عندما تخفق المؤسسة في تحقيق أهدافها الإستراتيجية وتفقد الاتجاه في الرؤيا التي تعتمدها، يصبح الخلل الإداري كبيرا جداً ومتعدد المظاهر ويصبح هذا الخلل بحد ذاته عائق للإصلاح، هذا الخلل يخلق حالة من الإحباط لدى الموظفين فتفقد المؤسسسة الكفاءات المتميزة، حيث تتسرب خارجها بحثاً عن واقع وفرص أفضل، ولا يبقى في المؤسسة سوى متدني الكفاءة أو من منهم يمارسون نشاطات أخرى، ويكتفون بالحضور الجسدي للمؤسسة دون الحضور الذهني، الخلل الإداري قد يكون نتيجة فساد أو قد يكون نتيجة إهمال وغياب في الوعي الإداري ولكنه في كل الحالات قاتل للمؤسسة ودورها، وقليل ما تستطيع المؤسسة إصلاح ذلك الخلل دون تدخل جراحي. منذ أيام أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني عددا من القرارات التنظيمية وتعيينات قيادية في هيكلها الإداري وفي قيادات المطارات الرئيسة، وكان هذا التغيير متوقع ومنتظر منذ تعيين معالي الأستاذ سليمان الحمدان رئيساً للهيئة، حيث كان معاليه على دراية بنقاط الضعف في جهاز الهيئة بحكم كونه رئيس شركة ناس للطيران، فالهيئة بجهازها وتكوينها لم تستطع أن تواكب الحاجة للتطور في قطاع الطيران والذي تنامى في المملكة بصورة سريعة فمعظم مطارات المملكة تعاني من قصور في الأداء وضعف في التجهيزات، ومع أنه تم اعتماد توسعات جبارة للمطارات الحالية وبناء مطارات جديدة إلا أن ذلك لم يغير من حال المطارات الحالية، فمطار الملك عبدالعزيز بجدة على سبيل المثال أخفقت إدارته في الاستجابة لمتطلبات موسم الحج، وبلغ التذمر عند المسافرين مستوى لا يطاق، وكان واضحاً ضعف التنسيق بين وحدات المطار الإدارية وضعف الرقابة على الجودة وضعف الاهتمام بالمسافرين. لذا كان لابد من تدخل جراحي وكسر حلقة الخلل الإداري وتعيين قيادة جديدة وبالتالي إجراء تغييرات في البيئة الداخلية المؤسسية لإدارة المطار. كثير من الأجهزة الحكومية لا تختلف كثيراً عن إدارة مطار الملك عبدالعزيز من حيث الأخفاق في القيام بدورها، وبعضها تم تغيير قياداتها دون تحسن يذكرفي واقعها، فالبيئة الداخلية المتأصلة أحياناً تكون أقوى من قدرة القائد الجديد على التغيير، فما يلبث أن يستسلم للأمر الواقع ويصبح جزء من تلك البيئة، وتكمن أكبر عقبة في قدرة القائد الجديد على التغيير في محدودية سلطته التنفيذية على الإستغناء والتوظيف في المراكز القيادية في مؤسسته، فكثير من تلك التغييرات تستلزم موافقات أعلى أو يحدها عدم وجود وظائف شاعرة يستطيع أن يناقل بها الموظفين غير الفاعلين، وحتى عدم القدرة على إلزام الموظف بالتقاعد المبكر. معظم التغيير الذي يؤثر في فاعلية المؤسسة المراد إصلاح خللها الإداري يكون في الوظائف العليا والتي تتمثل في المراتب بين (12-15) من مراتب سلم موظفي الدولة، وعادة ما يكون شاغل تلك المراتب قد أمضى في العمل مدة لا تقل عن 15 سنة ومعظم شاغليها قد أمضى ما يزيد عن 25سنة، وهو ما يقود للاعتقاد بأن الأمن الوظيفي لمثل هؤلاء لم يعد الشغل الشاغل، لذا لو نظرت وزارة الخدمة المدنية في وضع تنظيم يتيح للمسؤول الأول في القطاعات الحكومية إلزام الموظف في تلك المراتب على التقاعد المبكر القسري عندما تنخفض فاعليته، فلربما كان في هذه التنظيم حافز للفاعلية وحافز للتغيير، فالخدمة العامة باتت تستلزم الفاعلية وباتت تقترب كفاءاتها من كفاءات القطاع الخاص وربما كان من المناسب تغيير سلم رواتب تلك المراتب والتي عادة ما تشغل بقيادات مؤثرة لتكون قريبة المنافسة مع القطاع الخاص بحيث يحدث نوع من التبادل بين القطاع الخاص والعام في طبيعة القيادة الإدارية. مقالات أخرى للكاتب التحصيل لا يعني الإجادة هيكلة سوق العمل ستولد وظائف لنمنع الفوضى الخلاقة داعش لن تكون النهاية التهيئة للحج والعمرة