لا يختلف اثنان على أن المدارس هي ميدان لصيد الفوائد وصقل المواهب في بيئة رحبة وخصبة للتألق في شتى المجالات، ويعتبر المسرح المدرسي أحد الأنشطة المهمة، لما له من فائدة تربوية في تنمية قدرات الطلاب الإدارية وصقل مواهبهم العقلية والحسية، والكشف عن المواقف والتعبير عن أفكارهم ومشاعرهم خلال التمثيل. التربويون والمهتمون بالمسرح المدرسي يرون أن قرار وزارة التعليم في وضع مشروع تنافسي بين المدارس، وتخصيص مهرجانات متنوعة ومنتظمة لتقديم العروض المسرحية، سيسهم في التنافس البريء الشريف، الذي سيؤدي لا محالة إلى بروز الدور الإيجابي والفعال للمسرح المدرسي، وسيتخذ موقعه الطبيعي ضمن خريطة الفعل التربوي متجاوزا بذلك الدور التقليدي الذي كان سائدا كنشاط مواز فقط يقوم به الأستاذ والطلاب في أوقات فراغهم. ويؤكد المسرحيون التربويون خلال حديثهم لـ"الاقتصادية" أن المسرح المدرسي علم قائم بذاته، ويحتاج من العاملين في الميدان التربوي من مديري المدارس والمعلمين إلى مزيد من الاهتمام، للاستفادة من هذه الوسيلة، مشيرين إلى أن له دورا مهما في معالجة الكثير من الاضطرابات النفسية كالخوف والخجل، إضافة إلى أن له قدرا في ظهور كل الطاقات المكبوتة داخل الطالب؛ فهو يعيد التوازن النفسي إليه، ويحقق جاذبيته على مستويين الجمالي والمستوى الذهني. وقال عبد الله الشهري رئيس النشاط الثقافي في تعليم الرياض، إن المهتمين بالتربية الحديثة يدركون أهمية المسرح المدرسي ودوره الفاعل في مساعدة الطالب على فهم مهارات الحياة المختلفة، مبينا أهمية المسرح كونه مساحة خصبة للإبداع وتكوين الذات، وإكساب الطالب والطالبة على حد سواء مهارات التعامل مع الموقف في إطار تربوي ومنهجي. وأضاف الشهري، أن طرح عدد من المسابقات المتنوعة في المدارس هو يشجع على اكتشاف المواهب، فمثل المنافسات المسرحية والإلقائية والبرامج الثقافية والأدبية تسهم في اكتشاف كثير من المواهب، التي تكتظ بها المدارس، حيث يطلق الطلاب إبداعاتهم من خلال المسرح، واصفا خطوة الوزارة في وضع مشروع للمسرح في المدارس، بالخطوة الصحيحة لإعادة المسرح من جديد، بعد أن انخفض ضوؤه في الفترة الماضية. من جانبه، أوضح حنيان الدوسري رئيس النشاط الثقافي في تعليم الدواسر، أن المسرح المدرسي يجعل من المدرسة مجتمعا متكاملا يدرب الطلاب على حياة المجتمعات بمختلف تقلباتها، ويدربهم على القيادة والتشاور، كما يدعم شخصياتهم في مواجهة ما يلاقونه من تحديات. وقال: "إن المسرح المدرسي يسهم في خروج عدد من الموهوبين والمبدعين في المدارس، مشيرا إلى أن المدارس ملأى بالمواهب والمبدعين من الطلاب في مراحل التعليم الثلاث كافة، مشيرا إلى أن كثيرا من المبدعين والمميزين تخرجوا من بوابة الأنشطة. ويرى الدوسري الذي يعتبر أحد المحكمين في مسابقات العروض المسرحية التي أقيمت في الطايف الأسبوع الماضي، أن الحياة عادت بعودة التنافس الشريف بين أبناء المملكة عبر خشبة المسرح، واصفا مشاركة المدارس بأن فيها تنوعا في الطرح، واتفاقا ملح بين المشاركين لمحاربة الفكر والتطرف وطرح حلول ناجعة لذلك. بينما يصف عبد الله الفارس مشرف نشاط، ومختص اجتماعي، أن النشاط المسرحي نشاط جماعي، فهو يهدف إلى إشراك أكبر عدد من الطلاب في عمل جماعي واحد، وهذا دور إيجابي للنشاط المسرحي المدرسي، حيث قدرته على نبذ العنف والأنانية والانطواء والخجل لدى بعض الأطفال، بل ينمي لديهم روح الفريق والزمالة القائمة على المحبة والتعاون والثقة بالنفس فيما بينهم. يشار إلى أن وزارة التعليم شرعت في وضع مشروع لإيجاد منافسة بين إدارات التعليم لتشكيل فرق مسرحية للمرحلتين المتوسطة والثانوية للبنين والبنات. ويشتمل المشروع على ثلاث مراحل سيطبق في 45 إدارة تعليمية، حيث تشمل المرحلة الأولى تشكيل الفريق المسرحي بالمدرسة، وتدريب الطلبة على حقيقة المسرح المدرسي ويُكرم الفريق المسرحي في حفل ختام الأنشطة الطلابية في نهاية العام، وترشيح خمسة طلاب للمشاركة في المرحلة الثانية.