كتب - سميح الكايد : نظم مركز الدراسات الإستراتيجية للقوات المسلحة القطرية أمس منتدى الدوحة الدولي للسياسات الإستراتيجية الرابع 2015 تحت عنوان "قضايا الشرق الأوسط بين السياسات الإقليمية والدولية.. التأثر والمؤثر". وافتتح سعادة اللواء الركن سند علي النعيمي أعمال المنتدى بالترحيب بالمشاركين في المؤتمر الذي يأتي في سياق ما تعيشه منطقة الشرق الأوسط من حالة توتر واضطراب، وأبرزها التدخل الروسي في سوريا وإرباكه للمشهد السياسي ولخريطة التوازنات الإستراتيجية. وقال: إن شعوب المنطقة ترى نفسها خارج المواثيق الدولية التي تكفل لها الحماية على عكس إسرائيل، كما أن الدول المتدخلة في الشرق الأوسط ليست لديها الجديّة في مواجهة الإرهاب، حيث إن أكثر عمليات القوى الدولية الكبرى تدعي مواجهة الإرهاب، لكن هذا يزيد القوى المتطرّفة توسعًا، ويوسّع سيطرتها على الأراضي. وتطرّق إلى أهمية أن يخرج المؤتمر بتوصيات بنّاءة تستشرف المستقبل، وقال إن قطر من أهم وأنشط دول المنطقة، خاصة بعد ما حققته من منجزات تنموية وحضارية، لكن هناك من تصدّى لهذه المنجزات وواجهها، فقطر ليست دولة شعارات، ولم تكتف بالدور الدبلوماسي فقط، بل بالعمل على الأرض مع الشعوب، وهو ما كلفها أموالاً طائلة وجهودًا ضخمة. وأضاف أن مشاركة قطر في "عاصفة الحزم" تبعث رسالة إلى الجميع، مفادها أن أمن دول الخليج لا يمكن العبث به، لأنه كل لا يتجزأ. أندري كورتينوف: لا يمكن لروسيا إلغاء نفوذ أمريكا بالمنطقة أشاد الدكتور أندري كورتينوف، مدير عام مجلس العلاقات الدولية الروسية رئيس المؤسسة الآورو- آسيوية الجديدةن بالدور القطري إزاء مختلف الأحداث الإقليمية. وقال: إن التحديات والمشاكل التي تشهدها المنطقة تتطلب ضرورة العمل من أجل معالجتها من قبل دول المنطقة، متسائلاً: هل روسيا جزء من الحل أم هي جزء من المشكلة؟ وأضاف: إن التدخل الروسي في سوريا ليس لدعم بشار الأسد، بل للحفاظ على وضع الدولة السورية، لأن موسكو متخوفة جدًا من حالة عدم الاستقرار والفوضى. وحول الدور الأمريكي المفترض بالمنطقة أقر السياسي الروسي بأنه لا يمكن لروسيا إلغاء نفوذ أمريكا بالمنطقة رغم أنها من المفترض وفقًا للانطباع العام أنها ضد الوجود الأمريكي بالمنطقة. وتساءل هنا بالقول هل من مصلحة روسيا إخراج أمريكا من المنطقة ؟، ليجيب ويقر بالقول: ليس من مصلحة روسيا ذلك بل من مصلحة الروس بقاء أمريكا بالمنطقة لأطول مدة ممكنة كما الحال في أفغانستان، وفي هذا الإطار قال: لدينا سجل إيجابي مع أمريكا يظهر رغبة روسيا ببقاء أمريكا بالمنطقة وهناك تعاون بيننا وظهر ذلك في مسألة السلاح النووي السوري. وحول عدم دعم روسيا للتحالف الذي تقوّده واشنطن ضد داعش قال: إن بلاده لا تريد أن تكون جزءًا من هذا التحالف لأن موسكو لا تتفق مع الأساليب التكتيكية للتحالف. انثيني كورد سمان: تخبط في السياسة الأمريكية إزاء قضايا المنطقة قال البروفيسور الأمريكي انثيني كورد سمان خبير السياسة الأمريكية الخارجية: إن على أمريكا التزامات كبيرة في المنطقة الشرق أوسطية وآسيا، الأمر الذي أثر على بعض محطات مسارها السياسي الخارجي حيث شعر معها البعض وجود تراجع وتباين في هذه المواقف السياسية الأمريكية في ضوء التعامل مع مختلف قضايا المنطقة العربية. وحاول كوردسمان الدفاع عن هذه السياسة الأمريكية رغم إقراره بوجود تخبّط في بعض الأحيان أن الولايات المتحدة أعطت منطقة الشرق الأوسط نفس الأولوية التي قدّمتها لآسيا وتعاملت مع قضايا المنطقة بنفس الميزان على حد تعبيره عازيًا هذا التوازن إلى ما أسماه الالتزام الأمريكي مع دول الخليج. وقدّم مثالاً على ذلك بالقول: إن الوجود الأمريكي في العراق يؤكد هذا الالتزام بالعمل على استقرار دول الخليج من خلال التحالف معها، لافتًا إلى أن انتشار القوات العسكرية الأمريكية لمواجهة الاضطرابات والتحديات يعتمد بالدرجة الأولى على موقف حلفائنا في الخليج، وذلك لضمان ردع أي تهديد إيراني، وقد حققنا تقدمًا لافتًا في هذا الخصوص. وتساءل: إلى أي مدى طبقت إيران نصوص الاتفاق النووي، وهل مجموعة 5+1 ستلزم إيران بتطبيق بنود الاتفاق؟ وعند ذلك سيتم رفع العقوبات خلال فترة تتراوح بين 6 أشهر إلى سنة. وقال هناك تحوّلات بالمنطقة وستقوم الولايات المتحدة على ضوء ذلك بتحديث قدراتها العسكرية التطورية وهذه من ثوابت واشنطن مع الحلفاء بالمنطقة للنجاح في التعامل مع التحديات والمشاكل التي تشهدها المنطقة، إذ أن هناك تهديدات كبيرة من قبل جهات متطرّفة مثل تنظيم داعش إضافة إلى المشاكل الداخلية العديدة التي تشهدها بعض دول المنطقة مثل سوريا والعراق واليمن وليبيا. وفي هذا الإطار استبعد حدوث حلول سريعة وسهلة لمواجهة هذه المشاكل من وجهة النظر الأمريكية قائلاً: نحن قلقون جدًا إزاء الأزمة السورية فهذا البلد من الصعب حل أزمته بسهولة وإعادة عافيته له، فهناك أربع مجموعات وقوى تقاتل على مصير سوريا. وقدّم عرضًا رقميًا لما آلت إليه الأزمة السورية من قتل ودمار وتهجير، لافتًا إلى وجود 7 ملايين نازح سوري و12 مليون سوري يعانون من أزمات داخل سوريا و4 ملايين لاجئ، وهناك تدهور اقتصادي سوري كبير وهناك ما بين 250 ألفًا - 300 ألف جريح وهذا كله لا يمكن علاجه بالمفاوضات وحدها، فعملية إعادة إعمار سوريا تتطلب مليارات المليارات، وكذلك فإن أي خطة من أجل تحقيق ذلك التحدّث مع قيادة سورية واحدة وليس مع قوى متنازعة عليها. وفيما يتعلق بالوضع العراقي أشار إلى أن الغزو الأمريكي كما يراه الآخرون ألحق الدمار بالعراق وأجج الصراع الطائفي، وهنا قدّم صورة قاتمة وسيئة للمشهد السياسي العراقي، قائلاً: بداية إن تاريخ العراق تاريخ حافل بالفشل التنموي والسياسي، لافتًا إلى أن رئيس وزراء العراق السابق نور المالكي هو نموذج حي لهذا الفشل السياسي والتنموي العراقي، فقد خلق هذا الشخص خلال فترة رئاسته حربًا طائفية وعداء مستفحلاً بين السنة والشيعة والأكراد، ورغم أن العراق بلد نفطي غني إلا أن مثل هذه السياسة جعلته فاشلاً اقتصاديًا وتنمويًا، وفي تقديري النظام الاقتصادي العراقي بسبب ذلك هو أسوأ نظام بالعالم، كما أن هناك بالعراق ترهلاً إداريًا بل فشلاً سياسيًا، ومصير العراق في ضوء ذلك المشهد بات غير واضح، هناك داعش وهناك أكراد وشيعة وسنّة وهناك قتال ودم وقتل ودمار في كل مكان بالعراق. لي تشيوانغ: سياسة الغرب بالمنطقة عمل إجرامي تخريبي قدّم البروفيسور لي تشيوانغ، كبير خبراء مشروع المؤسسة الوطنية للعلوم الاجتماعية لإصلاح نظام الدعاية للحزب الشيوعي الصيني، صورة واضحة للدور الصيني في المعادلة الشرق أوسطية خاصة في سوريا، عكس من خلاله الدعم الصيني لنظام بشار الأسد. وقال: إن منطقة الشرق الأوسط تشهد اضطرابات في إطار حرب طائفية طاحنة وهناك امتعاض غربي من موقف الصين، بينما ترى الصين أن سياسة الغرب بالمنطقة عمل إجرامي تخريبي، فمثلاً الأمريكان يرمون حجارة السلام ومن ثم يقومون بسحق المنطقة كما حدث في العراق وأفغانستان وسوريا. ولفت هنا إلى أن سبب استخدام الصين للفيتو لصالح النظام السوري يأتي من أجل إحقاق السلام بالمنطقة. وأشار إلى أن الصواريخ الأمريكية المفترض أنها ضد الإرهاب في سوريا دمّرت 33% من الشعب السوري وهجّرت الملايين وأدت إلى ظهور جثة طفل سوري على شواطئ تركيا. وقدّم نبذة عن تحوّل الصين الديمقراطي والعمل على إنشاء نظام عالمي جديد قائلاً: إن السلام هو مبادرة الصين من أجل العالم وكذلك إحياء طريق الحرير الجديد والذي من شأنه أن يمكّن الصين من خلق شراكات مع الدول الإسلامية لجعل الحلم الإسلامي والصيني واقعًا.