×
محافظة حائل

هيئة حائل تصادر ملابس تحمل عبارات ورسوم «داعشية» بأحد المحلات

صورة الخبر

*هل لا تزال المسألة الثقافية مطروحة في بلداننا العربية اليوم؟ بعبارة أخرى ،هل هناك ما يصوّغ الحديث عن المسألة الثقافية عربياً على ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة بين الفينة والأخرى؟. أعتقد أن الإجابة واضحة كالشمس في رابعة النهار؛ فالثقافة العربية تواجه اليوم ، كما في الأمس القريب والبعيد، تحديات خطيرة ومخيفة تتهدّد الهوية والكينونة الثقافية والحضارية للأمة، وقد باح بتلك الأسرار وعبّر عن هواجسها نخبة من المثقفين والمفكرين الذين رصدوا، في مشاريعهم الفكرية، مظاهر وظواهر تشي في مجملها بالخطر والقلق، ويمكن الحديث عن فواصل تعتبر مفاصل في صميم هذه المسألة، مثل: الغزو الفكري، التمويل الثقافي، التخطيط الثقافي، السياسة الثقافية، تسليع الثقافة، التحديات المستقبلية في أفق الثقافة المنظور على ضوء المتغيرات التي تشهدها المنطقة العربية. لقد نافح المفكر الراحل محمد عابد الجابري في مشروعه الفكري عن الثقافة العربية وفكك بناها ودرسها بعمق وتحدث عن التحديات التي تواجهها ضمن تشريحه للخطاب العربي والمسألة الثقافية في الوطن العربي، ويبدو أن طرح الجابري ورؤيته البصيرة لم تخب، حين تحدث بمرارة عنالغزو الفكري، والاجتياح الثقافي، وهشاشة الحصانة، بل انعدام التحصين الكافي في مواجهة الهجمة الفكرية الاستعمارية الغربية التي لا تبقي ولا تذر. وقد ساير الجابري وجايله كوكبة من المفكرين العرب الذين أماطوا اللثام عن أبرز التحديات المحرجة والمصير القلق للثقافة العربية انطلاقاً من إعادة قراءة التراث بشروط ورؤى وأدوات معرفية ومنهجية تتوخى تقييم مرحلة التأسيس للثقافة العربية. في غمرة تلك المخاوف يبدو إيقاع الثقافة في بعض البلدان العربية رتيباً وبطيئاً وهادئاً وثابتاً ومملاً وكئيباً في بعض حالاته، ومعرضاً، أكثر من غيره، للتأثر بتلك الهجمة إن لم يقع تحت طائلها، بل ثمة تغريب لغوي واضح وممنهج، وتعزيز لثقافة الآخر والتكريس لها بوعي أو غير وعي. في المقابل الذين ينادون بالوقوف في وجه التغريب والهجمات الفكرية الموجهة نحو بلداننا لا تتجاوز أفكارهم في الغالب مجرد البوح والتعبير عن الهواجس والمخاوف وهذا أمر طبيعي ووارد، لكن يبقى تحصين مجتمعاتنا لغوياً وفكرياً أمراً لا مندوحة منه لمواجهة هذا السيل الجارف والمتعمد. وإذا تجاوزنا الوقوف عند توصيف ذلك الواقع وما يطرحه من أسئلة حائرة ومعلقة في بعض الأحيان، والتي يلهج بها هذا الكاتب أو ذاك وفاءً لقضيته وتمسكاً بآخر خيط أمل قد ينتشلها من هاوية سحيقة، يمكننا أن نقول إن تحصين المجتمعات لا يكون بين عشية وضحاها وفهم المخاطر لا يعني بالضرورة القضاء عليها وحسن النيات لا تكفي أو تجدي نفعاً في تغيير الواقع، بل لا بد من إفراد دراسات جديدة تعنى بالبحث في المخاطر والتحديات التي تواجه الثقافة العربية وتستند في خلاصاتها إلى معطيات دقيقة بإمكانها أن تفيد أصحاب القرار في وضع خطة لمواجهة الخطر.