أستأذن الزميلين المتميزين في "عكاظ"، خلف الحربي وسعيد السريحي في أن أختلف معهما، وأقول لهما: إن من حق الزميل محمد الأحيدب، أن يدافع عن هيئة الأمر بالمعروف ويبرر لها العنف، ويستعين بما شاء من أدلة وشواهد من كل الدنيا، طالما أنه يرى أنها مفيدة للبلاد والعباد، وطالما يعتقد كما يعتقد غيره -وهم كثر- أنه لولا الهيئة لرأينا الفساد والفجور والدعارة في كل بيت وشارع، على اعتبار أننا مجتمع نحتاج لمن يحمي قيمنا وديننا وأخلاقنا ويحملنا على التمسك بها حملا، ولا يستثني أي وسيلة يمكن استخدامها للردع والتخويف وقراءة النوايا، فنحن مجتمع -كما يرى هؤلاء المدافعون المتحمسون- لا يجدي معنا الوعظ والإرشاد اللذين تسيدا المشهد من قادة وأتباع ما سمي بـ"الصحوة" على مدار أكثر من ثلاثين سنة وحتى الآن، فما زال بيننا فئات -والعياذ بالله-! عقولهم صدئة، فهم يقولون إن خطاب "الصحوة" ذاته هو مصدر التطرف الذي أنتج "القاعدة" ثم "داعش"، وهم يتطلعون إلى دور سينما، ومسارح للغناء والتمثيل، ومتنزهات راقية، وقوانين -نعم قوانين والعياذ بالله!- لتجريم التحرش، وصيانة الحرية الشخصية، وتجريم العنصرية والطائفية، والتكفير، وليس هذا فحسب، بل يقولون إن "الاختلاط" ليس حراما، وإن كشف وجه المرأة ليس حراما، وإن قيادة المرأة للسيارة حق لها، ثم لا يكتفون بهذا، بل يقولون إن ملايين السعوديين يطيرون للسياحة في كل إجازة إلى الخارج، لأن تلك البلدان لا هيئة فيها، وأن السياحة السعودية لن تقوم لها قائمة طالما الهيئة موجودة مطلقا! هل رأيتم قولا أشنع من هذا؟ أليست تلك الملايين المهاجرة في كل إجازة تبحث عن الفساد الأخلاقي -سينما ومسرح وغناء وتنزه مختلط وحفلات فنانين وغيرها- والعياذ بالله؟! والآن أيها السادة والسيدات، وأخص بالذكر الإخوة الكرام "السريحي، والحربي والأحيدب"، دعوكم من كل ما قلته أعلاه، ودعوكم ممن يدافع عن الهيئة، أو يتصيد أخطاءها، وأجيبوني: هل الهيئة جهاز حكومي؟ حسنا. إنها جهاز حكومي، فهل يمكن اعتبار بقية الأجهزة الحكومية أجهزة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر مثل "الشرطة" تحمي الناس، ومثل "التجارة" تحمي المستهلك، ومثل "مكافحة المخدرات"، ومثل... إلخ باعتبارها أجهزة في دولة "إسلامية"؟ حسنا. الآن إلى السؤال الأخير الذي لا أعرف له إجابة واحدة، وهو فعلا محيرّ بالنسبة لي: ما الدور الذي تقوم به هيئة الأمر بالمعروف الآن، وليس له جهاز مستقل يقوم به؟ بمعنى لو تم إلغاء الهيئة نهائيا، هل سيشعر الشعب والمقيمون بفقدانها لأن خطرا ما كان الناس يخافونه، والهيئة تدفعه عنهم، وحين فقدوها لم يجدوا جهازا حكوميا قائما يصده بكفاءة واقتدار؟! أجيبوني بوضوح رحمكم الله ولطفا بالجميع.