تحدث صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في حوار تلفزيوني، خصّ به مؤسسة الشارقة للإعلام، وبث مساء أمس، عبر شاشة قناة الشارقة الفضائية، عن آخر مؤلفاته التاريخية والأدبية التي اشتملت كتاب سيرة مدينة، واقتصاد إمارات الساحل العربي في القرن 19، وفرائد البيان. وتناول اللقاء الذي أجراه مع سموّه محمد حسن خلف، مدير إذاعة وتلفزيون الشارقة، في مستهله الحديث عن كتاب سيرة مدينة وهو مكمل لسلسلة المؤلفات البحثية لصاحب السموّ حاكم الشارقة، في سيرة القواسم وتاريخهم، وذكر سموّه أنه عندما بدأ بكتابة هذا الكتاب اختار له عنوان بين مدينتين ويقصد بهما الشارقة ورأس الخيمة، ولشحّ المعلومات أو المراجع الدقيقة عن رأس الخيمة، اتخذ الكتاب منحى آخر يتوافق مع ما توفر من معلومات وقدم بشكل مركز وبأسلوب جيد. أوضح صاحب السموّ حاكم الشارقة، أنه أراد من هذا الكتاب أن يظهر أهمّ ما يميّز مدينة الشارقة من طباع ولخصها في ثلاثة، أولها العداء البائن للإنجليز، ويظهر ذلك جلياً في المؤلف السابق لسموّه الذي جاء بعنوان تحت راية الاحتلال، وكيف أن الأهالي ضجوا بالوجود البريطاني، وقاموا بمهاجمة سفينتهم، وانزلوا العلم عنها. أما الطبع الآخر وهو يعدّ سيئاً من جانب، ولكن كانت أهدافه تحقيق الوحدة بين مدينتي الشارقة ورأس الخيمة، فهو وجود الانقلابات الدموية الكثيرة بين أقرب الناس التي فاقت 7 انقلابات كما أحصاها الكتاب. ولفت سموّه إلى أن الطبع الثالث هو أن الشارقة دائمة الدعوة إلى الوحدة وداعمة بشكل مستمر لأي نوع من الاتحاد وهناك أدلة عدة ومن أزمنة مختلفة لتأكيد ذلك؛ ففي عام 1949 دعا الشيخ سلطان بن صقر شيوخ إمارات الساحل لإقامة اتحاد، وذكر دعوته تلك في قصيدته الحث على الائتلاف المجموعة ضمن قصائد ديوان نشيج الوداع التي قالها الشاعر وهو على فراش المرض في الهند، يشاكي فيها الشاعر سالم بن علي العويس، ويظهر فيها نوعا من حب الوطن، ولم يكن يعني بالوطن الشارقة فقط بل الوطن كله. ويضرب صاحب السموّ حاكم الشارقة، مثالاً آخر في تعزيز طبع الشارقة الوحدوي، حيث عرض سموّه وثيقة اتفاقية اتحاد إمارتي أبوظبي والشارقة التي تم توقيعها في منطقة المدام بالشارقة، بحضور المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ خالد بن محمد القاسمي وضمت الاتفاقية جملة من البنود كان أولها تكوين اتحاد يضم البلدين يكون له علم واحد وذلك في سبيل المحافظة على استقرار البلدين وسعياً وراء خير شعبيهما ورفاهيته وتحقيقا لمستقبل أفضل. ويستمر هذا الطبع الوحدوي للشارقة، مع قدوم صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ليتسلم زمام الحكم فيها، حيث عمل على توحيد الدوائر ورفع علم دولة الاتحاد وأنزل كل علم آخر. وذكر سموّه في حديثه عن أمر قام في الشارقة يبيّن مدى دعمها لأي عملية وحدوية في الوطن الكبير، حيث أقامت مهرجاناً كبيراً احتفالا بوحدة العراق وسوريا ومصر، وهذا أمر لا يذكره الكثيرون عند تأريخهم لتلك