لايزال مشروع فرض رسوم على الأراضي البيضاء يخضع للمداولة تحت قبة مجلس الشورى، الذي يضرب على المداولات طوقاً من السرية غير المعهودة، رغم أن القضية تمسُّ كل أبناء الوطن، الذين تتجه أنظارهم وآمالهم نحو المجلس، انتظاراً لتوصية قد تكون الأهم في تاريخ «الشورى». رغم «السرية الشورية» إلا أن تسريبات صحافية، «استرقت النظر» إلى مسودة المشروع، أشارت إلى أن هناك اتفاقاً بين أعضاء الشورى على منح مهلة قبل تطبيق قرار فرض الرسوم، مع وجود اختلاف على مدة المهلة، التي تتراوح ما بين ثلاث وخمس سنوات! حقيقة لم أفهم لِمَ هذه المهلة أساساً، فضلاً عن «تمطيطها» كل هذه السنوات؟! لو كان الأمر يخص سلعة منقولة صدر بشأنها تنظيم مفاجئ، وأتت المهلة لتعطي ملاكها فرصة لنقلها إلى سوق أخرى، أو تصديرها إلى أسواق دولية، لتفهَّمنا مبررات المهلة! لكن قضية الأراضي البيضاء يدور حولها وفيها وعنها نقاش وجدل وخصام منذ سنوات، بشكل ومضمون تنتفي معهما فجائية أي قرار يُتخذ بشأنها، وهي سلعة ثابتة غير منقولة، لن تغيِّر المهلة من واقعها شيئاً! أكثرية المواطنين ليس في مقدورهم شراء الأراضي بهذه الأسعار، والأقلية المقتدرة ستنتظر حتى تطبيق الرسوم للاستفادة من خفض الأسعار المؤكد! إذاً، ما الفائدة المرجوة من المهلة؟! ما الذي سيتغيَّر؟! ما نخشاه ونتوقعه أيضاً أن يستغل ملاك الأراضي المهلة في المناورة لتفادي انطباق شروط الرسوم على أراضيهم، ومَنْ لم يسعفه الوقت لـ «كثرة أراضيه» اللهم لا حسد يمكنه تعويض الانخفاض المستقبلي لأسعارها باستباقه برفع إيجارات العقارات، التي تمتلئ بها سلته، وهذه مشكلة أخرى! يجب أن يدرك مجلس الشورى أن الأمر لا يحتمل أي تأجيل، ما يعني أن المهلة إن تحوَّلت من مقترح إلى توصية رسمية، فستكون بمنزلة «تشظية» للمشكلة، ستعمِّقها، وتفاقهما أكثر. عوداً على موضوع سرية مداولات مجلس الشورى حول القضية، لن أسأل لماذا السرية، ولكن كنت أتمنى لو أُشرك المواطن المختص بالشأن الاقتصادي العقاري، ومواطن الشارع البسيط المكتوي بنار المشكلة، في إثراء المداولات، فمَنْ يعيش المشكلة، يدرك أبعادها أكثر ممَّن ينظر إليها من الخارج.