أعلن الأحد عن نتائج مسح لوضع المشافي في المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام السوري وتنظيم الدولة الإسلامية، الذي قدم صورة قاتمة فاقمها استهداف الطيران الروسي لهذه المشافي، مثل مشفى "أطباء بلا حدود" في ريف اللاذقية، ومشفى اللطامنة والمشفى التخصصي في كفرزيتا بريف حماة الشمالي، وغيرها. وفي مدينة غازي عينتاب أُعلن عن نتائج مسح قام به اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية (UOSSM) ومنظمة أطباء عبر القاراتفي أغسطس/آب الماضي، والذي سيستخدم أساسا للتنسيق بين المنظمتين، ومرجعا متوفرا لتقييم الاحتياجات للنظام الصحي في تلك المناطق. وشملت الدراسة 113 مشفى من مختلف الاختصاصات من أصل 124 في المناطق التي مسحت في شمال ووسط وجنوب سوريا، حيث تضمن التقريرمعلومات عن أعداد المشافي، وطريقة توزعها، وأنواع الخدمات المتوفرة فيها، وعدد المعدات وحالتها التشغيلية والوظيفية، ومدى توفر الدعم المالي والكوادر البشرية. وأظهرت أن42 مشفى فقطتقدم خدمة العناية المركزة الجراحية، و26 فقط تضم قسما للأطفال، مشيرة إلى أن الخدمات المقدمة قليلة بالنظر إلى حجم الاحتياجات، حيث تنعدم العيادات الخارجية المتخصصة بالجراحة القلبية، وتندر عيادات الدعم النفسي والاجتماعي، ويقل عدد الجراحين والكوادر الطبية على وجه العموم. وأشار المسح إلى إشراف أطباء غير مختصين على عيادات كلوية وعصبية -نتيجة عدم وجود مختصين- مع ندرة هذه العيادات في المشافي المشمولة بالمسح. زيدان الزعبي المدير التنفيذيلاتحاد منظمات الرعاية والإغاثة الطبيةفي حديث مع الجزيرة نت، عد هذه الدراسة "نقلة نوعية في تحديد الاحتياجات الطبية، وكيفية الاستجابة المخططة والممنهجة لها"، مشيرا إلى أن الدراسات السابقة كانت تتم بناء على معلومات عامة، موضحا أنه بات لدى المؤسسات الطبية بيانات بكل المشافي العاملة في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، وعدد المستفيدين منها، ومواردهاالبشرية، وتجهيزاتها الطبية. جزء من نتائج المسح (اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبيةومنظمة أطباء عبر القارات) دقة وتحديثات من جانبه أكد محمد المصري، المدير القطري لبعثة منظمة أطباء عبر القارات في تركيا للعمل من أجل سوريا، أن المبادرات المشابهة التي أجريت قبل هذه الدراسةلم تكن بهذا القدر من حيث دقة المعطيات والتغطية الجغرافية، مشيرا إلى أن تحديثات ستجرى عليها كل ثلاثة أشهر كونها نقطة مرجعية لتحديد أولويات الاستجابة الطبية. ودأبت قوات النظام على استهداف المراكز الصحية منذ بدء الثورة السورية، وتوثق الشبكة السورية لحقوق الانسان دوريا الاعتداءات على المراكز الصحية التي أدت إلى تدمير عدد منها، ومقتل كوادر، ومغادرة عدد كبير من الأطباء للبلاد، مما أدى إلى تراجع المنظومة الصحية، وهذا ما يؤكده الزعبي، مشيرا إلى أن هناك تعاونا بين منظمات المجتمع المدني، ومديريات الصحة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام لإعادة بناء النظام الصحي مبديا تفاؤله بتحقيق تقدم رغم الحرب. كما قام الطيران الروسي منذ بدء عملياته في سوريا وقصفه للمدن والبلدات أواخر سبتمبر/أيلول الفائت باستهداف مراكز صحية، حيث استهدف مشفى "أطباء بلا حدود" في ريف اللاذقية، ودمر الاحد والاثنين مشفى اللطامنةوالمشفى التخصصي في كفرزيتا بريف حماةالشمالي، وكانا آخر نقطتين طبيتين في ريف حماة الشمالي، كما قصفي مشاف ونقاطا طبية في ريفي إدلب وحلب. وحمّل المحامي عبد الناصر حوشان -وهو محام مهتم بتوثيق انتهاكات قوات النظام- الحكومة الروسية المسؤولية القانونية عن هذه الجريمة، لأنها ضربت بعرض الحائط معاهدة جنيف الرابعة للعام 1949 التي تنص على أنه "لا يجوز بأي حال الهجوم علي المستشفيات المدنية المنظمة لتقديم الرعاية للجرحى والمرضى والعجزة والنساء النفاس، وعلى أطراف النزاع احترامها وحمايتها في جميع الأوقات". ويشير مدير صحة حماة في الحكومة المؤقتة حسن الأعرج في حديث مع الجزيرة نت، إلى أن الوضع الأمني هو أكبر عائق أمام القطاع الطبي لأنه يفرض واقعا سيئا على الخدمات لجهة الكوادر والمعدات، ويؤدي إلى تقلص الخارطة الطبية الجغرافية، فضلاً عن تبدد الكتلة البشرية نتيجة القصف وامتدادها على مسافات طويلة، وهو ما يفرض تحديات لتامين الخدمة الطبية لها.