اعتبر أمس يوما انتخابيا دوليا استثنائيا مع توجه ملايين من الناخبين إلى صناديق الاقتراع من أوكرانيا والأرجنتين وبولندا، مرورا بتنزانيا وساحل العاج وتاهيتي، وانتهاء ببولندا، من دون إغفال الانتخابات المحلية في سلطنة عمان، للإدلاء بأصواتهم في انتخابات رئاسية وبرلمانية. ففي كييف، انتقد الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو إلغاء الانتخابات المحلية في مدينة ماريوبول الواقعة شرق أوكرانيا، ووصفه بأنه شيء كارثي. ودعا بوروشينكو أمس للتحقيق وأمر البرلمان بتحديد موعد جديد للانتخابات سريعا. وكانت مراكز الاقتراع في مدينة ماريوبول وكذلك مدينة كراسنوارميسك ظلت مغلقة بسبب أخطاء في أوراق الاقتراع. يذكر أن كلتا المدينتين تقع في الجزء الشرقي من البلاد الذي تسيطر عليه قوات الحكومة الأوكرانية. وتبادل تكتل بوروشينكو وتكتل المعارضة الموالية لموسكو، والتي تحظى بشعبية كبيرة في ماريوبول، الاتهامات بـ«تقويض الانتخابات». واعتبر الموالون لروسيا أن هذا الفشل يشكل «تهديدا لعملية السلام» في الشرق الانفصالي. وطبعت البطاقات في مطبعة صحيفة «بريازوفسكي رابوتشيي» التي يملكها رجل الأعمال الأوكراني رينات أحمدوف، الذي كان مقربا من الرئيس السابق فيكتور يانوكوفيتش الذي أطيح به في فبراير (شباط) الماضي بعد ثلاثة أشهر من حركة احتجاج نظمها المؤيدون لأوروبا. فيما عدا ذلك، توجه الناخبون الأوكرانيون إلى مراكز الاقتراع في أنحاء البلاد في انتخابات إقليمية يتوقع فيها أن تختبر قبضة الحكومة الاتحادية الموالية للغرب، على السلطة. وكانت المؤسسة البحثية «كارنيغي يوروب» قد قالت الأسبوع الماضي إن «الانتخابات من المرجح أن تعزز المسافة بين السياسة المحلية والإقليمية من جانب، والسياسة الوطنية من الجانب الآخر، مما يجعل من الصعب على الائتلاف الحاكم الواسع في كييف، أن يحكم». وأضافت المؤسسة أن «الأوكرانيين ينأون بأنفسهم بشكل كبير عن السياسة الوطنية، ويشعرون بالإحباط بسبب الافتقار إلى تقدم ملموس في الإصلاحات والافتقار إلى معلومات بشأن عملية الإصلاح الحالية» مشيرة إلى أن 75 في المائة من الأوكرانيين قالوا إنهم قد يدلون بأصواتهم. غير أن دراسة مستقلة أخرى أظهرت أن معظم الأوكرانيين لم يتوقعوا أن الانتخابات ستغير الوضع الراهن بشكل كبير. وفي بوينس آيرس، أدلى الأرجنتينيون بأصواتهم أمس لانتخاب رئيسهم المقبل بين مرشح اليسار الوسط دانييل سكيولي أو المحافظ ماوريسيو ماكري بعد اثني عشر عاما من حكم نيستور وكريستينا كيرشنر. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن سكيولي المدعوم من الرئيسة الحالية كريستينا كيرشنر وائتلافه اليساري «حزب الجبهة من أجل النصر» هو الأوفر حظا للفوز. فهذا الطيار السابق لدى شركات «أوف شور» يتقدم بنحو عشر نقاط على منافسه الرئيسي ماوريسيو ماكري رئيس بلدية بوينس آيرس منذ 2007. وسيتسلم الرئيس المقبل مهامه في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، إن حقق فوزا من الدورة الأولى وحصد 45 في المائة من الأصوات، أو فقط 40 في المائة إن كان الفارق الذي يفصله عن المرشح التالي بلغ عشر نقاط. وفي وارسو، بدأ البولنديون الاقتراع أمس، لانتخاب برلمان جديد في استحقاق يتوقع أن يقود المعارضين المحافظين الكاثوليك إلى السلطة بعد ثماني سنوات من حكم الليبراليين الوسطيين. وعند افتتاح مكاتب الاقتراع في وسط وارسو كان عدة أشخاص ينتظرون في الخارج، بعدد أكثر بكثير من الانتخابات الرئاسية في مايو (أيار) الماضي. وقال متقاعد لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «سأنتخب القانون والعدالة (محافظ، معارض) لأنني لا أريد أن يواصل الألمان حكمنا». وتكمن المسألة الأهم في انتخابات بولندا التي يعتبر اقتصادها