دائما أقول إن أغلبنا يفكر بطريقة متأخرة جدا في مشكلة حديثة جدا.. أي أن الواقع شبيه بعطر حديث ونضعه في آنية قديمة.. هذا الواقع يسحب على جميع مشاكلنا وحواراتنا وحياتنا وجميع مناشطنا.. ولو استحضرنا الإحصائية التي تقول إننا كهول في زمن الشباب (أي ضيوف)، إذ أن النسبة العظمى تميل لصالح الشباب ومع ذلك فنحن من يقودهم في الطريق الذي سرنا فيه أيام شبابنا مع أن الزمن اختلف بأدواته وأساليبه واختياراته وظللنا نشتكي من عقوق أبنائنا أو جرأتهم في الرد على آرائنا.. هذه الصورة التي نسم بها الشباب بالعقوق أو رد ومعارضة آرائنا، وفي هذا الجانب يمكن أن نغلظ فيه القول عندما يتعلق الأمر بحالة خاصة بين أب وابن لكن هذه الصورة لا يمكن حملها معنا إلى الجامعات، إذ أن الجامعة هي المقعد المتقدم لبث الآراء والمجادلة وشحذ الهمم والدفاع عن الحقوق ورفع الظلم. الجامعة مطبخ لصناعة رجال الغد وللأسف فإن جامعتنا لازالت تسير بطريقة أجدادنا وتريد من أحفادنا السير في نفس الطريق. هذه ليست محاضرة أو خطبة أو وصية إنما هي تذكير بأن عقولنا تراخت من أن تنهض في زمن مغاير لنا في كل شيء. وجامعة الملك خالد بأبها فتحت هذا الملف لتؤكد أن العقول هي نفس العقول المتأزمة الغاضبة المستخدمة لأساليب أجدادنا حين يغضبون وتكون كلمة اخرس على طرف ألسنتهم. جامعة الملك خالد بأبها عاقبت طالبا و3 من طالبات الكليات الصحية بالرسوب لفصل دراسي، ليه يا جامعة، وما هي التهمة؟ تقول الجامعة إن هذا القرار هو قرار تأديبي جراء شكاوى للطلاب أذاعوها عبر وسائل التواصل الاجتماعي ونشرهم تغريدات عما يجدونه، هذه التغريدات اعتبرتها جامعة الملك خالد مسيئة لها. وإذا كانت للجامعة منافذ شكوى فلماذا لم تتحرك هذه المنافذ لإجابة الطلاب قبل أن يستفحل الأمر، وإن كانت هذه المنافذ ستكون حجرا للكلام أو كمامة توضع على الفم فهذا الذي نربأ بالجامعة أن تفعله خاصة أننا نعيش في وضح النهار فلم يعد أحد يصبر على مظلمته حتى ولو لم يجد حلا لها فإن التعبير عنها من خلال وسائل التواصل الاجتماعي يعتبر تنفسيا وإذاعة المشكلة فإن كان الشاكي محرضا فهناك وسائل قانونية وقبل ذلك على المسؤول أن يخرج ويقول أصل المشكلة.. أما ما فعلته الجامعة فهو تصرف السنين الخوالي. الآن هل ستمضي الجامعة بعقوبتها وتحرم هؤلاء الشباب دراسة فصل دراسي كامل.. أعتقد أن جامعة الملك خالد ليست الجهة الوحيدة التي يمكن للطلاب بث شكاواهم إليها وأول تلك الجهات وزارة التعليم ونبرأ أيضا أن تقوم الوزارة بالصمت حيال هذه المشكلة. الأداة القديمة التي استخدمتها جامعة الملك خالد لا تتناسب مع الزمن الحديث وسترون!.