يعدّ سجن غوانتانامو واحدًا من أسوإ سجون العالم كما أجمع على ذلك الكثير من القانونيين، حيث لا قانون ولا عدالة ولا حقوق للقابع فيه، وأكثر من 4745 يوما (13سنة) قضاها المواطن الموريتاني أحمد ولد عبد العزيز في هذا السجن، هي فترة كافية لاختبار ذلك الإحساس الفظيع ، فقد حفظت ذاكرته مآسي تلك الحقبة، وعندما يُكتب لشخص عاش في مثل "جحيم غوانتانامو" التحرر منه، فإن فرحته حتما ستكون مضاعفة أضعافا كثيرة. CNN بالعربية توجهت إلى حيث يسكن " أحمد عبد العزيز" لرصد فرحة ذويه وأهله وهم يشهدون الأيام الأولي من وجود أحمد بينهم بعد 13 سنة من الحبس، فكانت لاله منت عبد العزيز شقيقة أحمد في استقبالنا في بهو منزلها الفسيح، بابتسامة مشرقة تنم عن قلب راضٍ وبال استقر بعد سنوات من الضياع. المنزل أضحى يشبه خلية النحل، فالنشاط يدب في جميع أركانه وقد أصبح وجهة لكل الموريتانيين بمختلف أشكالهم و أنواعهم وأجناسهم وأعراقهم و أعمراهم، تقول لالة : "آلاف بل عشرات الآلاف من المهنئين توافدوا علي هذا المنزل وأصبحنا نصل الليل بالنهار ونحن نستقبل أفواج المباركين، وهاتفي لا يتوقف عن الرنين، وفود شعبية و حكومية تقاطرت علينا، فاجأني فعلا عدد المهنئين، لساني لا يستطيع حصر ما يستحقه هؤلاء المواطنون من ثناء". هو سؤال في غير محله، أن نسأل شقيقة " أحمد" عن شعورها في هذه اللحظة وهي التي جابت مشارق الأرض و مغاربها وطافت جميع البلدان المعمورة من أجل أن تعيش هذه اللحظة، من نواكشوط إلى نيودلهي مرورا بالعواصم الأوروبية و العاصمة الأمريكية، لهثت خلف كل خيط قد يسهم في تحقيق هذه اللحظة. دموع الفرح انهمرت مدرارا من عيونها وهي تقول : "لا أستطيع أن أصف سعادتي التي طالما كنت أحلم بها بعودة شقيقي إلى أرض الوطن وإلى منزلنا وكم كنت أنتظر أياما وليالي وشهوراً وسنين رؤية شقيقي مرة أخري ولله الحمد تحقق ذلك بفضل الله عز وجل ثم بجهود الخيرين من أبناء هذا الوطن و بفضل ودعم ومساندة من الرئيس الموريتاني " محمد ولد عبد العزيز" ومن الحكومة الموريتانية ومن كل شرفاء العالم". ثم تواصل القول: "لقد نذرت علي نفسي أن لا أركن للراحة إلا عندما يتحقق حلمي بمعانقة شقيقي، فكانت عندي فقرة سميتها بالحصاد اليومي، قبل الخلود للنوم وهي وقفة محاسبة مع النفس أراجع خلالها مجهودي اليومي في مسعاي للافراج عن شقيقي، وأقوم خلالها بتقييم هذا المجهود، وأقيس حجم رضاي عنه". وعند سؤالنا لها عن ما عاناه شقيقها في السجن قالت : "معاناة هي وصف أقل من المعنى الحقيقي لما تعرضه له شقيقي. معاناة جسدية تتمثل بالتعذيب بالشبح والضرب والتعذيب بكافة أنواعه ومنها معاناة نفسية بحرمانه طيلة 13 سنة من الزيارة ورؤية ابنه الذي وُلد بعده، وكذلك وضعه في عزل انفرادي، ومنها معاناة معنوية باستحداث القوانين الجديدة ضد الأسرى التي من شأنها تدميرهم معنويا، كل ما يخطر في البال من أصناف الاهانة و التعذيب". دخلنا علي المواطن الموريتاني المفرج عنه " أحمد ولد عبد العزيز" فإذا به يتوسط الصلة الفسيحة، والناس من حوله. شاب طري العود صبوح الوجه باسم الثغر، ابتسامته المشرقة يبدو وكأنها جزء من شخصيته، رحب بنا ترحيب الأخ لأخيه وهو نفس ترحيبه بكل من دخل القاعة، أردنا أن نجري مقابلة معه، لكنه اعتذر بلباقة عن المقابلة الآن متعهدا بها في وقت لاحق، لكنه سمح بتصريح مقتضب لموقع CNN بالعربية، قال فيه إن حجم الاستقبال فاجأه وأنه يشكر جميع الموريتانيين، قمة و قاعدة على ما بذلوه من جهود مضنية، تكللت أخيرا بالتوفيق، وهاهو يستنشق عبير الحرية وسط ذويه و محبيه، وأن فرحته لا حدود لها، لكنه استدرك أن تلك الفرحة لا تزال ناقصة ولن تكتمل إلا بعد الإفراج عن المواطن الموريتاني المعتقل في "غوانتانامو" المهندس " محمدو ولد الصلاحي" . وعن ظروف عودته قال إنه تم نقله بواسطة طائرة عسكرية أمريكية خاصة، حطت به في مطار العاصمة نواكشوط، وأن ضجيج محركاتها سبب له آلاما في مستوى الرأس، عدا ذلك فهو في كامل صحته وعافيته، متعهدا بلقاء قريب.