×
محافظة المنطقة الشرقية

وفاة شخصين إثر حريق شقة سكنية بالخبر

صورة الخبر

أقرأ حالياً كتابا جميلا جداً بعنوان "ثمن الصمت" The Price of Silence بقلم ليزا لونج Liza Long تركز فيه على الصمت عن الأطفال الذين يتسمون باضطرابات سلوكية خطيرة قد تؤدي في النهاية لارتكابهم جرائم قتل كما يحدث فى أميركا اليوم، وكما حدث مؤخراً في جامعة ولاية أورجن وولاية أريزونا وغيرهما من جرائم القتل في السابق. وأميركا تأتي في الصدارة من حيث هذا النوع من الجرائم التي يقوم فيها المراهق أو الشاب في مقتبل العمر بحمل السلاح ويخرج ليطلق النار بشكل عشوائي. ولست هنا بصدد الحديث عن هذه الجرائم التي توجد فى كل مجتمع بنسب مختلفة، ولكنني أريد أن أوضح فعلاً أن هناك ثمنا للصمت يدفعه المجتمع والأبرياء الضحايا وحتى نفس المجرم الذي تنتهي به الحال إلى القتل وإما لاحقا الانتحار أو السجن أو حتى الإعدام. وثمن الصمت هذا موجود لدينا حتى في حالة الإرهابيين الذين أعتقد ومن وجهة نظري الخاصة أنهم أيضاً ضحايا لاضطراب سلوكي عانوا منه منذ طفولتهم ولكننا للأسف لم نبحث هذا الموضوع بحثاً كافياً، فعلى سبيل المثال من الشائع أن من يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه قد ينتهي به الأمر إلى ارتكاب جريمة. ولكل مجرم في كل مجتمع طريقته الخاصة للتعبير عن عدوانه. المهم الكاتبة ترى أن وصمة العار الملتصقة بالأمراض النفسية هي السبب الأول في سكوت الأهل وعدم اتخاذ الوالدين موقفا صارما من سلوك أبنائهم فما زلنا حتى يومنا هذا نتعامل مع الأمراض النفسية بخجل وحساسية زائدة، فالأسرة تخفي تماماً أن لديها مريضا نفسيا، والمجتمع لا يتفهم أن المرض النفسي مثله مثل المرض الجسدي قد تسببه بعض العوامل الوراثية وليس للأسرة دخل في صنعه وهذا يسبب للأسرة الكثير من الإحراج. مثلاً اضطراب التوحد فحتى فترة قريبة كان المتهم الأول فى المرض هو الأم وأطلق على أمهات هؤلاء الأطفال الأمهات الثلاجة Refrigerator Mothers بمعنى أن أم الطفل التوحدي تتسم بالبرود العاطفي وهذا ما سبب للطفل الاضطراب. وهذا سبب يدفع الأمهات بالذات إلى إخفاء الاضطراب النفسي عن أعين المجتمع، ولذلك نجد مثلا وعلى مستوى الدول أن نسبة انتحار اليابانيين هي الأعلى فى العالم بسبب وصمة العار فهناك ارتباط كبير بين الانتحار والاصابة بمرض نفسي. كما أننا نتعامل مع المرض النفسي باختلاف تام عن تعاملنا مع المرض الجسدي، فلو حصل لشخص نزيف طلبنا الإسعاف ولو انتاب شخص ما نوبة غضب عارمة اتصلنا بالشرطة. إننا نجمع التبرعات لمرضى الكلى والسرطان ولكن لا نجمعها للمرضى النفسيين. وحتى تفسيرنا للمرض النفسي يختلف عن تفسيرنا للمرض الجسدي، فعلى سبيل المثال قد يفسر اضطراب الاكتئاب بأنه خطيئة ارتكبها الفرد ونقص فى دينه، وبالتالي نُشعره بمزيد من الذنب، والوسواس مس من الجن. والمشكلة أننا لو فسرنا الأمراض النفسية بتفسيرات فسيولوجية لاختلفت نظرتنا لها. كما أن تعاطفنا مع مريض الكلى والسرطان وغيرهما من الأمراض الجسدية آكبر منها في الأمراض النفسية. في النهاية نحتاج حقاً إلى محاربة وصمة العار التي تلتصق بالمريض النفسي وأسرته وبالذات الأمهات، فنكون بذلك عوناً لهن لا عليهن. لمراسلة الكاتب: hatallah@alriyadh.net