تعدّ نسبة العاطلين في أي مجتمع مقياسا مهما لمستوى الصحة النفسية التي يعيشها المجتمع، كما أن لها آثارها أيضا على الصحة الجسدية والاجتماعية. كان هذا الخطر هو الدافع الكبير إلى إنشاء هيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة، وهو وراء استحداث برنامج مكافأة أجور التوطين "هدف"، وقبل ذلك كان وراء استحداث "حافز". ومع كل هذه المنجزات إلا أن هناك معاناة قائمة وحقيقية للبطالة والعطالة الكاملة، وتؤدي حالة التعطل الدائم والمؤقت عن العمل وما يصاحبها من مشكلات اجتماعية وضغوطات اقتصادية، إلى إصابة معظم الشباب المتعطل عن العمل بحالة من الإحباط المزمن وعدم الثقة في النفس، وفي أوقات كثيرة الوقوع ضحية إما لأشخاص ربما يوجهونه إلى العمل خارج دائرة المسموح به قانونيا أو دينيا، أو ضحية للمؤسسات الكبرى التي لا تلقي بالا واهتماما للفرد بقدر ما تتطلع إلى الربح المادي. كمثال: حادثة الشاب المواطن الذي صرح عبر صفحته في "توتير" بأنه وبقية من شاركوا معه كانوا ضحية لبرنامج توظيف تم بثه والترويج له عبر إحدى القنوات التلفزيونية على أنه يعمل على تشجيع الأشخاص ذوي "الإصرار" لتحسين حياتهم، بينما كان البرنامج يعمل لتحسين الدخل الكبير للإعلانات والمزايا الترويجية التي سيجنيها من وراء مثل هذه البرامج التي لا تخدم "مشكلة البطالة" ولا تقدم حلولا حقيقة أو جذرية أو حتى إنقاذية لهذه الفئة. كما أن أن مبادرة وزير العمل بالتحقق من المكاشفة التي تم نشرها من المواطن وعرضه وظيفة عن طريق "هدف" لهذا الشاب لن تكون أيضا حلا، ولا تحسينا لصورة بطالة الشباب والتوطين الوهمي والبطالة المقنعة والاختيارية وغيرها. الحلول التطمينية والوقتية والموسمية لخطر "البطالة" لن تكون كافية تزامنا مع الواقع الذي يشير حسب إحصاءات رسمية لوزارة العمل إلى انخفاض معدل توظيف السعوديين إلى 36%، وارتفاع نسبة البطالة إلى 11% ووجود قرابة 400 ألف عاطل في ظل وجود 10 ملايين وافد داخل البلاد. أصبح الأمر إذًا في حاجة إلى أكثر من مجرد حلول وقتيه أو برامج تقتات على إصرار ضحايا البطالة من المواطنين.