. خلال فترة عمله الأولى في تشيلسي، اعترف مورينهو بأنه تمادى كثيرًا بوصفه فينغر بأنه «متلصص»، وبعث ببطاقة تهنئة إليه في أعياد الميلاد مكتوب عليها اعتذار بخط يده. في المقابل، تشكك آرسنال في مصداقية البطاقة وبذل جهودًا للتحقق من أن المرسل هو مورينهو بالفعل، ووصلت أنباء ذلك إلى مدرب تشيلسي. وبذلك، وجد مورينهو أن محاولته للتصالح قد ألقيت في وجهه، وشعر بالإهانة وانتهى الأمر بأن أسفرت هذه البادرة الطيبة بضرر أكبر من نفعها. ومن يدري، قد يدرك الرجلان يومًا ما أن الأمر بدا أكثر سخافة بكثير عما كان عليه بالفعل، لكن يبدو أن هذا اليوم لا يزال بعيدًا للغاية.