الفترة، والشارقة دائمة التواصل مع مختلف الأقطار العربية والعالمية فقد كانت نقطة الربط بين الشرق والغرب، ففيها تقف جميع الرحلات الجوية القادمة من الغرب للشرق والعكس للمبيت والراحة والتزود بالوقود وغيره، فضلاً عن زيارة كثير من المفكرين لها ووصول الكتب والصحف العربية والعالمية لها. ويؤكد صاحب السموّ حاكم الشارقة أنه حرص على أن يكون الكتاب قليل الصفحات حتى لا يشتت القارئ ويوصل رسالة معينة أرادها من تأليفه له، ولذلك الأمر قام بإصدار مؤلفه الآخر الذي جاء بعنوان اقتصاد إمارات الساحل العربي في القرن 19 وفيه يتحدث سموّه عن اقتصادات إمارات الساحل من رأس الخيمة إلى أبوظبي وما ينتج منها وما يرد إليها من الهند والساحل الفارسي وإفريقيا، وكيف أنها كانت تعتمد بشكل أساسي على اللؤلؤ، حيث يقوم التجار بترويج تجارتهم في كل من لنجة والبحرين والهند بوصفها أسواقاً معروفة، ولذلك احتاج الأمر تقصياً لإحصاء الانتاج الصادر من هذه الإمارات، حيث بلغ مليوني روبية. ويشير الكتاب إلى العملة المستخدمة في تلك الفترة ومن أين أتت. كما تطرق سموّه في الكتاب إلى الحديث عن المغر أو أكسيد الحديد، أو ما يعرف في اللغة بتربة المغرة التي تكثر في جزيرة أبو موسى، ويعد إحدى الثروات الطبيعية التي كانت من ضمن صادرات المنطقة. الكتاب الثالث الذي تناوله صاحب السموّ حاكم الشارقة في الحوار والحديث كتاب فرائد البيان الذي قال فيه لديّ كلمات القيتها في كثير من المناسبات ذات طابع أدبي قيّم، جمعتها في هذا الكتاب، لأنها كانت مبعثرة، فرأيت أنه لا بدّ أن يكون لها مكان، ومن بين تلك الكلمات كلمة ارتجلتها حين تسلمت تكريم شخصية العام ضمن جائزة الشيخ زايد للكتاب، وكلمة أخرى كانت في اليونيسكو، حيث دعيت لإلقاء كلمة اليوم العالمي للمسرح، حكيت فيها لهم حينها عن علاقتي بالمسرح، كنت صغيراً لا أحمل أي فكر بدأت بمسرح سياسي، وتطور، وأغلق، فأقول في الكلمة لما هاجم الجنود المسرح بأسلحتهم خاف المسرح فقفز إلى صدري واستكان في وجداني. كما تحدث سموّه عن كتاب أدبي آخر بعنوان مساجلات الشيخ سلطان بن صقر، ولكن لم يجد الوقت الكافي للطباعة، ما سيترتب عليه ان ينشر في مناسبة مؤتمر الشارقة في شهر فبراير القادم. إن الكلمات التي يستخدمها الشيخ سلطان بن صقر عربية عميقة، يتبيّن لك من كلماته أنه مطلع ومن حديثه يمكن لك ان تقيمه وأن تصفه. ولسلطان بن صقر شعر غزير، أنا جمعت كل ما قاله خلال مدة مرضه ونشيجه. ويوجد ديوان مفقود، وإن شاء الله نجده. وكتاب المساجلات فقد كانت بين الشيخ سلطان بن صقر ومحمد عبد العزيز الصديقي، وله قصة مذكورة في الكتاب. وكانت له مساجلات شعرية وكان الصديقي يرتجل الشعر. وفي قصيدة طويلة بينه وبين الصديقي في مجلس الشيخ سلطان كان الشيخ يلقي والصديقي يخمّس، يرد عليه بخماسيات، اذ كانت القصيدة من أربعة اشطر، ويردّ عليه بشطر خامس. وأردف سموه هذه الكتب الصغيرة تثري المكتبة العربية. وعند سؤال سموّه عن مدى علاقة صورة غلاف كتاب سيرة