من الوزن الثقيل في وسط أوروبا، في معرفة إن كان حزب كاتشينسكي «القانون والعدالة» الحريص على التقاليد، سيتلقى الدعم الكافي للحكم بمفرده، أو ما الأحزاب الأخرى التي ستمثل في البرلمان الجديد. وتشير الاستطلاعات إلى أنها قد تكون بين اثنين و7 أحزاب. وتمنح جميع استطلاعات الرأي تقدما لـ«حزب القانون والعدالة» من عشر نقاط على الأقل مقارنة بالليبراليين الوسطيين في المنصة المدنية التي استنفدت شعبيتها في ثماني سنوات في الحكم، وتخلى عنها زعيمها الذي يتمتع بشعبية دونالد توسك الذي يرأس اليوم مجلس أوروبا. وتفسر هذه النتيجة بحملة ديناميكية ولو أنها تلجأ إلى حجج كارهة للأجانب وكثير من الوعود الصعبة التحقيق على غرار تخفيض الضرائب وسن التقاعد وزيادة المساعدات العائلية. وفي صوفيا، شارك ستة ملايين بلغاري أمس، في استفتاء حول إمكانية إدلاء الناخبين مستقبلا بأصواتهم بطريقة إلكترونية. وجرى اقتراع على اختيار رؤساء المدن ورؤساء البلديات. وقد تقدم لشغل هذه المناصب في بلغاريا، وهي أفقر دول الاتحاد الأوروبي، 42 ألف مرشح. وتخوض هذه المعركة الانتخابية عن العاصمة صوفيا، رئيسة المدينة الحالية جوردانكا فانداكوفا، وهي من حزب رئيس الوزراء الحالي بويكو بوريسوف، من أجل ولاية ثانية. وفي ساحل العاج، يتوقع أن يفوز الرئيس الحسن واتارا بولاية ثانية، وتعد هذه الخطوة ضرورية لإسدال الستار على أزمة سياسية انتهت بحرب أهلية في عام 2011. ويواجه واتارا الذي قاد بلاده إلى احتلال موقع متقدم اقتصاديا بين الدول الأفريقية، معارضة منقسمة، لكن مقاطعة جزئية وافتقار الناخبين للحماس يمكن أن يؤديا إلى ضعف الإقبال. وسجل أكثر من ستة ملايين من أبناء ساحل العاج أسماءهم للإدلاء بأصواتهم في نحو 20 ألف مركز اقتراع، وبدأ التصويت رسميا أمس. وفي برازافيل، عاصمة جمهورية الكونغو، بدأت عملية التصويت ببطء في استفتاء لتحديد ما إذا كان يمكن للرئيس دينيس ساسو نغيسو الترشح لفترة رئاسية ثالثة في الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل. ونغيسو هو أحدث رئيس أفريقي يحكم منذ فترة طويلة يسعى لاتخاذ خطوة قانونية لإطالة فترة بقائه في السلطة. وفي تنزانيا، بدأ الناخبون في الإدلاء بأصواتهم، في انتخابات رئاسية وبرلمانية أمس. ومن المتوقع أن يفوز فيها الحزب الحاكم على منافسين بزعامة رئيس الوزراء السابق إدوارد لواسا الذي استفاد من غضب متصاعد من الفساد وبطء وتيرة التغيير. ويواجه حزب «تشاما تشا مابيندوزي» الذي يحكم تنزانيا منذ أكثر من 50 عاما ضغوطا متزايدة للتعجيل بتنمية موارد تنزانيا الكبيرة من الغاز الطبيعي لحفز النمو الاقتصادي وتخفيض معدلات الفقر المرتفعة. وتتوقع استطلاعات للرأي ومحللون أن يفوز مرشح الحزب الحاكم جون ماجوفولي بمنصب الرئيس، لكن كثيرين يتوقعون تراجع أغلبية الحزب في البرلمان بعد توحد المعارضة وراء مرشح واحد لأول مرة. وخلال فترة الاستعداد للانتخابات اتهمت المعارضة الحزب الحاكم باستغلال مؤسسات الدولة لتزوير الانتخابات وترهيب أنصارها، وهو ما نفته الحكومة. وفتحت مراكز الاقتراع في هايتي أبوابها لاختيار رئيس وبرلمان جديد، أملا في إنهاء حالة الجمود السياسي التي تشهدها البلاد. ويحق لستة ملايين ناخب الإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات التي تعد إنجازا كبيرا في حد ذاتها. وفي الشق التشريعي من الانتخابات، يختار الناخبون ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، المؤلف من 30 مقعدا، وكل أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 119 عضوا. وكانت جولة أولى من الانتخابات البرلمانية قد أجريت في 9 أغسطس (آب) الماضي وانتهت بحسم القليل من المقاعد. وتعد انتخابات أمس، حاسمة من أجل استعادة الفصل بين السلطات.