مدينة بمحتوى الكتاب قال الصورة سرد لقصة مدينة الشارقة؛ إذا نظرت الآن ترى القلاع الكثيرة. لو نظرت إلى القلاع من الحصن إلى البحر الذي عليه العلم، هذا الحيّ حيث يسكن الأهالي والحصن موجود، والقصبة، وبيت الشيخ صقر بن خالد الذي هو في الأساس بيت الشيخ ماجد بن صقر، وبيت الشيخ سالم بن سلطان، والشيخ خالد بن أحمد، والشيخ سلطان بن صقر، والشيخ خالد بن صقر، والشيخ خالد بن سلطان، والشيخ صقر بن خالد، والشيخ سالم بن سلطان. والصورة تظهر بيوت الحكم في الشارقة لتحكي قصصهم ونعمل حالياً على إحياء تلك المنطقة بإعادة بناء البيوت التي هدمت على قواعدها الأساسية وترميم الباقي منها. وتحدث صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عن أساليب الكتابة خصوصاً الكتابة للتاريخ حيث يفترض فيها وجود الحجة والدليل والابتعاد عن التشتيت واستخدام الهوامش للاستيضاح أو التبيين والتفسير والحرص على النقل بأسلوب جيد. كما أوصى سموّه المؤلفين والكتاب بالكتابة بموضوعية والاهتمام بعلامات الترقيم وأدوات الكتابة. وعن أهمية التوثيق قال سموّه ان التاريخ المكتوب ليس ملكاً لأحد، والوثيقة يجب أن تكون متاحة للجميع لدراستها والتمحيص فيها وفي أحيان يعود الفضل للشخص، لأنه وجد الوثيقة فقط ولا يمكن لمن وجد وثيقة أن ينسب ما فيها لنفسه. وقام سموّه بعرض نموذجين من الكتاب، حيث قدم لكتاب وهو رسالة دكتوراه لسيدة فرنسية قامت بالاستعانة في تقديم بحثها بكتاب سموّه الذي يدحض فيه نظرية القرصنة التي ابتدعها الانجليز ضد القواسم، وذكرت الكتاب في رسالتها كمرجع اكثر من 47 مرة، بينما كاتب روسي آخر عمل على سرقة معلومات كتاب سموّه القواسم والاحتلال البريطاني دون ذكر المصدر. ويذكر سموّه أحد اوجه السرقة حيث قال أوردت في كتابي أنني حصلت على مجموعة من الوثائق في مركز البحوث في بومبي في الهند، ولم تكن مبوبة بعد، ولم تعط رقما تسلسليا، وذكر المؤلف الروسي الأمر ذاته عن الوثائق نفسها وبالطريقة نفسها. وقد سألت مركز الوثائق في بومبي عن هذا الكاتب الروسي إذا كان بالفعل قد قام بزيارتهم فأنكروا ذلك نهائيا. وقال سموّه على كاتب التاريخ ان يكون محايداً ومنصفاً، ويعطي كل ذي حق حقه، وأن يعمل على تطوير البحث وتقديم الجديد، وعلينا نحن أن نأتي بالعلم ونطوره ونعمل على نشره لتحقيق المعرفة، فعمر الإنسان يقاس بما يملك من معرفة. واختتم صاحب السموّ حاكم الشارقة حديثه بتقديم التوجيهات والنصائح للشباب حتى يرتقوا بأنفسهم، من خلال القراءة التي تؤدب وتنمي الشخصية والعقل، وتجعلهم مدركين لما يدور حولهم واعين مستعدين لكل شيء. وقال نحن نحاول أن نجد الكتاب ونترجمه ونسلمه، ونتمنّى أن نجد من يقرأ فالقراءة عادة يجب على كل رب أسرة أن يربي أبناءه عليها، ويعوّدهم على ممارستها ويعمل على توفيرها لهم كما يوفر المطعم والمسكن ومعرض الشارقة الدولي للكتاب فرصة لبدء تلك العادة، ففيه من العلوم والمعرفة الكثير والخيارات أمامهم متاحة يختارون منه ما يشتهون. (وام)